«الدوار الرائع» … والجميع يسأل: هل نحن حقاً في الأردن؟

سواليف – رصد

تحت عنوان ” «الدوار الرائع» السياسات العامة «على الطاولة»… والجميع يسأل: هل نحن حقاً في الأردن؟ “ كتب الصحفي بسام بدارين في صحيفة القدس العربي تقريرا حول انطباعات الشارع الأردني بعد اختيار الدكتور عمر الرزاز وتكليفه بتشكيل الحكومة الأردنية
وتناول الكاتب في تقريره ما حدث في الدوار الرابع وعما يصبو اليه المواطن الأردني من تغيير ، وما يجتاح الشارع الاردني من تفاؤل حذر سيبقى معلقا حتى تظهر التشكيلة الحكومية الجديدة والتي ستحدد بعدها الجماهير رؤيتها لمرحلة الرزاز
وتاليا النص كاملا
حنين الشارع الأردني للحد الادنى من «الشخصيات المحترمة» والقادرة على اتخاذ قرار الاستجابة لمطلب الجمهور وصل مع رئيس الوزارة الجديد الدكتور عمر الرزاز إلى مستويات غير مسبوقة سرعان ما أدت إلى أولاً الكشف عن حجم «الخيبة» عند المجتمع، وثانياً إلى مطب رفع التوقعات.
كعادتهم بالغ الأردنيون في التعبير عن هذا الحنين فألصقت مواقعهم التواصلية بعض الألقاب لصاحب المقعد الجديد الذي خرج من حضن وزارة التربية والتعليم للتو محملاً بإرث يميل لقلة الكلام وعدم مزاحمة الاخرين والعمل بصمت. سرعان ما نشر بعض النشطاء على فيسبوك صورة الرزاز مع عبارة «آردوغان الأردن»… آخرون بحثوا فيه عن صورة مهاتما غاندي، وغيرهم استذكروا تجربة «وصفي التل» وإعلاميات شابات بدأن بالتحدث عن»الريس».
تواصل الشارع مع الرزاز بطريقة في غاية الذكاء وطالبته تغريدة شهيرة وجماعية بالتوقف عن تذكير الشعب بالفوضى في سوريا والعراق وقيل له..»دولة الرئيس ..حدثنا عن ماليزيا وسنغافورة إذا سمحت».
عملياً وخلال أربع ساعات فقط أعلن فيهما الرزاز قرارين مهمين مال الشارع لتسليفه الهدوء وامتنع الحراك عن التمركز في منطقة الدوار الرابع حيث مقر الحكومة حتى يستطيع المعني دخول مكاتبه وتدشين خطته للعمل. في الاثناء حذره كثيرون بينهم الناشط البارز إعلامياً وإجتماعياً سهم العبادي: «دولة الرئيس كل التوفيق..إن عدتم عدنا للدوار».
الدوار الرابع حيث جرت مظاهر الحراك الغريب في قلب عمان العاصمة أصبح «أيقونة سياسية» بعدما احتضن عشرات الصور للحراكيين والغاضبين مع رجال الأمن والدرك. الكاتب والناشط السياسي عماد الدبك التقط المفارقة وكتب يقول «هو الدوار الرائع وليس الرابع».
سياسياً أصبح السؤال التالي: ما الذي يمكن ان يفعله رئيس وزراء «عاقل» على الأرض بعيداً عن «زراعة الامل» وبعد وراثة تركة في منتهى التعقيد؟ الإجماع حاصل على ان الرسالة الأولى التي تظهر ملامح قوة الرجل الجديد في الواجهة الأردنية ستقرأ من عند اسماء وهوية الطاقم الوزاري الجديد فقد «ضجر الناس» من تداور الاسماء ومن الخطاب التخديري ومن الألعاب التي تخدعهم كما يقول امام «القدس العربي» الناشط محمد خلف الحديد.
غريب جداً ان شخصيات بارزة في المشهد السياسي والاجتماعي لم تصدر عنها أي كلمة واحدة في نتائج وتداعيات ما حصل. الأغرب أن الإخوان المسلمين في حالة صمت تماماً ولم يعلقوا على مسارات الأحداث ولم يمارس بعضهم «الوعظ والإرشاد» في رئيس الحكومة الجديد حيث يكتفي مطبخ الاخوان بالمراقبة تماما على أمل ان تنكشف حقائق «المشهد الغريب الذي حصل» حيث للدولة وأجهزتها هذه المرة دور مفترض في توجيه الاحداث.
لكن لماذا «سأل – بمعية «القدس العربي» – الشيخ مراد العضايلة وفي وقت مبكر وتحديداً عندما بدأ الإضراب الأول الناجح الذي أقلق الدنيا وشغل الناس وأدى لتبديل دراماتيكي في معادلات القرار والواقع حتى ان الملك عبدالله الثاني شخصياً لأول مرة تماماً يخرج للناس شارحاً للأسباب التي دفعت القصر للتدخل في العمل الحكومي حيث «التقصير والوزراء النائمون وقلة منهم متواصلون».
صعب جداً فهم خلفيات وحقائق ما حصل في الأردن في أي عجالة ومرحلياً لكن جميع الأطراف تريد بوضوح الاسترسال في متعة المشهد فالشارع مرتاح ونزل عن الشجرة والنقابات المهنية تشعر بأنها «القائد الجديد» والرزاز بدأ يحاول تحويل حلمه الفكري والثقافي الذي طالما سمعته «القدس العربي» تماماً يتحدث عنه وبه إلى «حقيقة وحكومة».
الأمن أيضاً مرتاح ويشعر بانه «قام بالواجب على أكمل وجه» وبالحد الادنى من الخسائر والقصر يعبر عن فخره بالأردنيين والجميع يتحدث عن»تأطير وتنظيم» قيادات الشباب بعد الآن بعدما تغيرت عناوين المرحلة.
الأحزاب السياسية خارج المشهد تماماً والاخوان المسلمون في حالة كمون والدولة صمدت خمسة أيام بدون حكومة واقعية والرزاز يتحرك بهدوء وباسترخاء تام مثير للاسئلة الغامضة ويراقب الجميع بصمت الارتفاع الحاد بسقف التوقعات. صديق مقرب جداً من الرزاز طلب منه الأخير نقل الملاحظة التالية لـ»القدس العربي»: التجربة تستحق ان تخاض والوضع مبشر بالخير ووقفة الجميع مطلوبة.
حصل كل ذلك في وقت قصير جداً أهم ما فيه أن الرزاز وبقراريه صرف الرواتب قبل العيد وسحب قانون الضريبة أجهز تماماً على «مصداقية « الحكومة السابقة بعدما تبين بأن سلفه هاني الملقي كان يستطيع سحب القانون ووزير ماليته عمر ملحس لا يقول الحقيقة وهو يتحدث عن عدم وجود رواتب.
هل كانت الحكومة السابقة «تضلل» الرأي العام والقيادة فعلاً أم ان «جهة ما تدخلت وقامت بتأمين الرواتب والمساعدات المالية»؟…هذا سؤال الاجابة عليه في غاية الاهمية مرحلياً لفهم الارتفاع الغريب بسقف التوقعات من الرزاز تحديداً الذي لم يعرف اصلًا إلا بالالتفاف على اي مواجهة بالرغم من تمتعه بنزق الانسحاب.
يتجاوز برلماني محنك من وزن خليل عطية الاستفسار عن سؤال له علاقة بالمرحلة التالية وتحت عنوان..»أما بعد» باتجاه التركيز اكثر: لماذا حصل كل ما حصل اصلاً؟ من المرجح ان حكومة الرزاز يقع عليها الان «عبء الاثبات والثبات» فرئيسها قال ما لم يقله غيره إطلاقًا عندما وعد بان تكون كل السياسات العامة على طاولة النقاش بعد الان.
..هـذا وضـع غير مسـبوق يضـع حكـومة الرجـل أمام إستحقاقات كبيرة اذا كان جاداً حيث الدولة العميقة وعش الدبابير وحيث خصومة سريعة من كل ضحايا مراجعة السياسات العامة الذين تكشف زيفهم البيـروقراطي والوطنـي والسـياسي مثل هذه الأدبيـات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى