فرح مرقه: تركيا أردوغان تتفوق على نفسها مجدداً.. ما الفرق بين سلاطين الدراما ورئيس أنقرة؟.. خلطة أردنية فريدة “مدنية عشائرية أنثوية” على شاشة التلفزيون الرسمي

سواليف

فرح مرقه: تركيا أردوغان تتفوق على نفسها مجدداً.. ما الفرق بين سلاطين الدراما ورئيس أنقرة؟.. خلطة أردنية فريدة “مدنية عشائرية أنثوية” على شاشة التلفزيون الرسمي.. ومولينكس الازمة الخليجية في هزائم مونديال روسيا يهدد قطر بتدخل عسكري والسعودية بانفصالٍ في المنطقة الشرقية..

لا يمكن ان تنافس الدراما التركية الحياة السياسية ووتيرتها في ذات البلد، حيث تتفوق الاخيرة على الاولى بسنوات ضوئية (والتعبير ليس مجازيا فقط)، ويمكن لمن تابع الانتخابات بالامس وسرعة الفرز واعلان النتيجة ان يقارنها مثلا بحدث درامي صغير مثل “رحلة بين نور ومهند”، ليفهم ماذا اقصد.

مهند نجم المسلسل الذي كان ضمن اول المسلسلات التركية التي دبلجتها شبكة MBC، حين كان يفكّر ان يذهب في رحلة مع زوجته وحبيبته نور كان يحتاج الامر منه 3 ايام للتخطيط، ثم مثلهم للترتيبات ثم مثلهم للتعقيدات التي سـ “تفركش” الرحلة، ولاحقاً 10 ايام كمحاولة لارضاء نور واقناعها ان ما كان هو بالشكل الذي بدا عليه فعلا ولا يحمل اي خفايا في باطنه تتضمن الخيانة طبعا. كل يوم من الايام المذكورة كانت تغطيه حلقة او حلقة ونصف بالمتوسط، بمعنى ان المشاهد كان يخسر من عمره نحو شهر وهو يتابع تفصيلة بهذا المستوى من الاهمية!.

مقالات ذات صلة

في المقابل، ما حصل بالامس مع الرئيس التركي القديم المستحدث رجب طيب اردوغان، يذكّرنا مجدداً اننا امام “بطلٍ رشيق جداً” وبراغماتي لابعد الحدود، حيث تنتهي الامور بعهده بسرعة اكبر بكثير من استيعابها: فالرجل بدأ التنافس صباحاً على مقعد الرئاسة، ولم ينم ليلته قبل ان يتسلم رئاسة بلاده من جديد ويلقي خطابه (بالمناسبة لا اعلم كيف يعدّ الرجل خطاباته الكثيرة) ويهنيء نفسه والشارع والكون، ويتلقى التهاني من الدول المجاورة!. حتى الاشاعات ضده بثتها قناة سكاي نيوز وسحبتها في سرعة البرق ايضا.

سياسة أردوغان قد تتفوق فعلاً على “أبطال سباقات السيارات والماراثونات” وليس فقط على الدراما في بلاده، فكلنا نذكر كيف تسابقت اخبار الانقلاب “سريع الفشل” على الشاشات قبل سنتين: ففي اقل من ساعتين حصل انقلاب في تركيا ثم فشل ثم زج نصف الاتراك بالسجون ثم خرجوا وها قد انتخبوا اردوغان!.
فاز “السلطان” مجددا، ولا خلاف على ان تركيا بعهده حققت الكثير، وقد تحقق لاحقا ولكني بصراحة دوماً أغار من دولة يفترض انها انهارت بالضبط حين قامت دولنا العربية الحالية، ولكنها اليوم تسابق كل الدول في العالم في ديمقراطيتها مهما اختلفنا او اتفقنا مع نهج أردوغان.
**
عطوة جمانة غنيمات.. وأردنة المدنية..

دغدغ مشاعري ذلك اللقاء السياسي الذي قامت به الصديقة والزميلة القوية عبير الزبن مع وزيرة شؤون الاعلام الجديدة في الاردن جمانة غنيمات، فقد كنا امام مشهدٍ نادر: سيدتان تناقشان السياسة الاردنية بانفتاح وتضعان بعض النقاط على الحروف في نهج الحكومة الجديدة؛ مذيعة تسأل ووزيرة تجيب وكلتاهما تعكسان وجهاً جميلاً للبلاد.

المشهد بحد ذاته يستحق ان تحتفي لاجله المرأة الأردنية، وإن كان لا يكفي وحده طبعاً، فالمرأة في الاردن بحاجة دعم ورغبة اصلاحية حقيقية لتصل لحقوقها الكاملة غير المنقوصة على اساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات.

بعيدا عن الشكل، تابعتُ بعد الحلقة “وصلات” النقد للوزيرة على استخدامها كلمة “عطوة” في العلاقة بين المواطنين والحكومة، (العطوة هي مهلة زمنية يمنحها المجني عليه وعائلته بالعرف العشائري للجاني حتى يتم الصلح التام بين الطرفين)، الا اني بصراحة لم اجد ان الامر يعيب الوزيرة الجديدة، بل على العكس قد يؤردن فعلاً الحالة “المدنية” المفترضة التي انتجت وزيرة كغنيمات وغيرها في حكومة الدكتور الرزاز، فالاردنيون بالغالب يستخدمون المصطلح حتى في اكثر جلساتهم “مدنية” والدليل استخدام رئيس ديوان التشريع لذات المصطلح، وهو المنصب المفترض ان يكون الابعد عن العشائرية وقوانينها.
النصف المليء من الكأس ان السيدة تعتبر نفسها وحكومتها “جناة” حتى يثبت العكس، وهذا ايضاً نفس جديد ولم يعتده الاردنيون.

بالنسبة الي، لم تكن “العطوة” اخطر ما قالته الوزيرة فهناك امران اكثر خطورة واهمية هما: اولا انها لم تجد وصفاً سياسياً ينطبق على كل افراد الفريق حين سألتها الزبن ان كانت الحكومة “ليبرالية ام محافظة او تكنوقراط”، اجابت الوزيرة ان الحكومة “حكومة وطنية”، وهو وصف يحتمل 1000 لون ووجه، سأستخدم ايجابيتي كلها لابتلاعه، فهو الوصف الذي قد يوحي مجددا ان نسيج الحكومة قد لا يكون “متجانساً” ولكن الوزيرة قالتها بذكاء ايجابي نفترض انعكاسه على القرارات الحكومية.

الامر الثاني، ان الوزيرة ذاتها تقول ان على الاعلام الرسمي ان يحمل صفة اعلام الدولة وليس اعلام الحكومات، وهذا بحد ذاته كلامٌ ايجابي الا انه عمليا يحتاج الكثير من العمل، بدءاً من ازالة الرعب في نفوس المسؤولين في المؤسسات الاعلامية وتخفيف “الوصايات” الكثيرة على هذا الاعلام، وليس انتهاءً بتقييم العاملين في المؤسسات المختلفة (وعلى رأسها التلفزيون الاردني) ومنح كل منهم حقه في التطوير والتأهيل. هذه بحد ذاتها مهمة صعبة جداً، وبحاجة لعمل جادّ وغطاء كامل للاصلاح.

في النقطتين السابقتين تضع وزيرة الاعلام نفسها والفريق الحكومي تحت مجهر الاردنيين خلال “العطوة” التي اخذتها الحكومة، وبالتأكيد لو طبقت بعضه لوجدت كثيرين- وانا اولهم- ممن سيصفقون لها، والعكس بالعكس.

**
“مولينكس” الازمة الخليجية في مونديال روسيا..

فقط في الثقافة العربية تخسر كل الفرق في مونديال روسيا فتكون النتيجة ان تتهم السعودية قطر بتسييس المونديال و”يدق محللين رياضيين ببعضهما” على شاشة روسيا اليوم، حتى نصل في نهاية الحلقة الى تصريح سعودي يقول “يبدو انهم يريدون ازمة عسكرية وسيندمون”.

المحللان الرياضيان في برنامج اسأل اكثر “تنططا” بين الاحبال الرياضية السياسية والاقتصادية والدولية حتى وصلا لنتيجة يقول فيها القطري ان المنطقة الشرقية من السعودية ترفض البقاء تحت امرة الرياض وتريد الانضمام لقطر، ويرد عليه السعودي بالجملة الواردة اعلاه.

كل ذلك يحصل ببساطة لان شماعات فشلنا تتسع كثيراً لتعليق الهزائم الرياضية بجانب السياسية والعسكرية والوحدوية وخلطها بـ “مولينكس واحد”، دون ان تقف السعودية مع نفسها لمرة لتسأل لماذا فشل المنتخب، وهي التي ولّت عليه “تركي آل الشيخ” النزق والمتعجرف مع منتخب بلاده والذي اهان لاعبيه وهو يقول “سودوا وجهي سود الله وجوههم” وانهم لا يستحقون رواتبهم، بدلا من ان يحتمل نتيجة فشله شخصيا بمسؤولياته.

قطر طبعاً ليست بريئة، فهي تعلم تماما ان آل الشيخ تولى مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة كجائزة ترضية على كتابته كلمات الاغنية المسيئة للوحدة العربية “علّم قطر”، وبذلك فالجانبان خلطا سلفا السياسة بالرياضة بالفن ففشلا بهما جميعاً.

لو كنت مكان السلطات السعودية لفكرت كيف اردّ اعتبار ابنائي في المنتخب الذين وصلوا لروسيا عمليا قبل استلام “آل الشيخ” مفجّر الحروب على الرياضة، وبذلك قد لا ابالغ اذا سألت “من الذي سوّد وجه الآخر؟!.
*كاتبة أردنية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى