كُلف الطاقة لا تنخَفض! / سلامة الدرعاوي

كُلف الطاقة لا تنخَفض!

أحد أبرز التحدّيات التي تواجه عمل القِطاع الخاص في المملكة، هو ارتفاع كُلَّف الإنتاج على مُختلفِ قطاعات بيئة الأعمال في المملكة، والمتأتية من عدة مشاهد مُختلفة، جعلت المُستثمر والصانِع والتاجِر يقف حيرانا أمام مُواجَهة هذا التحدي الكبير الذي يحدّ من اِستدامة الأنشطة وتطورها.
أكثر التحدّيات المُثيرة للجدل اليوم، هي التعرفة لِكُلّف الطاقة التي باتت كابوساً حقيقيّاً أمام نُمُوّ الأعمال، وقد أشارت المُراجعة الثانية لصندوق النقد الدوليّ الأخيرة إلى هذا الخصوص، واعتبرت كُلّف الطاقة في المملكة عائقا حقيقيّا أمام أيّة جهود في جذب الاستثمار أو حتى المُحافظة إلى تنافسية القطاعات الإنتاجيّة المُختلفة.
اِرتفاع كُلّف الطاقة لا يجد تَفسيراً علميّاً ومنطقيّاً في ظل مُعطيات إيجابيّة حَصَلت في أسواق الطاقة العالميّة، وما لذلك من أثار وتداعيات مُهمة على الاقتصاد الوطنيّ بِشكل إيجابيّ، لكن للأسف مدى الاستجابة للظروف والمتغيرات الاقتصاديّة السعريّة العالميّة على الحالة الداخليّة المحليّة ضعيفة جداً أن لم تكن مَعدومة في بعض الأحيان.
نتفهم ارتفاع كُلّف الطاقة التي تُشكّل في بعض الصناعات الوطنيّة أكثر من 40 بالمئة من كُلّف الإنتاج في ظل ارتفاع أسعار النفط العالميّة إلى ما فوق المئة دولار لبرميل النفط كما كان عليه الحال في عام 2012، هُنا كان الخِطاب الحكوميّ يقضي برفع الدعم عن كافة المحروقات بحجة أن الدعم أدى إلى زيادة كبيرة في عجز الموازنة، ناهيك عن الدعم المُخصص في الموازنة لا يوجّه إلى مُستحقيه كما تقول الحكومة، مما يتطلب مُعالجة فوريّة لهذا الوضع الماليّ الصعب بإزالة الدعم والوصول إلى كُلّف البيع بما يخرج الخزينة من إشكاليّات ماليّة خاصة أنها جاءت مُتزامنة مع اِنقطاع الغاز المصريّ، ولجوء الحُكومة إلى الأسواق العالميّة للتزود لاحتياجاتها من زيت الوقود الثقيل لِتلبية احتياجات قطاع الكهرباء.
فعلاً بدأت الحُكومة مع نهاية عام 2012، بإزالة كافة أشكال الدعم عن المشتقات النفطيّة والمحروقات باستثناء أسطوانة الغاز، وبعدها رفعت التعرفة الكهربائيّة على كافة شرائح الاستهلاك باِستثناء شريحة واحدة وهي شريحة 600 كيلو واط، وتعهدت الحكومة حينها بتخفيض التعرفة الكهربائيّة وأسعار المُشتقات النفطيّة بِمُجرد انخفاض الأسعار العالميّة التي بَقيت على مستوياتها العاليّة حتى حزيران من عام 2014، حينها هوت الأسعار العالميّة للنفط وتراجعت بأكثر من 70 بالمئة، حينها استبشر القطاع الخاص والمواطنون بان الأسعار المحليّة تنخفض وأن تفي الحكومة بتعهداتها بتخفيضها، لكن للأسف لمّ يحدث شيء من هذا القبيل.
فالحكومة واصلت البيع للكهرباء بالتعرفة العاليّة وكأن أسعار النفط لم تنخفض أو تشهد تَراجعا، في حين بدأت الحكومة بالتفنن في فواتير الكهرباء والمحروقات بإضافة بنود -ما انزل الله لها من سلطان – بهدف مواصلة جنيّ الأموال الطائلة من بيع الطاقة بأشكالها المختلفة، والنتيجة المؤسفة أن المواطن والقطاع الخاص لمّ يلتمسا أيّة فوائد إيجابيّة من جراء انخفاض الأسعار العالميّة.
حتى مديونيّة الكُهرباء التي بلغت 5 مليارات دينار والتي ترتبت أثر انقطاع الغاز المصريّ وارتفاع أسعار النفط العالميّة هي الأخرى لم تتراجع بفضل التطورات الإيجابيّة في قطاع الطاقة على مستوى الأسعار العالميّة، عِلما أن الحكومة تبيع المحروقات والتعرفة الكهربائيّة بالسعر الذي كانت عليه وقت جنون الأسعار.
هذا يدعو المعنيين خاصة من مجلس النواب إلى فتح هذا الملف على مصراعيه ومناقشة تفاصيله والتدخل في حقيقة ما يجري بالقطاع، لأن ما يحدث في القطاع خاصة في موضوع التعرفة هو أمر يُخالف المَنطق.
هذا الأمر ضروري للوصول إلى تفاهمات علميّة واقعيّة للوصول إلى حلول لتخفيض كُلّف الإنتاج على مُختلف القطاعات الاقتصاديّة والتنمويّة، وحتى يشعر المواطن الذي تحمل كُلّ تبعات رفع الأسعار جيبه وأثرت على أمنه المعيشيّ، حتى يشعر بصدق الخطاب الرسميّ ويعزز هو القطاع الخاص من فوائد الانخفاضات على مستويات أنشطته اليوميّة والمستقبليّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى