خلّيك ايجابي / د . محمد شواقفة

” خلّيك ايجابي ”

كعادتي فانني ارصد نبض الشارع و الذي عادة ما يكون نقدا ربما يكون بناء في معظم الحالات و ربما تهكميا ساخرا في بعض الحالات و احيانا يكون ساخطا و قد يفلت مني زمام الامور …
ولأن الشهر المبارك قد شارف على الانتهاء فقد التزمت بأخلاق إضافية غير اعتيادية من التقوى و الورع … و فعليا لا تراني أحنق و أغضب بسرعة و كأن لساني بات ” خرطوش مبرد” فلا تسمع مني لغوا الا نادرا …. و لا تزورني النميمة الا أحيانا …. فما بين صيام يجعلك بعيدا عن الاحتكاك المباشر مع الناس في الاسواق الا للحظات قصيرة غير كفيلة. باشعال جذوة السخط و الغضب مما قد يحدث في الاسواق عادة …. فهذا رمضان استثنائي بكمية “العزايم ” و ” الولائم ” فلم أك مضطرا لمقارعة البائعين كثيرا و هي أحد هواياتي … و مصدر إلهامي لكثير من الدبابيس …. و بين صلاة تراويح لم استطع الالتزام ب” الكوتا الحكومية المقترحة بعشرين ركعة ” …. و صدقا لم يك بمقدوري الالتزام بالحضور اليومي …ليس لقلة دين لا سمح الله … و لكنني هكذا كل عمري و انا راض عن نظريتي ” قليل دائم خير من كثير موسمي” …او يبدو أن شيطاني انشغل اكثر بما حدث مع الحكومة الراحلة و التكهنات بالحكومة القادمة … و ترهات النواب و تفاهاتهم ” اللهم اني صائم ” … و كدنا نفطر من بلع ريقنا ” على مساعدات الاشقاء ” لإنعاش حالتنا الاقتصادية التي اقنعتنا الحكومة الراحلة انها ” زفت ” و تحاول الآن الحكومة القادمة – التي لم تولد بعد – ممثلة بالرئيس المكلف ان تقنعنا بأن الامور أفضل … و نزولا عند رغبة ” زوجتي الغالية ” ..فقد قررت أن ألتزم بالحياد أولا … و ربما ” أن أكون ايجابي ” .
لم أرغب بالكتابة عن معاناة الناس بانقطاع المياه و مطاردتهم شبه الاسبوعية وراء ” التنكات ” و خصوصا ان ذلك بات جزءا من الثقافة اليومية و التي لا تستفز أحدا … فلا يمكن أن أكون ” غايب الفيلة ..الذي يدبر عيلة” في يوم و ليلة … و لا عن ارتفاع أسعار السلع التي تناهز ما تجده في اسواق دول الخليج … لأنه كما يبدو أن الجميع بات معتادا على ذلك و لا داع لتذكيرهم بأن عليهم ” رفع العيديات” لأن ” ورقة العشر ليرات ” لم تعد تشتري شيئا ….
بالامس كنت أمخر عباب الطريق أسرع قليلا و أحاول التباطؤ احيانا في محاولة للموازنة بأن أصل قبل موعد الآذان و تجنب مصائد الكاميرات او دوريات الشرطة على جنبات الطريق … و كانت سيارتي في الطريق لا أخت لها … و تبدت لي دورية خارجية تلوح في الأفق … فأدركت مصيري … فأنا لا محالة ” صيدا وحيدا و لا أعلم إن كان ثمينا أم لا” … و رغم محاولتي التزام اقصى اليسار و تهدئة السرعة إلا أن الشرطي لوح لي بيده و إشارة ” قف ” التي لا أحبها… و عندها تبدى لي شيطاني و انهالت على لساني ” الشتائم ” و أنا أنسل رويدا رويدا لأقف الى جانب الطريق … اصطنعت ابتسامة من الواضح انها ” نفاق اجتماعي ” لا ينطلي على أي كان. و بادرت الشرطي بتحية فيها الكثير من اللطف و الاستعطاف … انحنى الشرطي بعد ان رد التحية بأحسن منها و أعطاني وجبتي إفطار من طراز رفيع … لم أنبس ببنت شفه وسط ذهولي و صراحة تأنيبي لضميري … فقد كنت للتو أكيل الشتائم من كل صنف و نوع …. لمن أوقفني ليطعمني !!
تحية لكل من ساهم و بادر في أعمال الخير من رجال الشرطة و المرور و الذين لم تك ابدا علاقتي معهم طيبة … و لكن هذا الموقف سيظل علامة فارقة في مسيرتي خلف المقود طوال حياتي.

” دبوس ايجابي ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى