يا راعي الرعية
يا راعي.الرعية. هذه مناشدة جديدة أخيرة من الرعية لراعيها ، لقد أعيانا القهروالحرمان والظلم ، ونحن نُشاهد مقدرات الوطن تباع بثمن بخس ، من قبل من يُفترض أنهم الأمناء عليه ، أولئك الذين خانوا العهد والوعد ، واختاروا مصالحهم على المصلحة العامة ، وتركوا الوطن وحيدا يواجه مصيره، بعد أن تسلل الفقر اليه ، حتى استوطنه ، وأصبح جزءا لا يتجزأ منه، وملازما له ، لتصل الحال به إلى درجة الفقر المدقع .
يا راعي. الرعية.. منذ نحو مئة عام ونحن تقف بشموخ حاملين راية الوطن عاليا ، وما تأخرنا يوما عن بذل الغالي والنفيس للدفاع عنه ، وما تخاذلنا عن حمايته، ولم يصبنا يوما الكلل أو الملل من حمايته .
يا راعي. الرعية .. نحن مَن تستمدَ منا القوةَ ، حتى أصبحنا مثالا بين الناس في البذل والاخلاص والانتماء والتضحية من اجل الوطن وكبريائه، وذاع صيتنا وأصبح الجميع يحسب لنا الف حساب، فنحن الرمح الذي يُرهب صفوف العدو ، ونحن السند للجوار ، والسيف الحاد في وجه المعتدي ، ونَصله الذي لا يتوانى عن النيل من كل من يحاول المساس به ، حتى بات الجميع يهاب شموخنا وعزة نفسنا ، ويتغنى الجميع بكرمنا وطيب أصلنا ، فلم نصد يوما من احتاجنا، فكنا الملاذ للقاصي والداني، واشتهرنا باستضافة الضيف وحمايته.
يا راعي. الرعية .. ها قد ساد الفساد في البلاد ، واستشرى بين العباد ، حتى أصبح أمرا عاديا ،واصبح الفاسد مقصدا للناس ، والمنتمي الوطني يُنعت بالغباء ، فيما يُنعت الفاسد بالدهاء ،وأُطلقت يد الفاسدين حتى باتوا أحرارا طلقاء يعيثون فسادا في البلاد ، وباتت الرشوة أمرامستساغا ، وأصبح للفساد رعاة .
يا راعي. الرعية .. لم تعد قوتي بيدي ، بعد أن اصبح أمري بيد زمرة من العباد هَمُها نهبُ البلاد، وتقديم مصالحها على مصالح العباد ، حتى باتت مقدراتنا وثرواتنا؛ تتحكم بها مجموعة تحظى بالرعاية والحماية من قبل شخصيات ذات أوزان سياسية واقتصادية ثقيلة، تدعم الفساد وتحميه لأنها تستفيد منه ، فلا محاكمات ولا مساءلات للفاسدين.
ياراعي. الرعية.. الفاسدون بخير ، يتمتعون بالسلطة والحماية ، رواتبهم في بنوك الخارج ،وحقائبهم جاهزة لأنهم على اهبة الاستعداد للهروب، وجوازات سفرهم غير الاردنية في جيوبهم استعدادا للفرار، ستجدهم يغادرون عندما يستشعرون اول حالة خطر تهدد البلاد ، لكننا لن نغادر ، فحن باقون .
يا راعي. الرعية .. نالوا لصوص الدار من وحدتنا ، وتآمروا علينا ومزقونا إربا إربا ، حتى لم نعد نقوى على تمالك أنفسنا ، فالكل يبحث له عن سلطة على مكوناتنا ،ولم نعد نقوى على الصمود ، بعد أن تدهور اقتصادنا ، وحرمونا من العيش الكريم ، حتى أوشكنا على الانهيار ، و بتنا مستهدفين ومهمشمين ، فلا دور لنا إقليميا ولا عالميا بعد أن انقلب الجميع ضدنا ، وتخلوا عنا ، متناسين أننا مفتاح الأمان وصمامه لهم.
يا راعي. الرعية .. فقدنا الثقة بالنواب والاعيان والحكومات ، بعد أن استهدفوا قوتنا ، واستهتروا باتخاذ القرارات وسن القوانين والانظمة التي تسلب مقدراتنا ، حتى بتنا قلقين على لقمة عيشنا ، التي لم نعد قادرين على توفيرها بعد أن تطاولوا على جيبنا بذريعة: “دفع الضرائب يندرج تحت بند الوفاء والانتماء للوطن “.
يا راعي الرعية .. جميعنا نسعى إلى استقرار الحكم ، الذي يشكل مطلبا لكل الفئات في المجتمع… لنراجع الأمورمعا قبل أن تتفاقم، ونبحث بنود الاصلاح السياسي ، ونناقش تعديلات دستورنا ، وندرس مقترحك بملكية دستورية ، ونعقد مؤتمرا وطنيا تقوده حكومة إنقاذ وطني ، حتى نُغير النهج، لا أن نستمر في تغيير الحكومات !!
يا راعي.. الرعية .. ترى تعب الرعية سيكون تاثيره المباشر عليك قبلها،فَقوتُكَ من قوتها ، ووجودكَ واستمرارك من استمرارها ووجودها ، فنحن صنوان على فرس واحد ، لا تقوى الرعية أن تبقى دون راعيها …ودونها الراعي لا وجود له!!!…
jradat63@yahoo.com
ابدعت يا استاذة سهير ونرجو ان يجد نداؤك الصادق الموجوع بوجع الوطن آذاناً صاغية لتدارك مركب الوطن قبل فوات الاوان ويوم لا ينفع الندم