فحوص فيروس سي والإيدز .. البيروقراطية تهدد صحة الأردنيين

سواليف – رصد

نشر موقع العربي الجديد الالكتروني على صفحاته تحقيقا صحفيا حول فحوصات مرضى التهاب الكبد الوبائي من النوع سي ، وفحوصات مرضى الإيدز .
وتناول التحقيق الصحفي معاناة العاملين في المختبرات الطبية ، والبيروقراطية التي يعاني منها المواطن في اروقة وزارة الصحة من حيث التأخير في الحصول على النتيجة والتي تهدد بالتالي صحتهم وصحة المقربين منه .

وتعرض التحقيق الى الاصابات واعدادها ولقاءات مع بعض المصابين الذين يخفون اصاباتهم خاصة من الوافدين خوفا من انهاء خدماتهم

وتاليا التحقيق الصحفي كا نشرته العربي الجديد

تشعر فنية المختبرات الأردنية هدى سالم، بالاستياء من آلية التعامل مع حالات اشتباه الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (فيروس C)، وفيروس الإيدز (HIV)، إذ تتطلب إجراءات التحقق من العينة المسحوبة من الوافدين في مختبر الزرقاء المركزي الذي تعمل به فترة طويلة تعد تهديداً لصحة المتواصلين مع المصاب في حال تم نقل المرض إليهم.

يعد مختبر الزرقاء واحداً من خمسة معامل رسمية حكومية تجرى فيها فحوص الوافدين، والتي تستغرق وقتا كما تقول هدى التي رفضت ذكر اسمها الحقيقي، حفاظاً على وظيفتها، تقول هدى “لا يتم ترحيل الوافد مباشرة بعد سحب العينات والتأكد من كونها إيجابية، لفترة قد تصل إلى شهرين أو أكثر حسب الإجراءات البيروقراطية، وبالتالي فإن صحة المواطن الأردني والمقيم في خطر، إذ يمكن نقل المرضين بطرق مختلفة معروفة لدى المختصصين لا تأخذها مديرية صحة الوافدين بعين الاعتبار”.

أعداد المصابين بالإيدز وفيروس سي في آخر عامين

في عام 2014 بلغ عدد الحالات المكتشفة للمصابين بمرض الإيدز من المسجلين في وزارة الصحة الأردنية 90 مصابا، موزعين بين 25 أردنياً و65 وافداً، في حين بلغ عدد المصابين بالكبد الوبائي فيروس سي 50 مصابا موزعين بين 10 أردنيين و40 وافداً.

في حين سجل عام 2015 ارتفاعاً بعدد المصابين بمرض الإيدز المسجلين في وزارة الصحة، إذ بلغ العدد 110 مصابين، موزعين بين 50 أردنياً و60 وافداً، في حين سجل تراجعاً في عدد المصابين بالكبد الوبائي فيروس سي من المصابين المسجلين في وزارة الصحة، إذ بلغ العدد 48 مصاباً موزعين بين 10 أردنيين و38 وافداً.

الإجراءات الرسمية

رفض مدير مديرية الأمراض الصدرية والوافدين السابق الدكتور خالد أبو رمان الإجابة عن سؤال معدة التحقيق، حول الدور المنوط بوزارة الصحة لمواجهة الإجراءات البيروقراطية التي يتم اتباعها في الكشف عن حالات الإيدز والكبد الوبائي سي. إلا أنه ينفي “أي تقاعس من قبل المديرية”، ويعتبر أن “الإجراءات التي يرى البعض أنها طويلة ما هي إلا إجراءات دقيقة حتى لا يظلم أحد، وفي حال إثبات أن هناك حالة إصابة بالكبد الوبائي سي أو الإيدز فإن المديرية تقوم باجراءات مشددة، للحؤول دون قيام هؤلاء بنشر العدوى بين الشرائح المجتمعية المختلفة”.

ويعتبر أن “عمل المديرية خط دفاع رئيسي عن صحة الأردنيين، بوصفها المسؤولة عن إجراء فحوصات طبية للوافدين، في المهن المختلفة ومن بينها ما هو على تماس مباشر مع ما يؤثر على صحتنا من خلال العمل في المطاعم والمخابز، وهو ما ما يتطلب أن تكون هناك سلسلة من الفحوصات المخبرية والصور الإشعاعية التي تعكس مدى اللياقة الطبية وخلوهم من أية أمراض معدية، بالإضافة إلى المتابعة الحثيثة لمخيمات اللاجئين السوريين وإجراء فحوصات طبية لهم ومراقبتهم لمنع انتشار أية أمراض قد تنعكس سلبا على المجتمع، لا سيما مع تزايد أعداد اللاجئين في المخيمات المخصصة لهم أو في المناطق السكنية التي انتقلوا للعيش بها، وكذلك لدى انخراطهم في سوق العمل الأردني”.

مصابون يعترفون

لكن يبدو أن التطمينات الرسمية تخالف الواقع الذي يعيشه الأردني والوافد، إذ وفقا لما وثقته معدة التحقيق عبر لقاء مع الوافد السوري عماد الدين، والذي يعمل في مقهى في العاصمة عمان؛ فإنه مصاب بمرض الكبد الوبائي (C)، ويشعر “بالخوف، في حال اكتشاف أمره”.

وافق عماد على لقاء معدة التحقيق أملا في الحصول على مساعدة طبية “تتيح له علاجا لا يستطيع توفير ثمنه” كما يقول الشاب السوري الثلاثيني، قبل أن يتابع: “أصبت حين كنت أبيع دمي في سورية ليتم تهريبي إلى الأردن، ولم أكن أعلم أن الحقنة ملوثة، وتبين أني مصاب بالمرض بعد تحليل في مختبر أرسلتني له مديرية صحة الوافدين، ولكن الإجراءات لم تنته بعد، وأتمنى أن يكون الاختبار الأول خاطئاً، لأن حياتي انقلبت رأساً على عقب”.

أما المصري مصطفى داوود (اسم مستعار) فيعمل في مجال البناء في محافظة الزرقاء بشكل غير شرعي منذ عام، وفي محاولة لتصويب وضعه القانوني قام بتقديم أوراقه وإجراء التحاليل اللازمة في مختبر حكومي غير أنه اكتشف أنه يحمل فيروس (HIV) الإيدز، ما أصابه بصدمة، يقول داوود “أتمنى أن تظهر الفحوص اللاحقة خطأ ما في التحاليل الأولى”.

المختبرات في الأردن

يصل عدد المختبرات الطبية في الأردن والموزعة بين القطاعين العام والخاص إلى نحو 5 آلاف معمل طبي، بعضها مستقل والأخرى تابعة لمشافٍ ومراكز صحية، ويتركز 70% منها في العاصمة عمّان، بينما تستقبل مديرية المختبرات المركزية في وزارة الصحة الأردنية 325 ألف عينة دم سنوياً، تخضع للفحص المخبري على المستويين السريري والصحة العامة، حسبما أكد مدير الدائرة الدكتور أكثم حدادين لـ”العربي الجديد”.

يقول حدادين: “يستقبل مختبر الصحة العامة (أحد معامل مديرية المختبرات المركزية)، أكثر من 200 ألف عينة سنوياً، وفي عام 2015 تم فحص 208 آلاف عينة، منها 150 ألف عينة لوافدين أخضعت للفحص؛ من أجل التأكد من خلوها من مرض نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”، والتهاب الكبد الفيروسي نوع “C”، مشيراً إلى أن المختبر “يعمل على شقين، فهو يقدم خدماته للمرضى من خلال إجراء فحوص التهابات الكبد الوبائي من نوعي (C، B)، باستخدام تقنيات البلمرة، وتحديد النوع الجيني للمرض، بالإضافة إلى تقنيات حديثة للكشف عن الإيدز”.

يقر أكثم حدادين أن “الإجراءات طويلة نسبياً”، ويضيف “لكن الخضوع للاختبارات حتى في المؤسسات العالمية يحتاج إلى وقت ومال، وما يقوم به الأردن هو نمط عالمي، وبالتالي فإننا نؤكد على قيامنا بواجبنا”.

ويلفت مدير مديرية المختبرات المركزية في وزارة الصحة الأردنية إلى أن الأردن لديه “خمسة مختبرات مركزية رئيسية تخدم المحافظات الاثنتي عشرة، بالإضافة إلى المختبرات التابعة للمستشفيات العامة والخاصة، والمختبرات الخاصة”، متابعا “لكن التقارير التي يتم الفصل بها فيما إذا كان من يجري التحليل مصابا أم لا، هي تقارير المختبرات الرئيسية، في العاصمة عمان، وإربد، والزرقاء، والكرك، والعقبة، لتكون هناك تقارير منصفة للجميع” بحسب قوله.

وكانت مديرية المختبرات المركزية في وزارة الصحة قد اتبعت متطلبات تطبيق اللوائح الصحية الدولية المتعلقة بتحقيق الأمن الصحي، والحماية من انتشار الأمراض على الصعيد الدولي باعتماد تقنيات حديثة في مختبرات الصحة العامة، وفق حوار سابق لحدادين مع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2015.

وأعدت منظمة الصحة العالمية لوائح صحية دولية بمشاركة الدول الأعضاء للسيطرة على الطوارئ الصحية، والتي تثير قلقاً دولياً، وللحد من انتشار المرض على الصعيد الدولي، والحماية منه، ومكافحته، ومواجهته باتخاذ التدابير العالمية المرتكزة على تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء للكشف عن الأوبئة.

مختصون: 1080 حالة إصابة بالإيدز

يؤكد الدكتور وسيم حمودة، مستشار أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مستشفى البشير الحكومي، أن نسبة انتشار فيروس سي في الأردن بحدود 0.60% أي إصابة (واحدة لكل 25 ألف مواطن) بحسب الدراسات الوبائية التي أجرتها وزارة الصحة، مشيراً إلى أن انتشار هذا المرض يأتي عن طريق الدم الملوث بهذا الفيروس والأدوات الحادة الملوثة بدم مصاب بالفيروس مثل (حقن وإبر غير معقمة وشفرات حلاقة مستعملة).

وتابع “علامات الإصابة بهذا الفيروس غالبا ما تكون صامتة ويتم اكتشافها عن طريق الفحوصات الروتينية للدم. أما في المراحل المتقدمة من المرض فتظهر أعراض تشمع الكبد وهي استسقاء في البطن ومن ثم اصفرار ونزيف دموي معوي ناتج عن تمزق دوالي المريء والمعدة وغيبوبة كبدية متكررة ومن ثم يتطور إلى سرطان الكبد”، وفق ما صرح به حمودة.

بلغ العدد الإجمالي للإصابات المسجلة بفيروس الإيدز في الأردن 1080 حالة منذ تسجيل أول إصابة بالمرض عام 1986 – 2014

وبلغ العدد الإجمالي للإصابات المسجلة بفيروس الإيدز في الأردن 1080 حالة منذ تسجيل أول إصابة بالمرض عام 1986 – 2014 وفق مدير الأمراض السارية في وزارة الصحة الدكتور محمد العبداللات.

ويوضح العبداللات “تعتبر المملكة الأردنية من الدول التي تسجل تدنياً في نسبة انتشار الإيدز، بسبب جهود الوقاية لمن يحتمل انتقال المرض إليهم”.

وتابع “الأردن ما يزال من الدول ذات معدل الانتشار المنخفض، إذ إن معظم الإصابات تسجل بين وافدين، يجري تسفيرهم إلى بلادهم فور ثبوت إصابتهم”، لافتاً إلى أن الإصابات خلال ذات الفترة توزعت بين 294 أردنياً، و786 وافداً من عدة جنسيات”.

وتسعى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإيدز بحسب العبداللات إلى “المحافظة على معدل انتشار منخفض للمرض في الأردن عبر وجود أنظمة فعالة للرصد الوبائي، والوقاية من انتقال الفيروس للفئات الأكثر تعرضاً للإصابة، وتوفير الرعاية والدعم والعلاج للمصابين بنسبة تغطية بالأدوية تصل الى 100%”. بحسب تصريحات صحافية سابقة لوكالة البترا الرسمية.

تحذير من نقص الثقافة الطبية

“لا يوجد نص قانوني أردني صريح يمنع المصابين بمرض الإيدز أو الكبد الوبائي سي من العمل في القطاعين العام أو الخاص”، بحسب المحامي محمد الناصر، رئيس مشروع القانون والإيدز ويقول الناصر لـ”العربي الجديد”: “التشريعات الأردنية لا تميز المصابين بالإيدز عن غير المصابين، ولكن ينقص أرباب العمل الثقافة الطبية عن المرض”، لافتاً إلى أن معظم المصابين بالإيدز “يتم فصلهم تعسفياً بسبب تخوفات غير مبررة من نقل المرض لزملائهم”.

وعن الكبد الوبائي سي، يعترف الناصر أن “الأمر يحتاج لمزيد من المعلومات، والدراسات، لأن مشكلة الكبد الوبائي أنه يمكن أن يتم نقله بوسائل أكثر من الإيدز”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى