ولكم في الانقلاب التركي عبرة ! / م . عبدالكريم ابو زنيمه

ولكم في الانقلاب التركي عبرة !

لن أخوض في حيثيات الانقلاب التركي مقدماته ونتائجه أو السياسة التركية لا من قريب أو بعيد ، ولكن لدي سؤال وددت لو يجيبني عليه أي متسلط على رقاب العباد وسؤالي هو :هل اعتبرتم شيئاً من الانقلاب التركي ؟
عندما نزل الشعب التركي حاملاً العلم التركي وليس صورة رئيسهم أردوغان للتصدي للانقلاب العسكري نزلوا للدفاع عن أنفسهم وحقوقهم ومكتسباتهم التي حققها لهم رئيسهم المنتخب شعبياً الذي تفانى ومنذ تسلمه السلطة في خدمة شعبه وبلده ، نحبه أو نكرهه…نتفق أو نختلف معه لكننا لا ننكر أنه قد غيّر وجه تركيا وحقق فيها التنمية والنهضة والعمران ، وعدهم بتحسين ظروفهم ومعيشتهم فصدق وعده ، رفع أجور العاملين مرات ومرات وزاد دخل الفرد فيها عدة أضعاف عما كانت عليه وانخفضت نسبة البطالة فيها إلى ادنى الحدود ،ولست هنا بصدد تزيين وجه الرئيس التركي وأنا أختلف معه تماما في سياسته الخارجية وتدخله السافر وأطماعه في منطقتنا العربية ،لكنه حقق طفرة اقتصادية وكان سيحقق معجزة اقتصادية لبلده لو لم يتورط في سوريا، باختصارهذا الرئيس أخلص لبلده وشعبه وكان وفياً لشعبه صادقاً معهم فبادلوه الإخلاص إخلاصاً…والوفاء وفاءً…نهض بتركيا بأفعاله وليس بأقواله وشعاراته الوهمية،لم تغن له الأغاني والأهازيج ولم تقرع له الطبول….الخ ، لهذا فأن أفراد الشعب الذين هبوا للدفاع عن الرئيس إنما كانوا يدافعون عن مكتسباتهم وديمقراطيتهم الحقة غير المزيفة،فالشعوب تهب للدفاع عن زعمائها وتتخلى عن الحكام من اول لحظة !
بالمقارنة… لو حدث هذا الانقلاب في أي بلد عربي (باستثناء دولة أو دولتين) فماذا سيكون ردة فعل وموقف الشعب ؟ أنا على يقين أنه لن ينزل أي عبد إلى الشارع في أيٍّ من جغرافية الوطن العربي دفاعاً عن الحاكم،فهؤلاءالحكام جعلوا من السادة والأحرار عبيداً ،ومن المرتزقة والمارقين أسياداً،لن ينزل الى الشارع معتوه ليدافع عن الظلم والفساد والإذلال ،لن ينزل إيًّ كان ليحمي من بدّد الثروات ومقدرات البلاد على الملذات وبما يخدم اعداء امتنا وجعله ذليلاً وضيعاً متسولاً في الطرقات ،لن يضحي بنفسه من يحلم بفيزا او تأشيرة دخول أو هجرة لأي بلد اجنبي فراراً من جوع بلاده ، من يكفر بالدساتير العربية “المطاطة” يتوق للغربة ويجاهد لنيلها ،وليس لأحد أن يزايد في هذا المجال ،فما آل اليه بالامس مصير ملك الملوك والزين والقائد المهيب والحبيب وما سبقهم خير دليل ،فالاغاني والاهازيج والموشحات والشعارات التي كانت تصدح لهم البارحة عندما كانوا يجلسون على عروشهم لم تحميهم وهي نفسها التي تلعنهم وتنعتهم بأقذر الأوصاف اليوم.
ألم يعتبر الطغاة في العالم المهوسين بالتذلل والارتهان للغرب الاستعماري من ردود الفعل الغربية على الانقلاب التركي ؟! ،كل ردود فعلهم في بداية الانقلاب كانت خجولة وتصف الانقلاب بالشأن التركي ! وهي ذات الدول التي تتشدق بالديمقراطية والحرية والشرعية الدولية وتنصب من نفسها حامية للديمقراطيات ! اذا كان هذا موقفهم من تركيا الحليف للغرب وإسرائيل والعضو الرئيسي في حلف الناتو والمحتضن للقواعد الامريكية… فماذا سيكون موقفهم من أنظمة الحكم الاقل أهمية ؟ وليس خافياً على احد وعبر التاريخ أن أمريكا لا تدافع الا عن مصالحها فقط .
كل الأقطار العربية حباها الله بالخيرات من موارد طبيعية وموارد بشرية كفؤة كفيلة بصنع المعجزات لو تيسرت لها القيادة الرشيدة من خلال قائد يؤمن بشعبه يصدقهم الوعد ويحقق لهم العدل والمساواة،قائد يحب شعبه ويخلص لهم يستمد منهم العزم والعزيمة فيحتضنوه ، قائد يكون هدفه تحقيق أماني وطموحات شعبه ،قائد يسير في الشوارع والحارات والأزقة ليستطلع مستوى الحياة فيها ،قائد يحكم ويسود بشعبه لا بوصاية من الخارج ،قائد يقرأ التاريخ ليفهم لماذا حكم وساد العظماء وماتوا فقراء !!! قائد يدرك لماذا خّلد التاريخ القادة والزعماء المخلصين لشعوبهم ، قائد يحكم فيعدل فيأمن فينام بملء جفنيه بين احضان شعبه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى