تأشيرات وأختام / أحمد فخري العزام

تأشيرات وأختام

عندما تتجول بين مطارات عدة و تلتقي بالعرب يتسكعون بجوازات سفرهم يتباهون انهم حصلوا على تأشيرة لزيارة بقعة عربية اخرى او انهم حضروا الى هذا المطار دون تأشيرة دخول و بلا تأشيرة أخلاق احياناً

واذا ساء حظك و جالسك احد العرب من الذين يتقنون فنون اغتصاب وقتك في ساعة صفاء و استأنف الحديث معك دون احترام لحريتك و اشمئزازك منه و تستيقظ فجأة من ثرثته التي لا تعنيك و هو يقول لك نحن الشعب الفلاني محبوب لدى هذه الدولة او تلك
ويبدأ يخبرك عن الشعب العربي الأبي و تمتلئ عباراته بمصطلحات… نحن العرب … نحن شعب كذا و كذا …

دعني اخبرك عني و عنك ايها العربي الفاشل

نحن العرب… نحن شعب الدويلات الهالكة لا النامية … نحن ابناء وطن مترهل امتد يوماً من المحيط الى الخيلج

“نحن شعب بارع في التشخيص .. بارع في رصد المشاكل و الاختلالات.. بارع في التحليل ..

ولنا قدرة هائلة على تفسير كل شيء ..

نحن شعب يمكنه أن يحلل الرياضة و الفن و السياسة و الاقتصاد و العلوم و حتى الدين ..

نحن شعب يتقن الكلام .. و يتقن السباب .. و يتقن التنصل من المسؤولية . .. و متخلف عن القيام بالواجب ..

نحن شعب يقدم لك جوابا عن كل سؤال .. و لا يهمه إن كان الجواب صحيحا أم خطأ .. المهم أنه قادر على الجواب ويملك لكل سؤال جواب .. و إن اعترضت على الجواب الذي قدمه لك .. فهو يمتلك ردا على اعتراضك و اعتراضا على اعتراضك .. و مستعد للبقاء في مواجهة اعتراضاتك حتى آخر رمق ولو سال بينكما الدم ..

نحن شعب يجلس في المقاهي لساعات يلعن الحكومة و الوزراء و المدراء و الرؤساء .. و يريد دولة مثل السويد او سويسرا ..

نحن شعب يغضب لخسارة البرشا أو الريال و لا يغضب لخساراته و لا لفشله في كل مبارايات الحياة ..

نحن شعب يلعن غلاء أسعار ما يحتاجه و ما لا يحتاجه من السلع و يتسابق و يتنافس في شراءها و تكديسها ….

نحن شعب التسيب الوظيفي … تجد الموظف منا يترك عمله و يجلس في المقهى مع أصدقاءه يلعن الدولة و الحكومة و صاحب الشركة و تردي الخدمات .. و إن حدتثه عن واجبه قال لك “على زين الأجر الذي نتقاضاه” ..

نحن شعب نتواجد بكثافة لأداء صلاة الظهر في مصلى العمل و نترك المكاتب فارغة .. لكن مسجد الحي في جوار بيوتنا يكون شبه فارغ في كل الصلوات الأخرى ..
وقاعات التدخين في كل المطارات تمتلئ بنا في نهار رمضان وأولكم أنا وكلنا هنا بحجة السفر ..

نحن شعب يريد الزيادة في الأجور و لا يريد الزيادة في الإنتاجية ..

نحن شعب يلعن الرشوة و الفساد .. ولكي تقضي حاجتك الصغيرة أو الكبيرة فأنت تحتاج للرشوة او المحسوبية..

نحن الشعب العربي بحاجة لشعب محترم يعمل على إعادة تربيتنا .. لعل و عسى يأتي جيل من بعدنا يحافظ على كرامة الدويلات التي نتنقل بينها عابرين يإذونات دخول ولكن بسرعة فهذه الدويلات أيضا أكاد أراها تتأهب للرحيل عنا هي أيضا فقد سئمت زيف عروبتنا ….

…….
أحمد فخري العزام
7 مايو 2017
مطار محمد الخامس… الدار البيضاء – المملكة المغربية
كتبتها و انا انظر الى جواز سفري الممتلئ تماماً بأختام و تأشيرات عبور الوطن العربي المتآكل و بجانبي عربي ما أحوجني لرميه بعيدا عن عروبتنا ……

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى