إضاءة على الحياة..

إضاءة على الحياة.. / #عيسى_شبول ابو حمزة

هل الحياة التي نعيشها مستاهلة كل هذا النهم وكل هذا التخبيص، إن جاز التعبير..عندما يُفكّر أحدنا أنه مُخلّد في هذه الدنيا الفانية،ويتصرّف بناءً على ذلك ويحرص على جمع المال، من الحلال والحرام والمشبوه، لا يهم، أهم شيء الأرصدة تمتلىء والكروش تنتفخ، والعقول في غفلةٍ مُطبقة،،وتمر السنين، سنة تلو سنة وهو يراوح مكانه ولا تبديل(كالحمار يدور في الرحى)..لكن لا محالة،،فجأة يهجم الموت بكل وضوحه وبكل بشاعته، تأتي لحظة الفراق الحقيقية،سيترك أمواله وأرصدته ومزارعه وشققه وعقاراته، سيتركها جميعها من حِلّه وحرامه،،سيترك أحلامه وتمنياته..لو قُدِّرَ للميت أن يُسأل عن الوقت الإضافي الذي يحتاجه لتنفيذ مشاريعه وأحلامه سيرد بكل وضوح أنه فعلا لم يفعل بعمره شيء وأنَّ كل مشاريعه كانت على الإنتظار!! سيترك هذا الميت كل شيء قسراً،،كل شيء، جلساته وطشّاته وتعاليله وبدلاته الماركات ونظاراته ومحفظته وجواز سفره وهويته الشخصية ومفاتيح سيارته وفراشه الوثير،سيترك مخدّته التي كان لا ينام الا بها ويستبدلها بحفنات من التراب في قبره،،ستمر أيام وأسابيع وأهله يتلوعون على فراقه وستمر شهور وسنين واللوعة تفقد بريقها ويتعوّد أولاده وبناته على فراقه، وبالنتيجة تكون تركته قد قُسمت والقواشين قد تغيرت أسمائها بكبسة واحدة على الكمبيوتر من قبل موظف دائرة الأراضي، وبدل القواشين التي كانت تحمل اسم المُتوفى تصدر قواشين جديدة بشكلها الزاهي بأسماء الورثة كلٌ حسب حصصه ..فلان يأخذ الدار القديمة وفلان يأخذ المحلات التجارية وفلان يأخذ الأرض الفلانيّة وفلانة تأخذ السيارة والشقة الفلانيّة،،أما ملابسه وأحذيته فيمكن أن تُحرق أو على أحسن تقدير تُهدى لجمعية تقوم بتدوير الملابس المستعملة..بعد عشرات السنين يكون فلان الذي توفي (هكذا بدم بارد)نسياً منسيا،،لا يوجد شيئاً يذكّر أبناء أبناء أبنائه وبناته به،،حتى لو سأل أحدهم في سجلات الأحوال المدنية عن جد جده سيحاول موظف الأحوال خدمته وسيسأل الكمبيوتر، لكن الإجابة ستكون ,أنه لا يوجد أحد بهذا الأسم,…

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى