قراءة في بيت / صيام المواجدة

قراءة في بيت
هيرا أمِ اْفروديتُ أم فينوسُ … معها تسيرُ كواكبٌ وشموسُ

استوقفني هذا البيت في مطلع قصيدة إلهة الجمال من ديوان (صاحبة الجلالة حبيبتي) للشّاعر خالد الختاتنة، ويظنُّ البعض أنَّها _هيرا أفروديت فينوس_ كلُّها مسمَّيات لمعنى واحد، (إلهة الحب والجمال)، إلا أنَّ القارئ في الميثولوجيا قراءة متفحصة يدرك أنَّ الأمر على غير ذلك، فإنَّ هيرا كما تقول الأسطورة هي إلهة القوَّة عند الإغريق، وبحسب الأسطورة كانت هيرا في مجمع الآلهة، وفي جبل أوليمبوس بحسب الميثولوجيا الإغريقية، زوجة زيوس وأخته، وربَّة الزواج، وقد امتازت شخصيتها بكونها ملكيّة ومهيبة، اشتُهرت هيرا بالمشاغبة والغيرة على زوجها زيوس مُتعدّد العلاقات النسائية، ويُعد طائر الطاووس رمزها.
إذن هيرا هي رمز من رموز القوة والخيلاء التي أراد الشّاعر القول بأنها صفة من صفات صاحبة الجلالة التي يتحدث عنها في قصيدته.
أما أفروديت، فهي في الأساطير اليونانية إلهة الحب والشهوة والجمال والإنجاب. على الرغم من أنه يشار إليها في الثقافة الحديثة باسم “إلهة الحب”، فهي في الحقيقة لا تقصد الحب بالمعنى الرومانسي، بل المقصود هو إيروس (الحب الجسدي أو الجنسي).
كما تقول الأسطورة إنها ولدت في قبرص بعد أن قام كورنس بقطع العضو التناسلي ليورنس فسقط الدم والمني في البحر فتكونت رغوة (APHRO)، وتكونت أفروديت من كامل الرغوة. وظهرت داخل صدفة في البحر كاللؤلؤ وكانت في غاية الجمال وعارية الجسد لتظهر جمالها، ومن هنا اتُخذت الصدفة رمزا لها.
كما تقول الأسطورة إن أفروديت لم تحظَ بمرحلة الطفولة بل عُرفت كبالغه منذ صغرها وبذلك كانت مرغوبة للزواج بلا حدود، وعُرفت بأنها الآلهة الإغريقية الوحيدة التي تزوجت، وروي في عديد من القصص أنها كانت تخون كثيراً.
وبهذا يتضح الوجه الآخر لحواء في مخيلة الشاعر، فعلاوة على قوتها وخيلائها من جهة، فهي قد تكون مبعث غواية من جهة أخرى.
وثمة وجه ثالث يراه الشاعر في الأنثى وهو الوجه الأهم، يتجلى في ذكره لفينوس إلهة الحبّ والجمال والخصب في الديانة الرومانية، وهي إلهة إيطالية الأصل ارتبط اسمها بالربيع والحدائق، وانتشرت عبادتها بشكل خاص في منطقة لاتيوم، فكان لها معبد في بلدة لاڤينيوم، ومنذ القرن الأول قبل الميلاد صعد نجم ڤينوس على الساحة السياسية الرومانية، حينما اتخذها بعض كبار القادة الطموحين إلهة حامية لهم، كما أن الامبراطور هادريان بنى لها معبداً بديعاً في روما عام 135م على أرض القصر الذهبي لنيرون ودشنه باسم ڤينوس وروما، وهكذا صارت ڤينوس في عداد الآلهة القومية الرومانية. ولم يكن لڤينوس بوصفها إلهة إيطالية أساطير خاصة بها، ولذلك اتخذت أساطير أفروديت بعد اندماجها بها؛ وهذا ما يفسر الخلط بين فينوس الرومانية وأفروديت الإغريقية.
ونخلص إلى أن الختاتنة من وجهة نظري يرى أن المرأة إن شاءت كانت مبعث القوة والخيلاء، وإن شاءت فهي الساحرة المغوية، وإن أرادت فهي حدائق الحب الخالص إضافة إلى حضورها على الساحة العامة كما هو الحال بالنسبة لفينوس؛ مما يعني أنّ بيدها تكوين الحال الذي ترغبه في الوسط الذي تكون فيه.
مجرد وجهة نظر أحببت طرحها، مع تحيتي لمن اختلف أو اتفق …
صيام المواجدة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى