يا راعي الرعية / سهير جرادات

يا راعي الرعية

يا راعي.الرعية. هذه مناشدة جديدة أخيرة من الرعية لراعيها ، لقد أعيانا القهروالحرمان والظلم ، ونحن نُشاهد مقدرات الوطن تباع بثمن بخس ، من قبل من يُفترض أنهم الأمناء عليه ، أولئك الذين خانوا العهد والوعد ، واختاروا مصالحهم على المصلحة العامة ، وتركوا الوطن وحيدا يواجه مصيره، بعد أن تسلل الفقر اليه ، حتى استوطنه ، وأصبح جزءا لا يتجزأ منه، وملازما له ، لتصل الحال به إلى درجة الفقر المدقع .
يا راعي. الرعية.. منذ نحو مئة عام ونحن تقف بشموخ حاملين راية الوطن عاليا ، وما تأخرنا يوما عن بذل الغالي والنفيس للدفاع عنه ، وما تخاذلنا عن حمايته، ولم يصبنا يوما الكلل أو الملل من حمايته .
يا راعي. الرعية .. نحن مَن تستمدَ منا القوةَ ، حتى أصبحنا مثالا بين الناس في البذل والاخلاص والانتماء والتضحية من اجل الوطن وكبريائه، وذاع صيتنا وأصبح الجميع يحسب لنا الف حساب، فنحن الرمح الذي يُرهب صفوف العدو ، ونحن السند للجوار ، والسيف الحاد في وجه المعتدي ، ونَصله الذي لا يتوانى عن النيل من كل من يحاول المساس به ، حتى بات الجميع يهاب شموخنا وعزة نفسنا ، ويتغنى الجميع بكرمنا وطيب أصلنا ، فلم نصد يوما من احتاجنا، فكنا الملاذ للقاصي والداني، واشتهرنا باستضافة الضيف وحمايته.
يا راعي. الرعية .. ها قد ساد الفساد في البلاد ، واستشرى بين العباد ، حتى أصبح أمرا عاديا ،واصبح الفاسد مقصدا للناس ، والمنتمي الوطني يُنعت بالغباء ، فيما يُنعت الفاسد بالدهاء ،وأُطلقت يد الفاسدين حتى باتوا أحرارا طلقاء يعيثون فسادا في البلاد ، وباتت الرشوة أمرامستساغا ، وأصبح للفساد رعاة .
يا راعي. الرعية .. لم تعد قوتي بيدي ، بعد أن اصبح أمري بيد زمرة من العباد هَمُها نهبُ البلاد، وتقديم مصالحها على مصالح العباد ، حتى باتت مقدراتنا وثرواتنا؛ تتحكم بها مجموعة تحظى بالرعاية والحماية من قبل شخصيات ذات أوزان سياسية واقتصادية ثقيلة، تدعم الفساد وتحميه لأنها تستفيد منه ، فلا محاكمات ولا مساءلات للفاسدين.
ياراعي. الرعية.. الفاسدون بخير ، يتمتعون بالسلطة والحماية ، رواتبهم في بنوك الخارج ،وحقائبهم جاهزة لأنهم على اهبة الاستعداد للهروب، وجوازات سفرهم غير الاردنية في جيوبهم استعدادا للفرار، ستجدهم يغادرون عندما يستشعرون اول حالة خطر تهدد البلاد ، لكننا لن نغادر ، فحن باقون .
يا راعي. الرعية .. نالوا لصوص الدار من وحدتنا ، وتآمروا علينا ومزقونا إربا إربا ، حتى لم نعد نقوى على تمالك أنفسنا ، فالكل يبحث له عن سلطة على مكوناتنا ،ولم نعد نقوى على الصمود ، بعد أن تدهور اقتصادنا ، وحرمونا من العيش الكريم ، حتى أوشكنا على الانهيار ، و بتنا مستهدفين ومهمشمين ، فلا دور لنا إقليميا ولا عالميا بعد أن انقلب الجميع ضدنا ، وتخلوا عنا ، متناسين أننا مفتاح الأمان وصمامه لهم.
يا راعي. الرعية .. فقدنا الثقة بالنواب والاعيان والحكومات ، بعد أن استهدفوا قوتنا ، واستهتروا باتخاذ القرارات وسن القوانين والانظمة التي تسلب مقدراتنا ، حتى بتنا قلقين على لقمة عيشنا ، التي لم نعد قادرين على توفيرها بعد أن تطاولوا على جيبنا بذريعة: “دفع الضرائب يندرج تحت بند الوفاء والانتماء للوطن “.
يا راعي الرعية .. جميعنا نسعى إلى استقرار الحكم ، الذي يشكل مطلبا لكل الفئات في المجتمع… لنراجع الأمورمعا قبل أن تتفاقم، ونبحث بنود الاصلاح السياسي ، ونناقش تعديلات دستورنا ، وندرس مقترحك بملكية دستورية ، ونعقد مؤتمرا وطنيا تقوده حكومة إنقاذ وطني ، حتى نُغير النهج، لا أن نستمر في تغيير الحكومات !!
يا راعي.. الرعية .. ترى تعب الرعية سيكون تاثيره المباشر عليك قبلها،فَقوتُكَ من قوتها ، ووجودكَ واستمرارك من استمرارها ووجودها ، فنحن صنوان على فرس واحد ، لا تقوى الرعية أن تبقى دون راعيها …ودونها الراعي لا وجود له!!!…
jradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ابدعت يا استاذة سهير ونرجو ان يجد نداؤك الصادق الموجوع بوجع الوطن آذاناً صاغية لتدارك مركب الوطن قبل فوات الاوان ويوم لا ينفع الندم

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى