سواليف – وليد خلف
يبدو و أن تجربة شركة NETFLIX في الانتاج عربيا باتت على المحك بعد ساعات قليلة من عرض اول انتاجاتها العربية “جن” و الذي صُور في الاردن و حمل معه الكثير من الانتقادات التي طالت الشبكة العالمية حتى وصلت إلى رد رسمي من الشركة الامريكية بعد ساعات من الحرب الشرسة التي افسدت فرحة القائمين على العمل و حولت الساعات التي انتظروها طويلا ليستعموا خلالها بهدوء إلى آراء الناس حول عملهم إلى ساعات مليئة بالتوتر و القلق مما قد تنتهي عليه هذه الموجة الغاضبة .
و على الرغم من هذه الضجة الضخمة التي اعقبها عرض “جن” إلا أن الجدل الذي اثارته NETFLIX في الوطن العربي و الأردن خاصة لن ينتهي قبل شهر ديسمبر القادم و الذي يتزامن مع عرض مسلسل “المسيح” و الذي بدت اعتراضات الاردنيين عليه واضحة قبل عرضه و من المتوقع أن تتزايد مع عرضه خاصة بعد الاحداث التي شهدتها الايام الاخيرة , بالاضافة إلى عرض مسلسل “مدرسة الروابي للبنات” و الذي انتجته NETFLIX بكوادر اردنية كاملة تحت ما اسمته مشروعا داعما للمرأة .
عمان ليست تل أبيب
تدور أحداث “المسيح” حول ظهور رجل في منطقة الشرق الأوسط يدعي أنه المسيح ليثير جدلا عالميا واسعا حول حقيقته و هو من بطولة البلجيكي التونسي مهدي دهبي , قصة العمل ليست هي مفتاح القضية التي ستؤزم وضع NETFLIX عربيا و لكن مع التدقيق سيدرك الأردنيين أن أحداث المسلسل التي من المفترض أنها تجري في تل أبيب صُورت في عمان و أن شوارع العاصمة الأردنية حُولت بالكامل لتشبه تل أبيب و الاراضي المحتلة لما تضمنتها من تغيير لكتابات اللوحات الارشادية و اسماء الشوارع إلى العبرية بدلا من العربية بالاضافة لارتداء الممثلين لبدل جنود اسرائيلين و هو ما يعد أمرا غير مقبولٍ حدوثه حتى و إن كان لغايات تصوير مشاهد درامية .
و على الرغم من أن العمل و طاقمه أمريكيان بشكل كامل إلا أن صناع العمل تعمدوا إقحام “اسرائيل” فيه بشكل واضح في الوقت الذي لم يكن صناع العمل ربما بحاجة إلى اقحامها الاراضي المحتلة في القصة التي تدور احداثها في الشرق الاوسط بشكل عام , إلا أنها قد تبدو للوهلة الاولى محاولة لفرض وجود الكيان الصهوني في المنطقة و ايصال رسالة للعالم أنه جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط حتى و ان حاول العرب انكار ذلك .
مدرسة الروابي للبنات .. إلى أين ستأخذنا تيما ؟
لعل أبرز المفاجآت التي تحضرها الشبكة الأمريكية للجمهور العربي و الأردني خاصة هو مسلسل “مدرسة الروابي للبنات” و الذي اعلنت عنه الشبكة بعد اتفاقها مع الممثلة و المخرجة الاردنية تيما الشوملي و صديقتها الكاتبة “شيرين كمال” و اللذان سيكونا على رأس صناع العمل و الذي لم يكشف بعد عن موعد عرضه المتوقع ان لا يتجاوز نهاية العام الجاري .
ويستعرض المسلسل والذي تدور أحداثه في مدرسة الروابي للبنات، تفاصيل مثيرة حينما تحاول إحدى الفتيات الإنتقام من زميلاتها بعد تعرضها للتنّمر، لتنقلب الآية وتصبح في وضع المتهم. وتكتشف أن الجميع يتقلب بين وجهين، فلكل منهم وجه صالح وآخر طالح وهي أولهم.
و بعد ما حمله مسلسل “جِن” من أحداث لا تمت لواقع الاردنيين بصلة خاصة لارتباطه بفئة المراهقين و الشباب يأتي دور مدرسة الروابي للبنات لتحسين نية NETFLIX تجاه متابعيها العرب في الوقت الذي قد يتخوف البعض مما قد يحمله العمل خاصة و أن العمل يضم إناثا فقط في قائمة ابطاله و هو ما قد يعطي مساحة واسعة للانتقاد إذا ما تم التطرق من خلال العمل إلى قضايا لا يمكن طرحها من وجهة نظر الاردنين .
و يأتي تصريح تيما الشوملي كناقوس خطر لصناع العميل قبل عرضه حيث كشفت تيما في حوار سابق أن هذه القصة تقدم منظوراً جديداً للمحتوى العربي و هو ما قد يفسر من عدة جوانب و اضافت آن ذاك أنه يصور مزيجاً من القصص والصراعات التي تخوضها الفتاة العربية بين الواقع والعالم الافتراضي وفي إطار مختلف لم يطرح على الشاشة من قبل و هو ما يجعلنا ننتظر عملا مثيرا للجدل بلا شك .
من اضعف دول المنطقة فنيا .. لماذا اختارت NETFLIX الأردن تحديدا
على الرغم من امتلاك الاردن لكوادر فنية و اخراجية مميزة إلا أن المبدعين الاردنيين اعتادوا على ايجاد فرصتهم في الخارج فالسوق الفني الاردني يعد اضعف الاسواق الفنية عربيا لشح الموارد الانتاجية و التي انعكست على تقبل الاردنيين للاعمال التلفزيونية و السينمائية العربية و الاجنبية اكثر من تلك المحلية إلا أن شبكة NETFLIX الامريكية و التي خططت لجعل العام 2019 عام NETFLIX عربيا اختارت الاردن دونا عن غيرها لتنتج عملين اردنيين خالصين و تصور عملا امريكيا ثالثا في اراضيها بتفاصيل ذكرناها مسبقا .
و لربما تأتي الادوار الرقابية الضعيفة للهيئات المسؤولة فنيا في الاردن على رأس الاسباب التي دفعت NETFLIX لبدأ حملة الانتشار الخاصة بها عربيا من اراضيها بالاضافة لتوفر الكوادر الفنية بأجور منخفضة و الطبيعة المتنوعة للأردن و اختلاف الثقافات و الجنسيات التي تعيش على اراضيها كيف لا و تجارب هوليوود الانتاجية في الاردن ذهبت بصناعها إلى المراتب الاولى على شبابيك البوكس اوفيس الامريكي و العالمية كفيلمي “علاء الدين” و “The martial” اللذان صورا في الاردن عامي 2015 و 2019 .
