الوجه الآخر للانتخابات الإسرائيلية

الوجه الآخر للانتخابات الإسرائيلية
د. فايز أبو شمالة

ما لم تحدث مفاجأة ليست في الحسبان، فاستطلاعات الراي في إسرائيل تشير إلى تعادل المعسكرات المتنافسة على الحكم، وعدم قدرة أيهم على كسب الأغلبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وهذا يعني العودة إلى الناخب الإسرائيلي مرة رابعة في غضون عام، ليقرر من هو الأصلح لقيادة دولة إسرائيل في الفترة القادمة.

تكرار التوجه إلى الانتخابات لا يرضي البعض داخل المجتمع الإسرائيلي، فوجهوا سهام نقدهم إلى الأحزاب تارة، وإلى هذا الزعيم او ذاك المنافس تارة أخرى، وقد بالغ البعض في النقد، فرأى أن تكرار التوجه إلى الصندوق دليل انقسام المجتمع، وضياع البوصلة، والافتقار إلى القائد القدوة، وما شابه ذلك من اتهامات، تنصب كلها على الشكل الخارجي للديمقراطية، ولا تجرؤ على المساس بمضمون الديمقراطية، وضرورة الرجوع إلى الشعب ليقول كلمته، دون السماح لأي حزب أو زعيم بالتسلط على رقاب الشعب، والتفرد بمستقبلهم، واحتقار إرادتهم.

إن تكرار التوجه إلى الصندوق لحسم نسبة الفارق البسيط بين الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة ليشكل مدرسة ديمقراطية للشعوب العربية التي يجب أن تغار، وأن تحفظ درس الديمقراطية، وأن تصرخ: يا ليت لنا نحن العرب مثل هذا، يا ليت للشعوب العربية بما فيهم الفلسطينيين مثل هذا النموذج الراقي من اختيار الحاكم، والذي وصفه رئيس الدولة في إسرائيل بالمخجل!

مقالات ذات صلة

إن هذا الشكل المخجل بالنسبة للإسرائيليين لهو أمنية بالنسبة للعرب، فيا ليت لنا نحن العرب مثل هذه التجربة الانتخابية المخجلة، والتي ستقود في النهاية إلى اختيار الحاكم بعد المفاضلة الدقيقة والمكاسرة العنيدة، يا ليت لنا نحن العرب بعض هذه الديمقراطية التي نهضت بحياة المجتمع الإسرائيلي في كل المجالات بمقدار ما أحطت الدكتاتوريات والاستبداد من حياة المجتمعات العربية في كل المجالات.

انتخابات إسرائيلية للمرة الثالثة، أو للمرة الرابعة أو للمرة العاشرة لا يعيب الحياة الديمقراطية في إسرائيل، وإنما يثير غيظ المجتمعات العربية المحرومة من هذا الشكل من التنافس والتناحر عند الصندوق، ليظل تكرار الانتخابات دليل قوة وليس دليل ضعف، ومؤشر على احترام الإنسان، وليس دليل تزييف إرادة الإنسان، وستكون النتيجة النهائية لكل هذا الاختلاف هو المصلحة العامة، رغم وجود بعض المصالح الخاصة لهذا الحزب أو ذاك الزعيم، ولكن الأصل في التنافس هو مرضاة المواطن الواعي والذكي، والذي يعرف أن لديه قانون فوق الجميع، وأن لديه قيادة تنصاع لإرادة الشعب، وتلهث لكسب رضى الناخب.

الانتخابات الإسرائيلية لن تفرز رئيس وزراء لدولة إسرائيل فقط، وإنما رئيس وزراء يتلاعب بمصير ملايين العرب وفق الأطماع الإسرائيلية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى