عملية اورلاندو / خالد عياصرة

عملية اورلاندو : رصاصة صوب هيلاري وهدف لصالح ترامب
50 قتيلا و 53 جريحا، سقطوا بعد حادثة إطلاق النار التي شنها عمر متين أحد اتباع عصابات داعش الارهابية، أمس على نادي ليلي في ولاية فلوريدا – مقاطعة اورلاندو،

العملية فردية تعد اسوأ حادث اطلاق نار في تاريخ الولايات المتحدة.

سياسيا، يمكن اعتبار العملية بمثابة رصاصة وجهت لمسيرة هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة، وهدف في الوقت بدل الضائع لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، للفوز بكرسي الرئاسة.

مسجد مصعب

في الاثناء التي فتح فيها عمر متين نيران رشاشة وسط النادي الليلي في اولارندو، كانت شرطة النيويورك تنظم وتحمي مصلي التراويح في مساجد الولاية، بل إنها عملت على إغلاق بعض شوارع المدينة بعدما امتلئت الطوابق الثلاثة لمسجد مصعب بن عمير – رضي الله عنه – بالمصلين، كذلك الأمر يتكرر في شيكاغو اذ يتم تنظيم الصلاة في مسجد هارلم، ومسجد الهايد بارك، طوال شهر رمضان، من قبل الشرطة الاميركية، بشكل سلسة دون حوادث أو خلافات.

لكن الوجه القبيح للثقافة التي يحاول البعض تلبيسها، وتجيرها لحساب الدين، باعتبارها حق مطلق، و محرك رئيس لخطى الانسان الذي يدعي التدين الشكلي و يتصرف بشكل عدمي مرعب، يسقط القيم والتعاليم والأخلاق في سبيل سعيه لإثبات صحة رؤياه الفردية المشوهة، هو ذاته الوجه الذي يستغله غلاة اليمين المتطرف و جماعات المحافظين الجدد في سعيهم لشيطنة مسلمي اميركا و الأقليات.

خارج السياسة

نعم، ثمة وجه جميل داخل اميركا يمكن البحث عنه خارج الأطر السياسية، حيث المجتمع الاميركي الذي يتقبل جميع الأطياف، مجتمع لا يفرق بين مسلم ومسيحي او سني وشيعي او عربي وكردي او صيني، لا يسألك اانت عربي ام افريقي، أو مصري او سوري، مغربي أو وتونسي، أردني وفلسطيني، لا يسألك عن دينك أو توجهاتك، ما دمت متقيدا بالانظمة والقوانين التي تسير الدولة وتحميها.

هذا يعني أن الوجة الجميل للداخل الأمريكي أكثر حرصا على المسلم الأمريكي أو الزائر المسلم مما يعتقد البعض.

الحياة مقدسة للجميع، والاساءات التي يتلقاها البعض فردية، تجيء كردات فعل متسرعة ترتبط بحوادث هامشية, لكنها لا ترتبط بخطاب الكراهية الممنهج الذي يسوقه ساسة اميركا وسدنتها، من أصحاب النظرة الأحادية الفاشستيه التي يسيطر عليها الإسلاموفوبيا، لكن هذا لا ينفي وجود بعض قضايا الكراهية ضد العرب و المسلمين في اميركا.

كاليفورنيا اورلاندو

قبل أسابيع تم تشديد إجراءات السفر في مطار أوهير / شيكاغو- احد اكبر واهم مطارات الولايات المتحدة – الآلاف من الحجوزات تم تأخير موعدها نتيجة ذلك، الاجراءات الجديدة لقيت استنكارا من قبل المسافرين، ” إلا أنها ضرورية حسب ما قاله أحد العاملين في المطار “. ما ينطبق على أوهير، عمل به في مطار جون كنيدي في النيويورك.

عملية اورلاندو تشبه في نتائجها عملية كاليفورنيا، من حيث منحها تصريحات الجمهوري دونالد ترامب شيئا من المصداقية التي تدعو إلى ضرورة منع المسلمين – و الأقليات – من دخول اميركا حتى يتسنى للإدارة فهم ما يجري، صحيح ان تصريحات ترامب لاقت شجبا واستنكارا على نطاق واسع، حتى في وسط حزبه. ” أنني كنت حقا في التركيز على الإرهاب الاسلامي وضرورة مواجهته ” يقول دونالد ترامب عقب عملية اورلاندو لتبرير تصريحاته.

هذه العمليات تزيد من اتباعه و تنتشر كما لنار في الهشيم، وتصير حجة على منتقديه، فهو إذ يصرح لا يتوجه إلى الساسة والاقتصاديين ومجتمع الصحافة والأكاديميا، بل إلى عامة المواطنين باعتبارهم أصحاب الشأن.

المتابع لسباق الانتخابات، يجد أن الإدارة الأمريكية تستعد فعليا لمواكبة تصريحات دونالد ترامب واخذها على محمل الجد، سيما وأن الرئيس حاليا ليس الا “بطة عرجاء ” لا يقوى على العمل، لذا تعمل الادارات الفدرالية في البلاد على تسيير شؤون الولايات ومسابقة زمن ترامب في حال جلس على كرسي الرئاسة.

في سياق متصل، الاجراءات الأمريكية، تتناقض فعليا مع استطلاعات الرأي التي تقوم بها الوسائل الإعلامية، ومراكز البحث من حيث منحها الأفضلية لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، للفوز بسباق الرئاسة صوب البيت الابيض – قد يكون ما اقوله هنا ضربا من الجنون -، لكن الإجراءات التي تشهدها اميركا ليست اعتياديه، وخطاب الساسة الموجه ضد ترامب يتصف بالعشوائية، لا تقوى ولا تمتلك شروط الصمود أمام اندفاعه.

وكأنما الاستطلاعات تحاول جاهدة إخفاء الحقيقة الكبرى لا ترغب بها الإدارة الأمريكية الحالية، وتحاول مواجهتها، لحرف مسار الرأي العام لصالح هيلاري كلينتون، وذلك للتخلص من رؤى الرئيس القادم التي لا يمكن التنبؤ بها .

وداعا هيلاري

في زمن الانتخابات، كل ما يجري في اميركا و أوروبا من مشاكل تتعلق بالإرهاب والارهابيين، يصب في صالح اليمين المتطرف, دونالد ترامب في اميركا أحد صوره, لكنه لا يصب في صالح هيلاري كلينتون البراجماتية.

كل حادث ارهابي يشهده العالم الغربي ينعكس على الداخل الأميركي، صاحي الحساسية المفرطة من ناحية الأمن والاستقرار، والتي يقدمها على الاقتصاد والقضايا الاجتماعية، فالامن في نظر المواطن العادي، ما يميز اميركا عما سواها.

اخيرا: يمكن القول إن سلبيات البعض ليست الا ايجابيات لدى البعض الآخر، فالعملية الإرهابية في اورلاندو شكلت عاملا ايجابيا وجائزة كبرى لدونالد ترامب في سعيه للوصول لكرسي الرئاسة الاميركية، ما يعني أننا أمام صورة جديدة من صور ارهاب داعش لكن بنسخة اميركية.

‫#‏خالدعياصرة‬
kayasrh@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى