بعيدا عن الضغوط النفسية . . !

بعيدا عن الضغوط النفسية . . !
موسى العدوان

بعيدا عن أجواء كورونا ونتائج الانتخابات النيابية، وما يرافقهما من ضغوط نفسية، اسمحوا لنا أن نروّح عن أنفسنا قليلا، ونذهب إلى أجواء أكثر بهجة وراحة نفسية.

لقد عُرف عن الملك عبد الله الأول، حبه وبراعته في الأدب والشعر، إضافة لكونه رجل حكم وسياسة. ولهذا أحب مجالسة الأدباء والشعراء ليحاورهم ويساجلهم في الشعر والأدب، وأحيانا يعارضهم فيما هم ذاهبون إليه.

ففي جلسة للملك عبدالله بتاريخ 19 أيار 1944 ضمّت عددا من حاشيته، إضافة إلى الشيخ الأديب حمزة العربي ومصطفى وهبي التل، طلب جلالته من الشيخ حمزة، أن يرتجل بيتا من الشعر ليساجله به هو والتل. فانصرف ذهن الشيخ إلى مدح آل البيت، وقال بيت الشعر التالي :

مقالات ذات صلة

وما الآل إلاّ آل بيت محمد * *
هم العز في الدنيا هم الذخر في الأخرى

فأردف التل قائلا :
فلا زال فينا سيد منهم به * *
نلوذ ونقضي في معيته العمرا

فقال الملك :
وما الشعر بالإغراء والمدح إنما * *
أرى الشعر في الآداب لست به أحرى

لم يعرف الشيخ أن الملك كان يقصد بطلبه نظم الشعر الغَزَلي، وليس المدح لآل البيت، حيث افتتح جلالته السجال بهذا البيت من الشعر :
رأيتها اليوم تمشي وسط دارتها * *
كأنها الغصن لا طول ولا قِصَرُ

فقال الشيخ حمزة :
تمشي وتختال والأبصار تتبعها * * والعين فتاكة قد زادها الحور
غراء فرعاء زهراء الجبين إذا * * رأيت طلعتها يقتادك النظر
تقـول حين تراها وهي مقبلة * * عليك مسفرة هذا هو القمر
في ثغرها الدّر منظوم إذا ابتسمت * * والورد في وجنتيها زانه الزهر
يا حسنها حين تبدو في غلالتها * * يحفها حارسان الدلّ والخفر

* * *
التعليق : ما أروع هذا التشبيه وسرعة البديهة التي اتصف بها هؤلاء الأدباء الثلاثة، وخاصة ما جاء في ردّ الشيخ حمزة العربي على جلالته، بأبيات شعرية رومانسية بليغة خلال دقائق، وكأنه يرى الموصوفة أمام عينيه. تلك الأبيات التي لم يستغرق نظمها سوى بضع دقائق، والتي قد تحتاج إلى ساعات طويلة في نظمها من قبل أي شاعر آخر.

رحم الله الأدباء الثلاثة، جلالة الملك عبد الله الأول، وفضيلة الشيخ حمزة العربي، ومصطفى وهبي التل، وأسكنهم فسيح جناته.

التاريخ : 11 / 11 / 2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى