الأردن: بين العزل والغزل / خالد عياصرة

الأردن: بين العزل والغزل .. عارضة الأزياء الأيطالية وعارضة المنع السعودي
عادت الى الأردن عارضة الأزياء الإيطالية كرواتية الأصل ( نينا موريش ) التي شنت انتقادات موجعة للسياحة والمجتمع الأردن.
ما أدى إلى الهرولة عبر أحدى الشركات السياحية والبحث عن العارضة لإرضائها واستقبالها من جديد على حساب الشركة، وكأن لسان حالها يقول ويدندن اغنية ماجدة الرومي: اعود وكلي حنين اعود الى دار الاحبة والقلب عيد، ما دامت الرحلة مجانية .
لأمر جيد أن يكون هناك عقل رسمي يعمل بسرعة بحيث تتحول الإنتقادات داخلياً وخارجياً لحافز للتحرك و وسيلة للبحث عن مكامن الخلل لإصلاحه.
لكن، المحزن في قصة العارضة الايطالية وعودتها، أن الاهتمام الرسمي، كما هي العادة ينصب على إرضاء الأجنبي انطلاقاً من “ عقدة الخواجا “ التي تسيطر عليها، عقدة الخواجا يعتبر تعتبر اقواله مقدسة، لا تقبل النقاش، عقدة الخواجا الذي يسمع لصوته بمنتهى الأدب وعلى أعلى المستويات.
أي أن تركيز مؤسسات الدولة الأردنية على الخارجي في كل شيء مع إسقاط الإهتمام بالداخلي، فالأجنبي أكثر قيمة منه، وانتقاده يجد آذاناً صاغية.
لكم شكا السائح الأردني والعربي مما تشهده المواقع السياحية، هل تحركت الدولة، إرضاءاً لهم، من خلال البحث عن طريق لانقاذها مما آلت اليه.
للأسف المشهد برمته سلبي، لا يدعو الى الأمل، فالحكومة لا تنظر الى الداخل الأردني الا بعين الجابي المرابي، لكنها تركز عما يقال عنها خارجياً وتهتم به وتسعى لتعديله وارضاءه.
ولا ماذا نفسر التحركات التي أدت الى “ تطييب “ خاطر العارضة الايطالية بهذه السرعة؟
كنت أتمنى أن تسعى الحكومة للبحث عن الأسباب أدت الى توقف المساعدات الأمريكية والسعودية والخليجية، عن الاسباب التي ادت الى “ عزل “ الأردن في المنطقة، وتركه وحيداً يصارع أزماته.
آن الآوان أن نعتمد على أنفسنا، لا على المساعدات، حقاً، يا اللهي بعد كل الخسائر تعلنون ضرورة الاعتماد على النفس ؟!
هل تريدون الاعتماد على انفسكم ؟ أين كنتم عندما ضاعت مليارات الدولارات، اين كنتم عندما صرخ الشعب الاردني وخرج في الشوارع للمطالبة بالاصلاح قبل فوات الاوان؟ كان بأيديكم أموالاً قادرة علـى تشكيل فارق حقيقي، لكنها تحولت الى عبئ أثقل كاهل الدولة بكل اطيافها.
الأردن معزول سياسياً، احببنا ذلك أم لم نحبب، فلا السعودية تكترث له، ولا اميركا تسمع منه، وقنوات الإتصال الخاصة بالمساعدات المالية مغلقة، بل حتى اعضاء الكونجرس الامريكي الذين كانوا السند الحقيقي حسب وزير الخارجية السابق ناصر جودة !
هل تملك الحكومة الجراءة للتحرك في هذا السياق، أم تمنع من قبل دولتها العميقة الراسمالية التي ورطتها خدمة لمصالحها ومصالح الجهات التابعة لها خارجياً، وإن ترتب على ذلك تعميق جراح الدولة وأزمتها الاقتصادية ولاحقاً الاجتماعية.
حسناً فعلت العارضة الايطالية إذ كتبت الحقيقية التي عايشتها في الاردن، وحسناً فعلت الحكومة من خلال أحد واجهاتها السياحية للعمل على استقبال ضيفة الاردن “ الكبيرة “ لتغيير فكرتها السلبية لأخرى إيجابية عن الأردن حكومةً وشعباً وسياحةً.
لذا ياحبذا لو كتب أمريكي او بريطاني او الماني او كندي او ياباني عن سلبيات مجلس النواب وصورته المتدنية في العقل المواطن، او عن حال الوزارات مثل وزارة الاوقاف والاشغال والتخطيط، او عن الشوارع والبلديات، عن المدارس والجامعات، لاصلاح ما يمكن اصلاحه، فالذي يرضى العارضة الايطالية صاحبة القوام الجميل، قادر على إرضاء شعبه، قادر على إرضاء ابناء قواته المسلحة و الدفاع المدني والمخابرات والدرك الذين يحمون البلد والشعب على الرغم مما يعرفونه من وعن أكاذيب الحكومة ومشاريعها، هؤلاء اولى من عارضات الأزياء، وممثلات الأفلام الاباحية.
الخلاصة: إن كنت قادراً على صياغة علاقتك مع عارضة الأزياء لإستعادة ثقتها، فأنت فعلياً قادر على إعادة صياغة العلاقة بين الدولة ( النظام – الحكومة – الشعب ) من جديد.
#خالدعياصرة
kayasrh@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى