هرمت الأقلامُ وشاخت الصحف

هرمت #الأقلامُ وشاخت #الصحف

#شبلي_العجارمة

لماذا لم تعدْ تكتب؟ ، هل أغمدوا قلمك في خاصرة مستقبلك ؟ ، أم أنَّ المقالات لم تعد تناسب المقامات ؟ .
بين رحى السؤال وقمح الإجابة ثمةَ وجعٌ لا يشفيه مسكن ألم النفي ولا ترياق الإثبات، لأنَّ الزمنَ بات يرتدي #عباءة #الباطل ، وأُناسه يصفقون لهُ بعتمةِ عقولهم ودياجير ظلام أفكارهم، بتنا يا صاحبي متهمون بداء سلامة اللغة ، وموقوفون بتهم التغريد خارج أسراب الجهل والتبعية الغوغائية المفرطة، لأننا لا نكتب إملاءات النصوص الجاهزة ، ولا نرقص بثياب القناعات المزيفة الممسوخة، ولم نعد نفكر من داخل صناديق الشعارات الرنانة الفارغة .
كلُّ ما هنالك يا أصدقائي أننا على مسرح عرائس الدمى موتى ، تحيينا أيدي القاضي والجلاد والحاجب ، علينا أن نمثل سيناريو زاوية السيد الضيقة، كما يرى هو ليس كما نشعر نحن ، وعلينا أن نضحك الجمهور على مراثي أرضنا وشعبنا ومستقبلنا شريطة قهقهتنا الأخيرة، لإضفاء الشرعية الباطلة على سرورنا المصطنع .
أقلامنا هرمت قبل آوانها ، وصحفنا شاخت في مهدها ، أولُ من وارى جثامين حقائق كلامنا هو الشعب الذي يريدنا جيفارا عند نزول علم الدولة الرسمي وانتهاء مصالحهم ، وعلينا أن نكون لاعقي أحذية السادة عند احتياجهم لهُ، هي المعادلة الصعبة في اوطاننا الكئيبة والحقائق الباطلة في شعوبنا البليدة، نحن من يمثلُ حقيقة الفتنة وباطل الصدق والاستعراط الكاذب بوصفنا ( هالعيال) ، ونحن أعداء هذا الوطن تنصيبًا أمنيًا محذرًا من التعاطي معنا ، أو إشاعة العدوى الانتمائية واللا وطنية بمجرد القراءة لنا أو تبني بعض أفكارنا الهادمة لأكاذيب الذين ينتمون لهذا التراب براتب فلكي ، أو منصب ظلم ، أو صولجان سلطة منزه عن الأخطاء والظلم والإجحاف .
حمى الوصول لمنصبٍ سخيف ، ومرض الحظوة بالرضا على شاكلة أربع زجاجات وقود ، أو اللهاث ل التقاط صورة على درجٍ هرميٍّ معكوس ونشرها على صفحاتنا وجميع صفحات التواصل الاجتماعي ، هذه هي الانتماءات المطلوبة ولا غيرها ، وهذه هي الولاءات التي تشبه قصات الجينز والشعر والتاتوه.
لقد نهضت الشعوب بأفكار مثقفيها ، اولئك الذين كلفهم السير بعكس تيار الجهل والتجهيل وثقافة القطيع ، تم إعدام أفلاطون لكن فلسفته بقيت حية ترزق ، تم قتل المهندس سُنمار لكن مثله الذي يضرب في بؤس الجزاء ليومنا هذا يسير على قدمي الحكمة والبصيرة ، قضى الإمام أحمد بن حنبل ولا زالت جدلية الخلق والكلام بين دعاتها تنضج قدورها على نار الفقه والعلم والبيان، استشهد الشيخ أحمد ياسين لكن روحه بثت الأمل في أحفاده الذين هزوا كيان الظلم ودعاته.
ضريبة الأقلام باتت بسعرٍ أزهد ما يكون ، وهي الحرمان من حق الوظيفة، أو لعنة تطارد أبنائك وأحفادك، في زمنٍ ركب المعارض المصطنع والدمى السوداوية هم من يقررون صحة وطنيتك من عدمها ، ذلك لأن الاختلاف في الرؤى والرأي جريرة يعاقب عليها قانون الشخصنة الوظيفية ببتر إصبعك الذي يمسك القلم بشفرات نزوح القراء ، وتعرية أوراقك البيضاء ببث السواد حول نوايا أفكارك لا بتعاطيها وإثباتها أو دحضها أو حتى لزوم الحياد.
نحن لا نكذب يا صديقي ، فالتدليس على السيد هو اغتيال وطن وذبح شعب ونسف قيم ، نحن لا نرائي لأن عدساتنا هي أقلام بعشرة قروش ،ومسارحنا أوراق بخمسة قروش ، والحقائق لدينا لا تحبذ ملعقة السكر للمجاملات الساذجة ، نحن لا نبحث عن لقبٍ رسمي ، ولا عن كرسي في الصف الأول ،ولا نبحث عن فنجان قهوة عربية على يمين السيد والدولة والشيخ ، ولا نلهث خلف رضا خفير يبجلنا من عباءاتنا التي لم نرثها كابرًا عن كابر ، أو رئيس مركز تفتنه نحنحاتنا المبحوحة ومسابحنا الصفراء الفاقع لونها بين سبابة الوطن وإبهام الحقيقة ، نحن لا تشبه البقية يا صديقي بتاتًا ، لأننا نقول الحقائق عجرةً كالخوخ الحامض الذي لم ينضج بعد ، ونرتب الأفكار كنار الخبازة على حطب التين الذي يهدأ دخان أعواده ، وهي ما بين تجفيف دموعها أو العناية بخبزها ، ونترك الزمن يحاكم اخطائنا أو خطايانا على مكث .
ما بين الاتباع والابتداع والإبداع مفارقات من الشتات ، وفوضى من لملمة الخيوط التي تلظمها ، على أنها مصطلحات مستقلة قائمة بحد ذاتها ولا يمس بعضها الآخر لا من قريبٍ فيؤنس، ولا من بعيدٍ فيكنس، لدرجة أن المقارنة بينها ضرب من المستحيل ، والموازنة فيما يؤلف لها كمن يجمع الدقيق في حقل شوكٍ بيومٍ عاصف .
ليس للأقلام عواكيزٌ تتوكأ عليها إلا ما رزمت من تاريخٍ ناصعٍ عال، أو كومة رمادٍ متفحمةٍ هشةٍ متهاوية، وليس للورق ملاجىء لشيخوختها من براثن القص والتفريغ والمصادرة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى