الأمن والأمان / جمال الدويري

الأمن والأمان

مصطلح مهم ملح الضرورة للجميع, كثر استعماله والتغني به في الآونة الأخيرة, وبشكل مفرط, ربما لأسباب أكثرها خطورة, حقيقة ان الانسان بطبعه وطبيعته, يكثر من ذكر المفقود, والحديث عمّا يحتاج, مع أملي الشديد, ان لا يكون الأمر كذلك في وطن أحببناه حتى الثمالة.
الأمن والأمان, مصطلح يقوم عليه في الواقع, سلم الدول وسلامة نسيجها الاجتماعي, اللذان يدفعان الى البناء والتنمية, وتعزيز ثقة المواطن بالقوانين والأنظمة والعدالة والمساواة بتطبيقها على الجميع, ودون تمييز, والطمأنينة على نفسه وأهله وممتلكاته ومستقبله, دون تحفظ او خوف, وبشكل يبعث على الراحة النفسية العامة والهدوء.
وبكل موضوعية الحديث وأمانة النقل, ودون ان احطّ من جهود العاملين على توفير الشعور العملي بالأمن والأمان في بلدي, سواء في الميدان, او التخطيط الاستراتيجي والإدارات المركزية والمتخصصة, فإنني لن أكن موضوعيا ان اغفلت عيشنا حقبة يشوبها الخوف والتحفز والكثير من التوجس من الغد الأمني, بل والساعة القادمة المجهولة, في ظل ما يصل الينا ويعيشه بعضنا, من قتل وأذى, وتعد صارخ على الحريات الشخصية والسلامة العامة والممتلكات, الى الفوضى المرورية العارمة وما يصاحبها من حوادث تودي بالحياة وتدمر الممتلكات وتطعن خاصرة السلم المجتمعي وأمن وأمان الوطن, الى المشاجرات الفردية والجمعية, واستخدام الأسلحة النارية المفرط, التي وصلت حتى الى جامعاتنا ومعاهد الصفوة في مجتمعنا, الى السطو المسلح على المؤسسات المصرفية, وغير ذلك الكثير, مما يجعل من شعورنا المفترض بالأمن والأمان, معنى هشّا يتهاوى بتسارع يجب ان يدق ناقوس الخطر لدى الجميع.
وأخيرا, فإن الأجهزة الأمنية الوطنية, وتعرض رموزها للتشكيك والاساءة من الكثيرين, والتي يساهم بتغذيتها, تجاوزات متكررة لبعض منتسبيها, للقوانين والأنظمة, بالتعامل مع المواطنين, وكذلك محاولات التشكيك بنظامنا الاجتماعي وبنية العشائر الاردنية, اللبنة الأولى في صرح الدولة, والتي طالما ساهمت باسناد أجهزة الدولة وظهرها, وحلت قضايا كانت تبدو عصية على الحل, باتت في مهب ريح المؤامرات والتشويه, وحتى بث الفتنة والفرقة بينها ونفخ كير الخلافات والعصبية القبلية والمشاجرات الشارخة لبناء المجتمع والعشيرة الكريم.
ومع احترامي لكل عشائرنا التي اقف منها على نفس المسافة والحب, والحرص على وئامها ولحمتها, وفي ظل هذه الظروف الدقيقة والحساسة, فلا بد من مضاعفة الجهود الأمنية, والالتزام بضوابط القوانين التحقيقية الناظمة, من منفذيها والقائمين عليها, اولا, والتحلي بالكثير من الحكمة والاحتكام الى روح القوانين وحدودها, توطئة للحقوق وتهدئة للأنفس, وكبحا لجماح الغضب الشخصي والاحتقان والسخط الشعبي لدى المتضررين وذويهم, ومتابعة لإجراءات التقاضي بنوعيها, القانوني والعشائري, لإعادة ضبط مؤشر الأمن والأمان والسلم المجتمعي, لا ان تودي به.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى