
” الاردن يا حب !!”
د. محمد شواقفة
نحن نحب الاردن رغما عنا … قدرا فيه وجدنا و من ترابه نبتنا … وردا كنا أو شوكا …. شجرا دائم الخضرة أو شجيرات تتساقط اوراقنا … فتغدو بعيدا ايام الخريف و لكنها تعود ربيعا زاهيا بازاهير جميلة قد تثمر بما لذ و طاب ……. اين يذهب الدم اذا لم يجمعه قلبا واحدا …يتدفق بالحب حياة و أملا ….
نحن دم الوطن يرحل عبر الاوردة و الشرايين يبتعد حينا و لكنه لا مناص له من الاقتراب كل حين ليستزيد أملا و طموحا ….
لا نرى الاردن قطعة من جغرافيا بائسة اختطتها أياد آثمة في غفلة منا …. بل نراها بوتقة انصهرت فيها أحلامنا … ذاب بعضها و غاب بعضها الآخر و لكنها حفرت على صخور جبالها … هنا كانوا … هناك لعبوا … هنا رسموا أحلامهم و هناك ضحكوا …
لا يتخيل عاقل أننا لا نحب أهلنا و عزوتنا أو لا نتمنى لهم الخير … و لا بد أن عنده مشكلة و قصور في الفهم من يعتقد أننا تغربنا طوعا …. لأن الاردن ليس جيدا كفاية لنا …. هذا وطننا … ليس فندقا نستريح فيه فترة و نعود …
لا يعلم الكثيرون … كم من مغترب احترقت أيام عمره و زهرة شبابه يطارد أحلاما مشروعة في دراسة أو عمل …. عاشها وحيدا بدون أن يكون مع أمه أو أبيه …. لا يوجد لديه اي ذكريات لأنه لم يشارك في عرس أخيه و لم يحضر تخرج أخته … كم واحد كانت حياته تعدادا للايام …يقلبها ليختصرها في لحظات يستقبل فيها صغاره في مطار الحياةو هم الذين يعرفونه صورة على الحائط أو صوتا على الهاتف ….لا تكاد حتى تنتهي سفرا جديدا و ابتعادا لاجل فصل جديد من ليل بارد طويل ….
لا نزاود على أحد بحبنا للوطن و لا نرغب أن يزاود علينا أحد … فما فينا يكفي و يزيد … لا يضيرنا إن أحببتمونا و لكن لا تكرهوننا …ارحموا ضعفنا و ذلنا و قهرنا في البعد و الاغتراب و لا تكونوا سيوفا مسلطة علينا و تصادرون حقنا في التعبير عن إي شأن في الوطن … لم يزعجني أبدا أن يهاجمني أحد كونه يعتقد انني خطأ … و لكن يؤلمني أنه يعتقد أنه لا يحق لي بأن أبدي رأيي في أي شأن يخص الوطن ….
الوطن لي و أنا له … لا يمثله أشخاص و بكل تأكيد ليست الحكومات …. كم من عابر مر من هنا و لم يعد لذكره أثرا …لذلك اتركوا عنكم هذا الطرح المستهلك و لا تحاولوا … اولا لانه لا قيمة لما تعتقدون و فعلا لا يهمنا … و نحن لا نحتاج لنثبت لكم اننا نحب الوطن لا قولا و لا فعلا …
قلمي تستله روحي كل ليلة و أجدني بدون تخطيط أكتب حصريا عن شيئين هما فعلا شئ واحد : وطني و أمي … أشتاق لوطني لأنه أمي …. و أفتقد أمي لأنها وطني …. لا أكتب منتقصا … بل انتصر للحق و احارب الباطل … او اهلك دون هذا الهدف ….لذلك لا تنزعج أيها العابر من هنا … فستكون يوما كما كنت أنا …
” دبوس على الوطنية ”


