حينَ نكونُ سببَ تعاستنا / خالد الدرابسة

حينَ نكونُ سببَ تعاستنا / خالد الدرابسة

يُطلِقُ العنانَ للأفكار السّلبية ، وما أنْ تتّقدَ بباله فِكرةٌ مزعجةٌ أو ذكرى مؤلمةٌ ، حتى يسترسلَ معها ليُغرقَ نفسَهُ بالحزن أو النقمة ، فَيميلَ للتّركيز على كلّ مايؤجّجُ الغضبَ بداخِلِه ، ويحشرُ نفسَهُ في دائرة السّوء، فلا يسعى لإخراج نفسه منها وهو القادرُ على ذلك بالإصرار على إنفاذ مراميه وتحقيق آماله، باعتماد التفكير الإيجابي..
ذلك الشخصُ هو بلا شكٍّ أحدُ أهمِّ أسبابِ تعاسته ؛ فالطمأنينةُ والرّضا لا تجدُ لهما مكاناً في زُحام الأفكار المتشائمة، والأمنياتُ لا تتحقّقُ بالجُمود والتّشكي والتذمر ، والقناعاتُ المسمّمةُ بالتشاؤم، تجعلَ صاحبَهَا – دائماً – يُترجِمُ أحداثَ حياتِه على أنَّها سِلسلةُ إخفاقاتٍ ارتبطت بسُوء حظّه، فيقعد مُليماً مغلولاً ، يحجبُ عن نفسه ضَوْءَ التّفاؤل بغدٍ أجمل…
إنّهُ لمنْ سوء الاعتقاد أنَّ النّجاحَ والسعادةَ مرتبطانِ بالحظِّ بالمُطلق : منْ حظي به كان سعيداً ، ومنْ حُرِمَهُ كان شقياً، إنَّ الأفكارَ السلبية المغموسةَ بالسوداوية جديرةٌ بأنْ تسلِبَ البعضَ إرادتَهُ ، وتحرمَهُ الاستمتاعَ بحياته ، وتشكّلَ منهُ شخصيةً ندّابةً لا حولَ لها سوى لعنِ الظُّروف ، وتحميل الآخرين أسبابَ ماهي عليه ، ما يقودُهُ للتسبُّغ بنفسيّةٍ مُعقّدة ، زائدةِ الحساسية ، ترفضُ تغييرَ قناعاتِها تحتَ وطأةِ اليأسِ حيناً، والغُلوِّ أو الكِبْرِ أحياناً ، أو ربّما لفقدانها الثّقةَ بالآخرين ، وظنّ السُّوءِ بهم ، ما يدفعها للتشنّج ، وافتقار المرونة في التّعامل مع المواقف المختلفة.
ثمّة شخصياتٌ قادرةٌ على تحقيق تغييراتٍ جذريةٍ بنفسِها، تجعلها أكثرَ ثقةً بمواطن قوتها فتستثمرها ،
وتُدرك نقاطَ ضعفها ، فتسعى جادّةً لمعالجتها .
إنَّ سهولةَ جنوحنا لانتقادِ الغير، وإلقاءِ اللوم عليهم ، أو على الظروف ، مع عدم قدرتنا على نقد أنفسنا ، إنما هو أحدُ أهمّ أسباب شعورنا بالتّعاسة ، لذا فليحرصْ كلُّ واحدٍ منا على صحته النفسية ، بإقلاعه عن التفكير بسلبية ، وسوء الظّنّ بالآخرين ، وتجنّبِ التردّد عند اتخاذ القرارات الحاسمة ، لأنّ مصدرَ إسعادنا لأنفسنا مركوزٌ بدواخلنا ، يستثيره من يستثيره ، ويكبحه منْ يكبحه ، ولنُحسنِ الظنَّ بالله في كل ظرفٍ ، فاللهُ عندَ ظنِّ العبد به…

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى