ثقافة “التصليح”

مقال الثلاثاء 8-1-2019
ثقافة “التصليح”
الأردني بطبعه طويل بال ، يحب التغاضي ،ويميل إلى تهوين البوادر، معطياً للمشاكل التي تواجهه فرصة أن تحل وحدها ،ومتأملاً تدخل المعجزات فتصلح الأعطال من ذاتها..
مثلاً إذا همّ أحدنا بالخروج من منزله ورأى العجل الأمامي الأيمن “مرّيح” قليلاً لكنه لم يصل إلى مرحلة “البنشر” بعد، يقف وهو يتأمله، يبتعد عنه خطوةً أو خطوتين ثم يحكّ رأسه ويقول “مسلّك”..في منتصف الطريق يشعر أن دفع السيارة ليس كما يجب ، كما أن ثمة حكّة بين جسد السيارة وظهر أي مطب “يلتبّسه” ، بعد دقائق سيسمع كركرة الجنط، والإطار ماخذ الأرض، فبدل من معالجة “الخلل” في بدايته حيث سيأخذ الإصلاح دقائق معدودة ، سيضطر الى “المردغة” الكاملة ، والتمدد تحت السيارة والقفز فوق مفتاح “الجنط” و”العصّ” على البراغي عكس دوران الساعة ثم تبديل الاطار المثقوب..طيب ماذا كان يهيء للأردني عندما قال “مسلّك”؟؟؟ أن ينزل السبير وحده من “الطبون” ويطبطب على كتف بديله العجل الأمامي ويقول له يعطيك العافية أنا بكمل الطريق عنك..
الخزّان كذلك، يبدأ برشح بسيط في أسفله ،نضع إصبعنا على منبع الرشح ، نتفرّج عليه متأملين أن “يسكّر”لحاله،نتغاضى ونقول “هينة” ، يكبر الثقب ويتسع الصدأ ويصبح الرشح، تنقيطاًَ، ثم يتحول التنقيط الى “شرّشرة” ثم الى ثقب لا يمكن رقعه، عندها سوف “نبوطس” والعائلة جميعاً في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مائنا الشحيح أصلأً وسيدلف السقف أيضاَ نكون بخزان نصبح بخزان وسقف ..طيب ماذا كنا ننتظر؟ أن “يصفّر” الخزان لحداد قريب ويطلب منه أن يجري له عملية “فتاق ع الصاجة” دون علمنا “مشان ما يكلّفنا بطلّة”..
سنّ على وشك السقوط، بدلاً من تثبيته ومعالجته والحفاظ عليه، نأكل على الجهة الأخرى كي لا نزعجه او نستخدمه، وفي لحظة انقضاض على تفاحه أو “تشعتشبانه” يتحول أحدنا الى شرشبيل بعد ان يفقد سنه و”التشعشبانة” معاً في تلك الليلة الليلاء..
نتغاضى عن الخلل بكل شيء بدءاً من “التابلو الصاوي” وصوت “الطقطقة” في ماتور السيارة و انتهاءً ب”النغزة” التي قرب القلب..نترك كل شيء “مسلّك..خليه مسلّك” رغم انه لم يكن “مسلّكاً” على الاطلاق ، انه يستنفذ ما بقي فيه ، انه يتهالك ويضعف ويزيد عطله وعطبه حتى يصعب إصلاحه…وأخشى أننا نتعامل مع الوطن بنفس الطريقة..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى