104 أعوام على “وعد بلفور المشؤوم” .. 74 كلمة شرّدت شعبا وسببت حروبا

سواليف – رصد

من وسط المآسي التي يعيشها سكان #غزة المحاصر، الذي لا يزال يعيش آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي انتهت قبل أشهر قليلة، والهجمات الاستيطانية الشرسة ضد #أراضي_الضفة، ومخططات بـ “الترحيل القسري” الذي تهدد #سكان #القدس_المحتلة، وعمليات الإعدام الميداني على الحواجز العسكرية، والهجمات الممنهجة ضد الأسرى، تطل الذكرى الـ 104 لـ “ #وعد_بلفور#المشؤوم، الذي مكن اليهود من احتلال #أرض_فلسطين، وطرد سكانها وهدم القرى والمنازل وارتكاب المجازر.

الوعد المشؤوم .. وعد من لا يملك لمن لا يستحق في 74 كلمة

​”إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي” (اللورد آرثر جيمس بلفور، وزير الخارجية البريطاني، 02 تشرين الثاني 1917)
وعد بلفور الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر جيمس بلفور في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917 يعتبر حجر الأساس في السعي لتجديد السيادة اليهودية على أرض إسرائيل.
في أول عمل من قبل لاعب دولي أساسي، اعترفت #بريطانيا العظمى رسميا بحق #الشعب_اليهودي الطبيعي في استعادة سيادته على أرض فلسطين وتعهدت بالسعي لتحقيق هذا الهدف. بعد شهر واحد، اي حوالي عام قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى، وضعت بريطانيا العظمى حدا للسيطرة العثمانية على الأرض المقدسة وبدأت بفرض سيطرتها على المنطقة.


الاعتراف الدولي بالحق التاريخي لليهود
بعد وعد بلفور تسارع اعتراف المجتمع الدولي بحق الشعب اليهودي. والشيء الأهم هو اعتراف عصبة الأمم (المنظمة السابقة للأمم المتحدة) بهذا الحق في قرارها الصادر بتاريخ 24 أيار 1922 بالانتداب (البريطاني) على فلسطين/ أرض إسرائيل. في إطار تلك الخطوة القانونية كلفت عصبة الأمم بريطانيا العظمى بالمسؤولة عن تنفيذ وعد بلفور، وتحقيق هدفه بـ “إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”. الانتداب، الملزم قانونيا من قبل عصبة الأمم، اعترف بشكل قانوني “بالارتباط التاريخي للشعب اليهودي” بالمنطقة التي تعرف بأرض إسرائيل.
تعهد المجتمع الدولي تجاه الشعب اليهودي
حوّل قرار عصبة الأمم وعد بلفور من تعهد سياسي لدولة كبيرة واحدة الى تعهد قانوني للمجتمع الدولي. وإن أهمية وعد بلفور وقرار عصبة الأمم اللاحق، تكمن في الاعتراف الدولي بحق الشعب اليهودي الطبيعي في وطن قومي على الأرض التي لم ينقطع وجوده عليها على مر العصور.
وينص وعد بالفور الذي صدر في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917 من قبل وزير الخارجية البريطاني، اللورد آرثر جيمس بلفور على أن: “حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

وقد عرضت الحكومة البريطانية نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، كما وافقت عليه كل من فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918.

وعلى أثر ذلك اتخذت الحركة الصهيونية الوعد، بمثابة مستند لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على وطن، رغم أن هذا الوعد أعطى وطنا لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين.

ووقت إعلان الوعد، الذي أعطى وطنا لليهود، كان عددهم في فلسطين نحو 5% من عدد السكان الأصليين، حيث كان عددهم فقط نحو 50 ألفا، من أصل 12 مليونا منتشرين في دول العالم، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يناهز 650 ألفا من المواطنين، فعمل الوعد على شطب حقوق الأغلبية المتجذرة في الأرض، مقابل أقلية قدمت من الخارج عبر هجرات غير شرعية.

ومثل وقتها الوعد أولى عمليات الدعم السياسي البريطاني الرسمي لليهود، وشجعت على هجرتهم من كافة أنحاء دول العالم إلى أرض فلسطين، حيث اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد المشؤوم، مستندا لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، حيث قامت العصابات الصهيونية في العام 1948، وبمساعدة بريطانيا، بعد إنهاء انتدابها لفلسطين، بشن حرب على الفلسطينيين العزل، وارتكاب العشرات من المجازر.

ويصادف يوم الثلاثاء الموافق الثاني من نوفمبر، الذكرى الأليمة لهذا الوعد المشؤوم، الذي صدر في العام 1917، عن حكومة بريطانيا، والذي أسس فيما بعد وتحديدا في العام 1948 لـ “نكبة فلسطين” التي قامت خلالها العصابات الصهيونية، بالهجوم على المدن والقرى الفلسطينية، لتهجر نحو 950 ألف فلسطيني من منازلهم بقوة السلاح والمجازر، بارتكاب مجازر “تطهير عرقي” وبمساعدة دول عظمى في مقدمتها بريطانيا.

تحركات فلسطينية
كما أسس ذلك الوعد المشؤوم لمآس لا يزال الفلسطينيون يعيشون واقعها، وتزداد مرارتها يوما بعد يوم، فبعد النهب والهدم الذي طال 530 قرية فلسطينية في العام 1948، قام جيش الاحتلال في العام 1976، بحرب أخرى احتل خلالها ما تبقى من أرض فلسطين، وهي مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى مدار أيام الحرب الستة، ارتكب العديد من المجازر، ليؤسس بعد تلك الحرب، نهجا احتلاليا جديدا، قام على نهب الأراضي وإقامة المستوطنات، وقتل الفلسطينيين الذين كانوا يقاومون الاحتلال، وفق القوانين الدولية التي كفلت لهم هذا الحق.

وتحل هذه الذكرى الأليمة للوعد، الذي منحته بريطانيا لليهود، والاحتلال الإسرائيلي يمارس المزيد من عمليات القتل، ويحاصر قطاع غزة، الذي تعرض لأربعة حروب خلال 14 عاما، لا تزال آثارها قائمة، بعد أن خلفت آلاف الشهداء، بينهم الأطفال والنساء والكهول، ونجم عنها هدم آلاف المنازل.

وفي الضفة الغربية، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية، مستمرة في توسعة الاستيطان، ونهب الأراضي وإنشاء وحدات استيطانية جديدة، بالإضافة إلى إقرارها خططا من أجل طرد سكان حي الشيح جراح، من مساكنهم وتسليمها للمستوطنين، وهي مساكن أقاموا بها منذ حلول النكبة، حين تركوا مساكن في أحد قرى القدس المحتلة، التي احتلتها العصابات الصهيونية قبل 73 عاما، ضمن مخطط استيطاني خطير يهدف إلى ترحيل السكان مرة أخرى.

ورفضا لهذا الوعد، وبسبب التخاذل الدولي في نصرة الفلسطينيين، لجأ الفلسطينيون إلى محاكمهم لإدانة هذا الوعد، فقضت محكمة بداية نابلس، شمال الضفة الغربية، في فبراير الماضي، ببطلان “وعد بلفور”، وأكدت أنه ينتهك القواعد القطعية للقانون الدولي، وقد صدر القرار في جلسة النطق بالحكم، في القضية التي رفعتها عدة جهات ضد بريطانيا، بشأن الآثار الناجمة عن “تصريح بلفور”، والانتهاكات التي ارتكبتها بريطانيا فترة احتلالها وانتدابها لفلسطين.

وقد قدم محامون فلسطينيون دعوى قضائية في محكمة بداية بمدينة نابلس، نيابة عن التجمع الوطني للمستقلين، والمؤسسة الدولية لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني، ونقابة الصحافيين الفلسطينيين، ضد حكومة بريطانيا التي يحملونها مسؤولية “وعد بلفور”.

وجاء في نص القرار، كون بريطانيا ووزير خارجيتها آنذاك آرثر جيمس بلفور، الذين صدر عنهم في حينه لا يملكون فلسطين ولا يملكون حق تقرير مصير شعبها الذي له الحق في تقريره طبقا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، حيث إن ما قامت به الجهة المدعى عليها -المملكة المتحدة بريطانيا- أثناء انتدابها للأراضي الفلسطينية بممارستها الاحتلال لهذه الأراضي وتضمين نص الانتداب لتصريح بلفور وتشجيع هجرة اليهود الى فلسطين وتشريد السكان الفلسطينيين الأصلين وتهجيرهم من أراضيهم بعد ارتكاب المجازر بحقهم من خلال العصابات الصهيونية، وبمساعدة وغطاء من الحكومة البريطانية، وحرمان شعب كامل من حقه في تقرير مصيره، يخالف ما كان ملقى على عاتقها من مسؤولية بموجب نص الانتداب الصادر عن عصبة الأمم المتحدة”.

وبعد صدور هذا القرار عن المحكمة الفلسطينية، لجأ الفلسطينيون الذين رفعوا الدعوة إلى التعاقد مع مكتب محاماة مهم في لندن، لمحاكمة بريطانيا، لإعطائها “وعد بلفور” لليهود، وأعلن منيب المصري رئيس تجمع الشخصيات المستقلة، أن القرار الصادر عن محكمة بداية نابلس يعد “مقدمة لمقاضاة حكومة بريطانيا أمام المحاكم البريطانية”.

وأشار في ذات الوقت إلى أن حكومة بريطانيا سبق وأن قدمت اعتذارها للهند، وكبموديا، و الماو ماو في كينيا ودولة قبرص عن ما اقترفته من مذابح بحق هذه الشعوب، وقال “الشعب الفلسطيني ليس أقل درجة من باقي شعوب الأرض ومن حقه ملاحقة بريطانيا قضائيا تمهيدا لمقاضاة كل من تسبب بضرر للشعب الفلسطيني وحرمه من حقه في تقرير مصيره”.

هذا وتحل الذكرى الأليمة، هذا العام على وقع اتساع رقعة التطبيع العربي، مع دولة الاحتلال، من خلال إبرام المزيد من الاتفاقيات لا تهدف فقط لإهمال القضية الفلسطينية فحسب، بل أيضا إلى ممارسة المزيد على الفلسطينيين لتقديم تنازلات لصالح الاحتلال، الذي بدوره يستغل التطبيع العربي، لتحسين صورته أمام العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى