” وين النشامى ….”
جلس أبو العبد خلف مدفأة الحطب بعد أن استطاع تأمين كمية لا بأس بها من أحراش ” الهيش ” غرب كتم بليلة ليس فيها ضوء قمر ….و راح يقلب بال” ريموت” بحثا عن محطة إخبارية قد تملأ شغفه بالاستماع لقصص الكآبة و المصائب …. و لكن ذلك فعلا إستراتيجيته التي تنفع في كل مرة بأن تشتت الجمع و ينفض الاجتماع الليلي فيكون انفرادا بال” الصوبة” و بأم العبد بين الحين و الآخر.
لم يسمع أي خبر عن إعتصام ” الرابع ” و اضطر ليسمع النشرة الرياضية التي لا تعني له شيئا و اتبعها بالنشرة الاقتصادية التي لم تذكر أي موضوع يخص الاردن …. و كاد صبره ينفذ عندما بدأ المذيع بشرح الحالة الجوية المتوقعه خلال الايام القادمة …. نظر لأم العبد بيأس …. أي رقم قناة ” الجزيرة ” …. أي رقم قناة “العربية”… و هي تؤكد له أنه لا أخبار جديدة اليوم و بأنه ربما كان يحلم ….
انتبه للشريط الاخباري الذي اختلطت حروفه ..و قرأ …..” حوالي ثلاثمائة شخص اعتصموا على الدوار الرابع احتجاجا على اجراءات الحكومة “….. بدأ يتأفف و ينفث دخانه “الهيشي ” يرافقه سعال مفتعل ….
” وين النشامى … وين الشعب المسخم …. ول ول ول ..بس ثلاثمية ؟!!!..”….
أجابته أم العبد بدون تفكير : ” الناس زهقت من الاحتجاجات و الاعتصامات …. خللي هالرزاز يشتغل … طولوا بالكو عليه ”
ازداد سخطه و أقطب جبينه ….” يا بنت الناس …. و الله هاي الحكومة غير تخللينا نشحد الملح …. ضرايب و ديون و مشاريع وهمية و وعود بالهواء …. و طقم رايح جاي و طقم جاي و كلهم من نفس العلبة “….. سمع ضحكة استهزاء فيها تخاذل شديد: ” و من وين بدهم يجيبوا ؟! …. انت حللها يا ابو العريف ؟! “…. تململ قليلا و استند من جلسته : ” اول شئ يقضبولي فاسد واحد …. يحاسبوا واحد من المتهربين من الضرايب …. يخفضوا ضريبة المبيعات …. يعدلوا اسعار المحروقات …. بدل ما نسرق الحطب …. يخفضوا مصاريف الحكومات … بلاش السفرات اللي ما بتجيب غير الهم …. شوه بدك كمان …. “….
نظرت إليه …. ” طيب كونك هالقد متحمس ….ممكن اسألك سؤال ولا اسألك عن ذنوبك … ليش ما نزلت عالرابع مع هالشباب اللي يا ويلي عليهم تجمدوا من البرد ؟!!! ”
تلعثم و تظاهر بأنه ” يكح” … نظر إليها بخنوع و استسلام ….” ظل من الهريسة اللي جابها عبود امبارح …. و زيديللي الغطا بالله اليوم …. ” و طمر رأسه بال ” الحرام “…. و لا أعتقد أنه نام …
” دبوس على التخاذل ”
