ركلات سياسية

مقال الثلاثاء 8-12-2015
النص الأصلي
ركلات سياسية
بقينا نتدرّب أكثر من أسبوعين على إلقاء نشيدة مدرسية بعنوان “أنا يا قوم مسلمُ” لنلقيها أثناء النشاط المدرسي ، وطلب منّا معلم التربية الإسلامية ومدير النشاط الديني أن نأتي جميعاً بثياب وطواقي بيضاء أيضا لتتناسب الهيئة مع النشيد ،ولا أدري لم هذا الإصرار كله.فلو أتيت بالزي المدرسي أو ارتديت “الجينز” هل سأصبح ” أنا يا قوم غير مسلمٍ” ..المهم يوم الاحتفال لبست “الدشداشة” البيضاء الشفافة فوق بدلة الرياضة وبقي الرقم 7 يظهر من تحت “الثوب” وركّزت الطاقية البيضاء الواسعة بين أذني ووقفت أمام السماعة مباشرة وكان خلفي ثلّة من الأولاد يرتدون ملابس متباينة بالطول والجودة والقدم…أنشدنا المقطع الأول من ” أنا يا قوم مسلم” ثم تعطّلت السماعة فأكملناها بكل ما أوتينا من قوة حتى نفرت عروق رقابنا واحمرّت أوداجنا وشارفنا على الاختناق ..كان مدير التربية آنذاك ملهياً بأكل “المعجنات” وتذوق “مربى التوت” فلا هو سمعنا ولا من رافقه اكترث بوقوفنا…وعندما انتقلنا إلى الفقرة الثانية من النشيدة التي تتحدث عن “الوضوء والصلاة على وقتها”…أمسك المشرف الديني من كتفي وقال لي :خلص بيكفي..فوتوا…خلعنا “عدّة النشيد الطاقية والثوب ” وتماهينا مع باقي طلاب المدرسة في الساحة…
تذكرت هذا الموقف ..عندما قرأت خبراً قبل يومين عن زعيم عربي ، طالب بوقف مباراة كرة قدم كان يرعاها بالدقيقة 65 وأمر بإجراء ركلات ترجيحية لضيق وقته وارتباطه في برنامج آخر ..فصفّر الحكم …وطلب من الفريقين اللجوء للركلات الترجيحية هكذا فجأة لتحديد الفريق الفائز…
في بلادنا العربية يملّ الزعيم فينهي مباراة كرة قدم..يمل الزعيم فيلغي عرضا مسرحيا …يمل الزعيم فيقطع “أوبريت” أعدّ خصيصاً لمناسبة وطنية…في بلادنا العربية يتدخّل الزعيم في كل شيء وتطول سلطته كل شيء حتى مباراة ودية في عيد الاستقلال ، فيخطف الصفّارة من فم الحكم ويمارس الحكم العسكري في الملعب..
في الوطن العربي ..يملّ الزعيم فيحل البرلمان ويجري انتخابات مبكرّة..يمل الزعيم فيحل الحكومة ويعيد تشكيلها من جديد…يمل الزعيم فيحل المجلس الاقتصادي ويعيد تشكيله…يملّ الزعيم فيحل الأحزاب المرخصة ويعيد تسجيلها من جديد…في الوطن العربي يمل الزعيم فيجري ركلات سياسية مبكرة هنا و ضربات جزاء هناك..ويحدد نتيجة انتخابه قبل ترشّحه فيفوز 99.9% من الوقت الأصلي في حكمه…
في الوطن العربي…كل ما يجري في ملعب السياسة مجرد : مباراة “ودية بين الزعيم وحاشيته”…بدون جمهور..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. سمعت وعلى عهدة الراوي ان احد المسؤولين العرب في السبعينات كان يرعى مباراة لكرة القدم في بلاده .. وكانه كان لا يعلم عن قوانين اللعبة شيئا فسأل احد مرافقيه .. علام يركضون هؤلاء اللاعبين او حسب لهجته المحكية ” علامهم يركضون ورا هالطابة الوحيدة ” .. اصرفوا لكل واحد منهم فطبول خاص به… وهيك انتهت المشكلة برأيه
    هم لا يملّون فقط .. وانما بجرّة قلم وبأمر قد يغيرون قوانين ويفرضون اخرى بما يتناسب وأهواءهم … هم لا يملّون فقط وانما للتسلية قد يركلون شعوبا بأكملها .. أو يمارسون هواية اخرى ” هذه المرة بفتح الهمزة ” بان يجعلوا افراد الشعب تتناحر فيما بينهم لإلهائهم عن كل المشكلة الأعظم فيجعلونهم يتناسون الهم الأكبر ويشغلونهم بمشاكل صغى حتى يضمن المسؤول ان يبقى في كرسيه فترة اطول … نملّ نحن وهم لا يملّون … نملّهم ولا يملّوننا

  2. كلامك عن الملل ذكرني بشعار رفعه احد المتظاهرين ضد الرئيس المأسوف على شبابه ……….. يقول ( ارحل يا ريس الوليه عاوزه تولد والواد متنح مش عاوز ينزل ويشوفك ) .. شعار ربما يعبر عن حال كل من ولد وعاش في عهد الدكتاتوريات , لكن مؤخرا طلع شاب ممشوق القوام يغني .. انت معلم ومنك الناس بتتعلم ما حد وانت موجود يقدر يتكلم .. ياخوووفي كل زعيم يعتبر نفسه هووووو المقصود,!!!!

  3. كله كوم و اللي قعدوا يبرروا هذه الخطوة الموفقة و الحكيمة كوم اخر
    الحمد لله انه في ناس غيرنا عندهم سحيجة

  4. ما دامه يتحكم في لقمة عيشك … وعلاجك من ……. … وتعليمك من ……. …و….
    فاذا كنت انت اصلا لعبه بين يديهم … يمنحوك بمكارمهم او لا يمنحوك فالامر لهم .. فمن حقهم ان يتحكمو بلعبتك..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى