الحكومة الأردنية والسير نحو المجهول / جهاد مساعده

الحكومة الأردنية والسير نحو المجهول

كلما شُكلت حكومة في الأردن تجعل أهم أولوياتها تحسين الوضع الاقتصادي للشعب، ولكن حقيقة ما يلمسه المواطن على أرض الواقع عكس ذلك تماما، فمع كل حكومة تأتي تزداد المديونية بصورة متسارعة، ويتدهور الاقتصاد لمستويات غير مسبوقة، إضافة إلى أن بعض الحكومات تحرص على خلق بيئة غير آمنة تستفز فيها المواطن من خلال اتِّباع بعض السياسات العشوائية، وغير المدروسة التي تضر بحياته.
إن الأزمات التي يشهدها الأردن ليست وليدة ساعة، أو محض صدفة، بل جاءت نتيجة لتراكمات وسياسات اقتصادية فاشلة ما زالت مستمرة منذ عقود دون محاولات حقيقية لحلها، وما زاد الطين بِلَّة هو استعانة الحكومة بخبراء من صندوق النقد الدولي؛ مما أدى إلى تفاقم الأمور وتعقيدها.
فزيادة معدلات البطالة وزيادة الدين العام، خير دليل على ضعف معدلات النمو الاقتصادي، وعدم قدرة الدولة على استثمار طاقات الأردن البشرية والطبيعية، وخلق الفرص الاستثمارية التي تنهض بالاقتصاد الوطني.
إن ارتفاع معدلات الضرائب المباشرة وغير المباشرة على السلع الأساسية وغير الأساسية يُعد مؤشرًا سلبيًا على الأداء الحكومي في إدارة شؤون البلاد.
فالفريق الحكومي مشغول بالحضور الإعلامي وتسليط الضوء على أمور شكلية، في حين أن قدراته مشلولة لمعالجة المشكلات الاقتصادية الرئيسة، فالإساءة باستعمال السلطة، وبيع مؤسسات الدولة باسم الخصخصة، وهدر المال العام، ناهيك عن الواسطة والمحسوبية، والإخلال بالواجبات الوظيفية، لدليل واضح على ما احتله الأردن في التصنيف العالمي لمؤشرات الفساد؛ والذي جاء بالمركز (58) للعام 2018.
وفي ظل الأزمات الاقتصادية، وزيادة الدين العام عن (65) مليار دولار حسب ما ورد في تقرير (BCG)، فهذا يعني أن الفريق الاقتصادي في الحكومة الحالية والحكومات السابقة غير قادر على إدارة نفسه، وأن سياسية التخبط هي السائدة، حيث انتشر التخبيط وافتقدنا التخطيط؛ من هنا يتبادر للقارئ طرح بعض الأسئلة لعله يجد لها ردًا من الحكومة:
– هل الفريق الاقتصادي في الحكومة قادر على إحداث نقلة نوعية إيجابية في الاقتصاد الأردني؟
– هل القيادات الاقتصادية الأردنية غير قادرة على التخطيط السليم للاقتصاد الوطني حتى يتم الاستعانة بخبراء من صندوق النقد الدولي؟
– هل سياسات صندوق النقد الدولي تسعى إلى إنعاش الاقتصاد الأردني عبر مشاريع استثمارية، أم أن سياسته زيادة الضرائب على المواطنين؟
– هل إغراق الأردن بالديون سياسة بريئة أم وراء الأكمة ما وراءها؟
– هل خلق الأزمات وزيادة الضرائب مصلحة وطنية، أم هي تدمير للوطن، وإثقال كاهل المواطن؟
– هل فرض الضرائب يزيد من فرص الاستثمار، ورفع دخل المواطن؟
أسئلة نطرحها أمام الفريق الاقتصادي للحكومة، والذي يظن الشعب به أنه غير قادر على إدارة سوبر ماركت، فضلًا عن إدارة اقتصاد دولة؛ فالشهادات العلمية التي يحملها أعضاء الحكومة لا تعني بالضرورة أنهم قادرون على إدارة دفة الاقتصاد بكل كفاءة وجدارة.
فمن يخطط لزيادة المديونية والاعتماد على القروض الخارجية ، ومن باع وما زال يبيع مقدرات الوطن باسم الخصخصة، لا يريد بالوطن خيرًا، ومن يسعى لزيادة الضرائب على المواطن هو شريك في تدمير الوطن وأمنه.
نريد فريقًا اقتصاديًا يخاف الله ويخشاه، وأن يكون عمله خيرًا كله للوطن والمواطن، فقد قال طاوس لسليمان بن عبد الملك يا أمير المؤمنين، إن صخرةً كانت على شفير جب في جهنم هوَتْ فيها سبعين خريفًا حتى استقرت قرارها، أتدري لمن أعدها الله؟ قال: لا، ثم قال: ويلك لمن أعدها الله؟ قلت: لِمَن أشركه الله في حكمه فَجَارَ.
يقول ابن خلدون: إن الإمْبِرَاطُورِيّات والدول في بدايتها تكون فيها الضرائب منخفضة والإيرادات عالية، وعند قرب انهيارها تكون الضرائب عالية والإيرادات منخفضة، فهل من رجل رشيد يتقي الله في هذا الوطن.
واتقوا الله في هذا الوطن، وكفى من التخريب والفساد في مؤسسات الدولة واقتصادها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى