المُعلمة الاردنية..إذ تبحر نحو العمل المطلبي السياسي العام

المُعلمة الاردنية..إذ تبحر نحو العمل المطلبي السياسي العام
ا.د حسين محادين

– منذ عقود خلت؛ وتحديدا قبل عودة انشاء نقابة المعلمين بشكلها الحالي؛كانت المراة / المعلمة مطلوبة للباحثين عن الزواج كونها عاملة،منتجة،
تتقاضى راتبا؛ اضافة الى تمتعها ايضا باجازات وعطلات طويلة مدفوعة الأجر، مقارنة بغيرها من النساء العاملات في مهن اخرى مما جعل نسبة المعلمات الاردنيات ما يزيد على62% من العاملين في مهنة التعليم؛
– هذه الصفات التي سبق ذكرها والادوار النمطية المحدوة قد جعلتا من المعلمة جزءً من التفضيلات الذكورية لطالبي الزواج؛ دون ان ننسى بأن لانماط التنشئة الاجتماعية التي ربيّنا عليها بناتنا للقيام بهذه الادوار الرتيبة تاريخيا قد جعلها المفضلة كأمرأة عاملة لدى الرجل الشرقي غالبا، بحجة ان اهتمامها كزوجة سيكون افضل في الأسرة والاولاد من جهة؛ومن جهة ثانية هذا التفضيل “المهني” للمعلمة هو الذي عزز قبولها اجتماعيا وتقليديا في المجتمع الذكوري اردنيا من خلال تفضيل ادوارها ومهماتها الاقتصادية والثقافية البسيطة؛ والسعي الضمني الى إبقاء المرأة/ المعلمة ضمن الفضاء الخاص لديها وفي نطاق حركتها المحدودة بهذا الفهم مثل :- بيتها،زوجها واولادها، اعمالها المنزلية؛ وبالتالي ابتعادها عموما عن الفكر، والعمل الواسع في الشأن المطلبي والسياسي داخل المجتمع الاردني الاوسع كفضاء عام.

– لنلاحظ بدقة وموضوعية، انه وبعد ان طرحت وجسدت فكرة نقابة للمعلمين كتنظيم هيكلي في الاردن منذ بضعة سنوات؛ كيف اتسع حضور ومشاركة المراة المعلمة المتدرج عبر خروجها من فضاء البيت/ المدرسة والراتب المتدني الى رحابة اهداف ومتطلبات تحسين ظروف عملها ، وزيادة مساهمتها في ترجمة الاهداف العامة للنقابة وبالتالي ازدياد نِسب مشاركتها الواضحة عبر الاجتماعات العامة، وممارسة حقها في الترشح والانتخاب كجزء من ايمانها بضرورة حماية منجزاتها عبر نقابة المعلمين كجماعة ضغط على السياسين وصناع القرار في المجتمع العام؛ خصوصا وان النقابة مرخصة وداعمة لحقوق المرأة /المعلمة دستوريا وقانونيا؛ مطلبيا ومشاركات واضحة في الشأن الوطني العام؛ وهذا ما تجلى بوضوح في الشهر الأول لاضراب المعلمين ترافقا مع صمود المعلمات، ودورهن المتنام في انجاح واستمرار إضراب المعلمين الحالي بصورة حاسمة؛ بدليل ما لاحطته بالمعايشة كمتابع علمي وميداني ، من ان معظم السعي المعاكس لاختراق اضراب المعلمين قد استهدف مدارس الطالبات الاناث ومعلماتهن ؛ وكيف اجج هذا الاستهداف الخاطىء الوجدان الشعبي ضد الحكومة واذرعها؛ أذ ساهم بذات الوقت في زيادة تماسك المعلمين من الجنسين، فكان لديهم جراء هذا السلوك المخطىء عنوانا لافتا في هذا الاضراب المتصاعد هو اسبوع التضامن مع “النشميات المعلمات” ربما لاعتقاد المُستهدفِين خطئاً وبحكم الفكر والتنشئة الاجتماعية التقلدية لدى هؤلاء الساعين لتفكيك الاضراب، بأن المعلمات هن الحلقة اضعف في مصفوفة الاضراب المطلبي والسياسي النوعي داخل النقابة وخارجها؛ ممثلا وبوضوح للمحلل العلمي هنا، في الدعم القوي والصلب للنقابة من قِبل الشرائح الفقيرة وداواتهم الاعلامية غير الحكومية وتحت مظلة وأسم حركي غني وعميق الدلالات والافآق راهنا وفي المستقبل هو شعار “نجوع او نشبع معا”.
اخيرا..يمكن الاستناج وبحياد فكري وعلمي معا، بأن المرأة/المعلمة أردنيا قبل الاضراب، ليست ولن تكون فكرا وممارسات فاعلة في الشأن العام ؛ هي نفسها بعد انتهائه ؛ لأنها قد ابحرت فعلا به وعن ثقة وممارسات ميدانية مفادها في المحصلة المستمرة كتحد لها بذات الوقت، بأن بقائها اسيرة ضمن حدود الفضاء الخاص، لن يجعلها قادرة على انتزاع حقوقها ، وبلورة هويتها الناضجة كأنسان في مجتمع ذكوري لم يكن يقبل بادوارها وتأثيراتها الجديدة مجتمعيا لولا نجاحها هي أولا، بأن تبني شراكاتها الميدانية مع الرجل على اساس التكامل والتكافل قولا وافعال وعلى اساس جامع لهما تحت مظلة ذكاء وحنكة قيادة نقابتهما في ادارة الاضراب كدعامة اساسية تسعى ضمنا الى بناء تىابط شعبي مهني مؤيد وداعم لاتجاه النقابة في ظل فشل الاحزاب والمؤسسات التنظيمية الاخرى وعير عقود في تسويق الايمان الشعبي بأمكانية إعادة توزيع القوى الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الاردني وبأن الواقع الذي سبق إندلاع هذا الاضراب ليس قدرا ابديا على الاردنيين لاسيما الشريحتين الوسطى والفقيرة تحديدا، خصوصل وان الاثرياء بتحالفهم السياسي مع صناع القرار
ما زالوا ينتقصون من الحقوق الاقتصادية المطلبية والسياسية للمهلم والمعلمة معا ، فكان هذا الوعي المتقدم من العوامل الاساسية صياغة بنية واستمرار هذا الاضراب للآن في الاقل…والقادم مفتوح على الكثير من التغيرات باليقين العلمي والسياسي كما ارى.
المجد للمرأة/المعلمة الاردنية الواعية والمغالبة في سعيها الناضج مع زميلها المعلم، لانتزاع كافة حقوقهما كبشر..وحمى الله الاردن الاغلى..
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى