شعبية الوطن

مقال الاثنين 14-5-2018
النص الأصلي
شعبية الوطن
لو أن هناك “باروميتر” للغلّ والكره والحقد الشعبي ، لعرفت الحكومة كم أصبح هذا الشعب مضغوطاً ،منهكاً،بائساً،يائساً لم يعد يعنيه كل الأخبار المزركشة التي تطالعونه فيها كل مساء على شاشات الفضائيات والصحف والتي تتغنّى بكرامته وحمايته والعمل على خدمته، كما صار يسخر من كل المؤتمرات والافتتاحات والمعارض التي لم تنعكس عليه ايجابيا وتحسّن معيشته ولو واحد بالمئة ، على العكس تماماً صارت هذه الأخبار – ومن يظهر بها- تستفزّه وتهينه أكثر مما سبق فتستخرج كل أنواع الشتائم والنقد القاسي لكل من يجلسون على كراسي المسؤولية..
الناس تسأل الحكومة وأنا منهم.. ماذا تريدون منّا؟ ما الحدّ الذي تريدون الوصول إليه ؟ فمن يحكم بالإعدام يبلّغ بموعد إعدامه ويسألونه عن أمنياته ووصاياه؟ من حقّنا أن نعرف موعد إعدامنا لنقول آخر وصيانا وأمنياتنا..
ماذا بقي لتأخذوه؟ ماذا بقي لم تصادروه؟ ماذا بقي لم تتقاسموه على الملأ بكل جرأة واستخفاف وامتهان لهذا الشعب وبمؤسسته الصورية البلاستيكية المسمّاة “مجلس النواب”..هل تعتقدون انكم ماضون في مصلحة الدولة؟ ام أنها أجندات مفروضة بالقوة و – بالكوميشن- ضد الدولة؟.
عندما تطرح الحكومة قانون ضريبة الدخل الجديد،بكل تناقضاته وبنود ظلمه و”حلبه” لدم المواطن فهي بمثابة دعوة جماعية للجوع، وبساط احمر للفوضى والرشوة والسرقة والتحايل على القانون..في هذه اللحظة لا أتحدّث عن شعبية الحكومة فهي ما دون الصفر منذ ان تشكّلت ، أنا يهمّني في هذه المرحلة المفصلية من عمر الوطن – والتي لا يستطيع أن يتنبأ بها أهم منجمّي السياسة – شعبية الوطن نفسه..الناس لم تعد تحبّ وطنها يا جماعة لم يعد يعنيها الانتماء، من يقول غير ذلك فهو موهوم ولا يريد ان يرى الحقيقة ، الحكومات أوصلت المواطن إلى أن يكره الأرض وكل من يتغنّى بالوطن..وهذه أخطر حالة يمكن ان نصل لها ،لا نستطيع ان نحاكم الناس على مشاعرها ، فمن يجوع ومن لا يجد رسوم تدريس أبنائه او أيجار بيته لا يعنيه كثيراً التغزّل بدحنون البلاد ولا بترابها…
إذا طبّق قانون الضريبة الجديد..سيضطر الموظف إلى الرشوة ، والى القبض من تحت الطاولة ، والى بيع المعاملات ،والى تسريب المعلومات لمن يدفع أكثر، والتخابر مع من يدفع أكثر، فالوطن كله برسم البيع والسعر بعد المعاينة ..
اذا استمرت السياسة الاقتصادية على ما هي عليه، عندها لن يبقى أي سياج للوطن..وسنعرف عندئذٍ كم كان باهظاً ثمن السكوت وثمن الخوف والجبن وثمن “السخرية” على الفيسبوك!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. الدولة الأردنية مزقت وفتت بأيدي أرفع الألقاب.. دولة بناها من لم يحظى أن ينعم بشبابه وبرجال من حوله.. أتستشهدون بنا اليوم على فشلكم بإدارة الدولة..لكم منا ذلك..!

  2. دائما استغررب ممن يستخدم ما حدث في دول الجوار جراء البؤس الذي عاشوه و انفجروا ليصبح الكل سواسيه .. الكل في العراء لافرق بين غني او فقير .. الاجدر بالحكومات و المسؤولين انفسهم ان يتعضوا و يخافوا الله و يخافوا على انفسم و وضعهم و املاكهم من الزوال .. فالغريق و الجائع لا يخشى شيء

  3. أحييك أستاذنا الفاضل على جرأتك في ما يجول بخاطر الناس وما يشعرون به..والسؤال القوي الذي طرحته ويطرحه الغالبية من الناس …إلى أين يريدون بنا الوصول….عندما أدفع 30 دينار بنزين وما يوصلوا التنكتين ….كيف سينتهي بالشعب المطاف…الله أعلم

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى