القرآن..كتاب الله 2/2 … د. هاشم غرايبه

القرآن..كتاب الله 2/2

نستكمل مقال الأمس:
5- هنالك كثير من الآيات كان فيها عتاب للنبي وأخرى فيها لوم على تصرفات قام بها، مثل قصة الأعمى في (سورة عبس)، وأخرى تنقض حكما حكم به عندما فادى أسر بدر، فلو كان النبي هو من وضعه هل كان ليقرّع نفسه؟.
6 – في قصة الإفك انتظر النبي نزول الوحي لمعرفة الحقيقة فتأخر أربعين يوما قضاها في عذاب نفسي قاسٍ، فلو كان من عنده هل كان لينتظر كل هذه الفترة الطويلة، ألم يكن الأولى لو كان القرآن بيده أن يحقق ويتأكد بنفسه فيحسم الأمر سريعاً؟.
7 – وردت قصص الأمم السابقة بتفصيلات دقيقة، في زمن القرآن لم يكن هنالك تدوين للتاريخ، ولم يكن من تواصل معرفي (تبادل ثقافي) بين العرب والأمم المتفوقة، كما أن محدودية وسائل الإتصال كانت تحد كثيرا من انتقال المعلومات التاريخية، فمن أين حصل على كل تلك المعلومات لمناطق وأقوام لا يوجد معها تواصل جغرافي ولا زمني؟
8 – جميع المعلومات المستقبلية التي لا يمكن لأحد معرفتها جاءت في آيات قبل زمن حدوثها وتحققت فعلا، مثل قصة الروم، وفتح مكة، واستتباب الأمر للدولة الإسلامية، وسورة المسد التي جاءت بحق أبي لهب وأنه سيموت وزوجته مشركين، فلم يتمكنا من نقض ما صدر بحقهما مع أنه كان بإمكانهما أن يؤمنا ليثبتا بطلان السورة وانها ليست من الله.
9- هنالك كم هائل من المعلومات العلمية والطبيعية والكونية، والتي جاءت في وقت لم تكن البشرية قد عرفتها، في علوم الكون وأصل تكونه وطبقات الأرض ودورة الماء وكيفية تكون الجنين في الرحم وأطوار نموه ..الخ، ولا يمكن لإنسان واحد أن يلم بكل تلك المعلومات ويكون مالكا لزمام العلوم كلها.
(ب) فرضية أن لا يكون من تأليفه بل أخذه عن آخرين، وافترضوا شخصين قابلهما النبي صلى الله عليه وسلم، أولهما الراهب بحيرة التقى به مرة في رحلته الى الشام وكان لا يتقن العربية فلا يمكن أن يعلمه لغة لا يجيدها ولا يعقل أن يلقنه الكم الهائل من الآيات (6666 آية) في هذه المقابلة، والثاني هو ورقة بن نوفل الذي طمأنه بأن الذي جاءه هو وحي ، لكنه كان كبير السن فمات في بدايات الدعوة.
هكذا نرى تهافت الفكرة ، بل هي ساقطة من أساسها فمن هو الشخص الذي يلقن آخر خلاصة فكره ويبقى منسيا متواريا لا ينال مجدا ولا حمدا؟.
والأبعد منها عن المنطق فكرة أن القرآن منسوخ من التوراة، فلا يوجد أي تماثل بنيوي أو شكلي بين الكتابين، ما يتفقان فيه هو مبدا التوحيد والبعث والحساب، وهذا منطقي إذا كانا من المصدر ذاته.
كما ينقض هذه الفكرة كون التوراة غير متاح الوصول إليها لغير الأحبار، ولو افترضنا أن أحدهم انشق وسرّبها، من كان سيقرأها ويدرسها للنبي ويبقى في مكان سري عشرة أعوام في مكة وثلاثة عشر في المدينة؟.
نخلص في نهاية محاكمة هذه الإفتراضات إلى الإستنتاج بأن هاتين الفرضيتين تعبران عن ضحالة فكرية ولا يسندهما أي دليل عقلي.
والنتيجة القاطعة التي وصلناها تقضي ببطلان حجة القائلين أن مصدر القرآن بشري، وإذاً فهو كتاب الله أنزله للناس، وبما أنه لم يذكر في التوراة أو الإنجيل أنه لا كتاب بعدها، فمن الذي يملك أن يقرر أن الله لن ينزل كتابا غيرهما؟، فمن آمن بأنهما من الله يجب أن يؤمن أيضا أن القرآن من الله، وهو الكتاب النهائي للمؤمنين جميعا، لأن ذلك مذكور في متنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى