
بسم الله الرحمن الرحيم
غزوة الشمع الأحمر
بلغت معاناة الشعب الأردني في كل المجالات حدا لا يطاق بدءا من الحريات العامة مرورا بالفساد المتواصل ثم الى الحالة المعيشية الصعبة والمتردية إلى أن وصلنا “قاع البير”.
و”قاع البير” هو فقدان الأمن والشعور بالخوف والهلع والقلق على النفوس والأرواح، وقد حدث هذا الخوف والقلق في هذا العام مرتين، الأولى عندما علمنا أن “داعش” نجحت في نقل المعركة إلى داخل الأردن في “عملية إربد” وهذا يعني أنها يمكن أن تنجح بالوصول إلى مدن أردنية أخرى في المستقبل، في الوقت الذي كانت فيه حكومتنا قد بررت حربها على داعش بقولها “نحاربها هناك حتى لا تصل إلينا هنا في الأردن”، “يا همّلالي”.
أما المرة الثانية فقد شعرت بالخوف والقلق عندما اقدمت الحكومة الإسبوع الماضي على إغلاق مقرات جماعة الإخوان المسلمين، فكان القرار صادما وعنيفا وخطيراً يبعث على القلق، وفي تقديري أنه قرار سياسي بامتياز يخدم اجندة خارجية ويلقي بالضرر على الداخل لأنه يساهم في تغذية التشدد والتطرف، وهذا يعني أن الحكومة ماضية قدما ومصرّه على العبث بأمن الأردن والأردنيين وتعريضهم للأخطار رغم النصائح المتكررة التي قدمناها مع كثير من الأردنيين المخلصين الشرفاء.
سبعون عاماً وجماعة الإخوان المسلمين تعمل في الأردن دون ترخيص، هذه رواية الحكومة وهو أمر لا يعقل ولا يمكن أن يصدّقه أحد، أما الإخوان فيقولون أنهم مرخصون منذ عام 1953 بوثائق موجودة لدى رئاسة الحكومة ولديهم نسخٌ مماثلة.
وقد سبق أن صدر حكمٌ قضائي بأن “جمعية الضرار” جمعية عبد المجيد ذنيبات المدللـه لا تحل محل جماعة الإخوان المضطهدة ولا تخلفها، وبهذا تكون الحكومة قد وجّهت إهانة بالغة “وقلة إحترام” للقضاء الأردني.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة هو لماذا تسكت الحكومة سبعين عاماً على جماعة تعمل دون ترخيص؟!.
أو لعلها كانت طوال سبعين عاماً تبحث عن الشمع الأحمر فلم تجده إلا في شهر نيسان عام 2016 ؟! أو لعلها اكتشفت مؤخرا أن الإخوان المسلمين هم من قتل الشهيد رائد زعيتر أو الشهيد إبراهيم الجراح، أو لعلهم من تسبب بالنديونية الهائلة التي يرزح تحتها الشعب الأردني أو لعلهم السبب في إقصاء رئيس هيئة محكمة الفساد السابق عندما حاول أن يحقق مع أحد الفاسدين أو لعلهم من تسبب في إقصاء رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق من منصبه عندما أرسل أوراق إحدى الفاسدات للتحقيق، أو لعل الإخوان هم من خصّ أراذل للناس وأخسهم بالمناصب العليا وسيدوهم على الأردنيين أو لعلهم من أعطى عبدالله النسور 4 مليون دينار لبناء قصره الجديد أو لعلهم من عيّن إبن عبدالله النسور سفيرا وصهره الأول مديرا لمؤسسة الإقراض الزراعي وصهره الثاني في شركة الكهرباء ثم أوعزوا إليه بتعيين نجل وزير الزراعة عاكف الزعبي مستشارا بالرئاسة، أو لعلهم من منعوا إرسال ملف باسم عوض الله للقضاء أو لعلهم من منح الجنسية الأردنية لمن هب ودب أمثال عبود سالم والجلبي والجميلي، أو لعلهم من تسبب في تفجير المفرقعات في الجويدة أو هم من تسبب في “هرقلة هرقله” كنز عجلون بعد أن استخدموا التنويم المغناطيسي لتنويم رئيس الحكومة وتغييبه عن المشهد.
أو لعل الاخوان المسلمون هم السبب في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في الأردن، أو لعلهم من نهب ثروات ومقدرات الوطن وباعوا الشركات العامة ثم اشتروها من خلف الستار لأنفسهم، أو لعلهم من أوصل الشعب الأردني إلى هذه الحالة المعيشية البائسة المتردية، أو لعلهم من نهب “ذهب الأردن” الدفائن والكنوز التي كان آخرها من مغارة عبدون ومغارة حسبان ثم شحنوا هذه الكميات الكبيرة من الذهب على متن طائرة وأرسلوا بها إلى تركيا هدية لصاحبهم أردوغان.
أو لعلّ الإخوان المسلمون هم من فرض على رئيس الحكومة السابق فايز الطراونة استحداث وزارة جديدة للمرأة واشترطوا عليه أن تكون الوزيرة حاصلة على بكالوريوس رياضيات فقط وأن تدار الوزارة في الهواء الطلق لعدم وجود مبنى.
أو لعلهم هم من تآمر مع اليهود والإنجليز على فلسطين بالتعاون مع الجنرال كلوب الإنجليزي، أو لعلهم من قرر طرد العشائر الأردنية وشيوخها من الديوان وإحالتهم إلى التنمية الإجتماعية، أو لعلهم من أرسل همام البلوي كجاسوس مزدوج على طالبان والقاعدة في افغانستان وراح فيها المسكين، أو لعلهم من تسبب في مقتل أبو مصعب الزرقاوي “بني حسن” في العراق، وتسببوا في اختطاف سفيرنا “العيطان” بني حسن في ليبيا، ثم تسببوا في استشهاد الضابط راشد الزيود “بني حسن” في عملية إربد، أو لعلهم وراء عدم استقرار الحياة النيابية والحزبية في الأردن لأنهم يخترعون لكل دورة قانون انتخاب جديد لتخريب وتمزيق النسيج الوطني، أو لعل الإخوان هم من جاؤوا بوزير من الحكومة للإشراف على مسرحية الانتخابات القادمة، أو لعل الإخوان هم مهندسو اتفاقية وادي عربة ولعل عرّابها عبد السلام المجالي الذي وعدنا بالسمن والعسل بمجرد توقيعها هو المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين أو لعل الإخوان المسلمون هم من يشتري البترول من داعش ببلاش إلا ربع ويبيعوه للشعب الأردني بالسعر العالمي.
ترى لماذا تسكت الحكومة كل هذه المدة البالغة سبعين عاماً على جماعة تعمل في الأردن دون ترخيص؟!.
إن الحكومات المتعاقبة على ظهري وظهر الشعب الأردني في الدوار الرابع منذ عام 1945 وحتى اليوم هي المسؤولة أمام الشعب الأردني عن كل جرائم الإخوان المسلمين هذه التي ارتكبوها في الأردن بما فيها الإستحواذ على عقول وقلوب أكثر من 70% من الشعب الأردني الذين لا تستطيع الحكومة إغلاق عقولهم وقلوبهم بالشمع الأحمر الذي صاروا إخوان مسلمين أو مناصرين لهم أو متعاطفين معهم ويفوزون بالانتخابات في كل القطاعات إلا مجلس النواب طبعا لأنه يعيّن تعييناً.
إنني أطالب بتحويل كل المسؤولين عن هذا الأمر إلى المحكمة لمحاسبتهم على ترك الإخوان المسلمين يعملون في الساحة الأردنية طوال سبعين عاما يسرحون ويمرحون دون ترخيص وإن جريمة بهذا الحجم برأيي أن مرتكبيها يستحقون حبل المشنقة.