تشويه نتائج التوجيهي … هل بدأ الهدم فعلاً؟!

تشويه نتائج التوجيهي هل بدأ الهدم فعلاً؟!
أ. د أحمد العجلوني

لا شك أننا نسعد مع أهلنا وأبنائنا الناجحين ونفرح لفرحهم، فبعد عام دراسي استثنائي عصيب جاءت الفرحة بالنجاح وبانتهاء هذا الكابوس السنوي لعشرات الآلاف من الأسر وأبنائها، على الرغم مما يشوب الفرحة من غصة كبيرة لما وصل إليه حال التعليم والمعلمين الشرفاء. وإن أي نقد لأداء الوزارة لا ينتقص بأي شكل من جهود أبنائنا وتميّزهم وما قدّمه المعلمون من جهود استثنائية بكل حب وإيثار، ولا يقلل من تقديرنا لحجم معاناة ذويهم وتضحياتهم في سبيل تحقيق أبنائهم للنتائج المرجوة. كما أننا نريده فرحاً حقيقياً لا وهماً خادعاً ونشوة يعقبها كدر القبولات الجامعية وتعقيداتها والظلم الذي يعانيه المواطن المسكين وابنه بسببها

إن المبالغة بالاهتمام بنتائج الثانوية وتضخيمها اجتماعيا ثم تضخيمها من حيث المقدار؟ لهو أمر يشكّل همّاً وطنياً يجب الوقوف عنده ملياً وإعادة النظر فيه، ولا يجوز أن يترك لوزارة التربية والتعليم وحدها؛ حيث إن المبالغة في تضخيم قيمة امتحان الثانوية وجعل نتيجته أساس تقييم الطالب ومحدداً لوجهة حياته وتحديد مصيره وقيمته في المجتمع أمر يحتاج إعادة تقييم عميق لأن هناك معايير أخرى لقيمة الإنسان ونجاحه في الحياة لا يتّسع المجال لشرحها هنا.
ويأتي هذا التضخيم للنتائج كأكبر تشويه لنتائج التوجيهي في تاريخ الأردن بحجة “خلّي الناس يفرحوا!” التي يسوقها وزير التربية في سياق عملية ممنهجة لتدمير منظومة التربية والتعليم وإثبات فشل القطاع العام في إدارة هذا المرفق الأساسي من مرافق الدولة. وهو حلقة في سلسلة متصلة في عهد وزير التربية الحالي صاحب أسوأ أداء في تاريخ الأردن على الإطلاق، هذا الوزير الذي يتم في عهده إهانة المعلمين وظلمهم بأبشع الصور، ويتم بإشرافه اتباع أساليب دعائية ترقى إلى مستوى المساءلة القانونية نظراً لمحتواها التربوي والقيميّ المتدني.
إن أسلوب المتاجرة بمشاعر الناس وبيعهم وهْم الفرح الخادع من خلال تشويه نتائج التوجيهي وجعلها أداة دعاية بهذا الطريقة الفجّة التي تأتي ضمن سياسة سقيمة لترقيع الثقة الشعبية بالحكومة لن يغطي على خطايا الوزير بحق التعليم والتربية في الأردن سواء بالاعتداء على حقوق المعلمين أو في بتشويه المناهج أو فرض ما يسمى زوراً بالتعليم الإلكتروني.
إن هذه النتائج – كما نرى – لن تورث فرحاً حقيقياً للأهل ولا للطلاب؛ وستقلل من هيبة هذا الامتحان،
فالموضوع مشابه تماماً للحالة التي تقوم بها الحكومة بطباعة ورق عملة إضافي لتعطيك راتباً أكثر ولكنها تشتري لك نفس المشتريات بسعر أكبر !! ولا أعتقد بأن هذا التلاعب سينطلي على وعي الأردنيين، خاصة بعد أن يستفيقوا على واقع القبولات الجامعية وأن قيمة معدلاتهم أقل كثيراً مما يؤهلهم لمقاعد دراسية تتناسب مع طموحاتهم كطلاب وأولياء أمور. كل هذا بالإضافة إلى “قاعدة الاستثناءات” التي لا تبقي للتنافس الحر سوى النزر اليسير من تلك الفرص والمقاعد الجامعية التي يتطلعون إليها!

حفظ الله الأردن من كل شر؛ وأدام ازدهاره

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى