الثقة… معانيها وممارساتها.. وبمن نثق!

الثقة… معانيها وممارساتها.. وبمن نثق!

نايف المصاروه

الثقة في اللغة.
ثِقة : (اسم).. مصدر وَثَقَ ، وثِقَ بـ/ وثِقَ في/ وثِقَ من.

يقال وثق بفلان  – يثق ثقة، وموثقا، ووثوقا، ووثاقه : اي إتمنه، فهو واثق به، وهي واثقة، والمفعول موثوق به، وهي موثوق بها، وهم موثوق بهم، ويجمع في الذكور والإناث على ثِقاتٍ.

ويقال تواثق القوم على الأمر ، أي تعاهدوا وتحالفوا.
الموثق والميثاق هو العهد، جمعها مواثيق، ومياثق.

من معاني الثِّقة..يقال لَهُ ثِقَةٌ كَبِيرَةٌ فِي نَفْسِهِ : أي الاعتماد عليها، يقين وتأكيد وتحرُّر من الشَّكّ أو القلق أو الخوف، وله ثِقَة في النَّجاح، كل ذلك يعني بانك تستطيع أن تقرر وتقاوم وتدافع وتصنع وتفعل كل ما هو صحيح عقلا ونقلا، ويقال.. وَهَزَّتْ رَأْسَهَا هَزَّةَ الثِّقَةِ والاطْمِئْنَانِ، وفي حالة الخطأ، يقال هو على ثِقَة بأنّه مُخطئ.

ومن معاني الثقة بالغير، يقال عن قريب او صديق مقرب  أَثِقُ بِهِ ثِقَةً عَمْيَاءَ : أي أتمنه.. ثِقَتِي بِهِ كَبِيرَةٌ، اي يستطيع أن يمنحك ولا يمنعك، ويفيدك ولا يضرك.
ويقال  هُوَ جَدِيرٌ بِالثِّقَةِ : مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَيُؤْتَمَنُ بِهِ، الْمَوْثُوقُ بِهِ رَجُلٌ أو إمرأة ثِقَةٌ، وشَاهِدٌ أو شاهدة ثِقَةٌ، ورُوَاةٌ ثِقَةٌ.
ومن معاني الثقة بالغير ايضا يقال.. طبيب ثقة أو موظف ثقة، او مترشح أو مرشح يستحق الثقة.

ومن مظاهر الثقة يقال مَصْدَر ثِقَة: موثوق منه، مَن يُعتمد عليه في نقل الأخبار والمعلومات.

ويقال في الشأن المالي مثلا : مؤشر الثقة: مقياس ثقة المستثمر بالاقتصاد وسوق الأوراق المالية.

بمعنى ان الثقة  تمنح لكل صديق، صادِق , صَدُوق , صَرِيح ,  مَوْثُوق , مُخْلِص , مُسْتَقِيم , مُعْتَمَد.

أما عدم الثِّقة/او انعدام الثِّقة: فيعني ارتياب وشكٌّ وسوء ظَنٍّ.
يقال حجب الثّقة عن الشّخص: اي سحبها منه ”، لم يعد يأتمنه أو يأمن جانبه أو قربه.

بمعنى ان الثقة تمنع ولا  تمنح  لمن هو أَحمَقُ ,او  أَرْعَنٌ , او غَبِيٌّ , او أفَّاكٌ  , او خائن ،او كاذب او مزور أو مفتر او سارق.

من معاني الثقة وممارستها، الثقة بالله سبحانه وبحمده ، ربا خالقا ورازقا، وإلها لا يعبد ولا يدعى ولا يرجى سواه، ثقة يجب أن لا تشوبها شائبة، ولا تتغير او تتبدل.

ومنها الثقة بشريعتنا الإسلامية النقية الصحيحة، بأنها السبيل  الى السعادة والسيادة، والطريق الى الريادة والقيادة، وأنها صالحة لكل زمان، وفي أحكامها، إداء الحقوق والواجبات والحرية المنضبطة، والدعوة لكل الفضائل والنهي عن كل الشبهات والرذائل.

ولا نثق بكل الفرق والجماعات والتنظيمات، التي تدعي الإسلام زورا وبهتانا، وتمارس القتل والترويع والإرهاب والإجرام، ومن يتعمد ذلك ليرهب الناس كل الناس، بغير سلطان ليستحل دمائهم وارواحهم واعراضهم  وأموالهم، فهو كافر مرتد، فالمسلم اخ المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله.

ونثق بعروبتنا ،بأنها احد السبل للوحدة، أتذكرون!!  بلاد العرب أوطاني… ولسان الضاد يجمعنا!!
ولكننا لا نثق ببعض الأعراب، اهل الفتنة ودعاة الفرقة، فليس من اخلاق العروبة، موالاة العدو المعتدي.
استغرب أن يعلن عن صندوق إستثماري بقيمة عشرة مليارات دولار، أعلنت عنها دولة عربية  لإستثمارها مع الصهاينة على ارض فلسطين المحتلة، ناهيك عن استثمارات اخرى بمئات الملايين من قبل القطاع الخاص لمواطني تلك الدولة!

ونثق بحذر ببعض الاصدقاء، ولكن إذا تجاوز أي منهم على كرامتنا وحقوقنا، فلا صداقة معه ولا ثقة به.

سفارات تفتتح في القدس لبعض الدول والدويلات،  تعزيزا وتمهيدا لتهويدها ولسلخها عن إسلاميتها وعروبتها، وفينا ومنا امة العرب والمسلمين، من لا يملك إلا الشجب والتنديد!
فأين كل الدول العربية والإسلامية عن هذا التعدي السافر والظالم، وأين الرد بالمقاطعة السياسية والإقتصادية لتلك الدول والدويلات، والى متى سنبقى على نهج التنديد والاستنكار؟

ونثق بنظام الحكم الشريف في بلادنا، الذي هو صمام الامان ورمز للخير والسماحة ، وندعوه للقرب أكثر من العامة، والحرص على البطانة الصالحة من اهل الامانة والتقوى والخوف من الله.

ونثق بعشائريتنا وقبليتنا ونفخر بهما، فهما من ركائزنا وعنوان ترابط نسيجنا الإجتماعي، نعتز بوطن أغلب اهله ينتمون للعشائر والقبائل، وكان لتلك العشائر والقبائل دور في التحرير والاستقلال، وتثبيت أركان الدولة ونظامها، ولكننا نستغرب أنه  كلما “دق الكوز بالجرة” ، يتم التعرض
للعشائرية بالهمز والغمز من هنا او هناك، من قبل بعض البغاة والهاة، ولا أدري لماذا هذا الهمز والغمز لا يكون إلا في الاردن مثلا؟
مرفوض وممقوت  كل من يمس بعشائريتنا وقبليتنا او يتعرض لهما بغرض النيل منهما،لغايات نعرفها جيدا، ونعي من يدفع ويقف خلفها، وفي ذات الوقت  نرفض اي سلوك يتخذ من العشائرية والقبلية شعارا ودثارا لتحقيق المقاصد والغايات الخاصة على حساب الغير .

ونثق بسلطاتنا الدستورية القضائية والتتفيذية والتشريعية، وبكل مؤسساتنا الرسمية، ونثق بكل مسؤول او موظف منتمي وأمين يخاف الله في عمله ويغار على وطنه.
ولا نثق بأي مسؤول او موظف متخاذل ومتكاسل، إمعة لا يعرف له رأي في الحق، إن قال القوم معاهم فهو معاهم، وإن قالوا عليهم فهو معهم عليهم، وإن شر الناس ذي الوجهين الذي يأتي هولاء بوجه وهولاء بوجه.

ونثق بمستوى تعليمنا  ومناهجنا ومدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، عامة وخاصة، ومعلمينا ومدرسينا واساتذنا ذكورا وإناثا.
ونقدر كل جهد يبذل، او كل مجتهد يسعى بكل جد وإجتهاد، ليحقق المزيد من التطور والتقدم في المجالات العلمية والبحثية والتقنية، ونتفق مع كل جهود التطوير وبما يواكب التطورات في بعض العلوم.
ولكننا لا ولن نقبل  أن يساء الى مهنة التعليم بكل مسمياتها وعناصرها، بقصد المساس فيها أو الحط من شأنها أو إنتقاصها، ونرفض ولن نقبل، ولن نثق بمن يمد يده او أياديهم خلسة او علانية، ليغيروا او يبدلوا مناهجنا، ونطالب ونؤكد على رسوخ المناهج التي تؤصل ثوابتنا في ديننا وعروبتنا وتاريخنا وثقافتنا لأهميتها وضرورتها.

ونثق بقدراتنا الإدارية ،ولنا فيها باع طويل وسجل حافل بالإنجاز، وساهمنا بتطوير الإدارة في كثير من الدول،  ولكننا لن نقبل ان نتراجع او نتقهقر، ولن نثق بكل من يحاول او يسعى للنيل من تلك المنجزات والقدرات، والمطلوب  الاستثمار في تلك الخبرات والقدرات ، في مجالات التعليم الأكاديمي والتدريب العملي.

كما نثق بقدراتنا الطبية والصحية،ففي بلادنا أكثر من 130 مستشفى مختلف، حكومي وعسكري وخاص وميداني، ولدينا المئات من المراكز الطبية الأولية والشاملة.
ونثق  بعشرات الآلآف من أهل الخبرات في المجال الطبي والمهن الطبية المساعدة، الذين حققوا كل الانجازات سابقا ولاحقا، فكانت أول زراعة للكلى في الاردن والعالم العربي عام 1970،كما كانت أول عملية لقلب مفتوح على المستوى المحلي والإقليمي عام 1985.
ونطالب بتكريم كل اهل الخبرات في المجال الطبي بكل مسمياتهم، ليكونوا اهل للتعليم الأكاديمي والتدريبي ، واهل للإشارة والإستشارة، كما نطالب بتعزيز الثقة لهذه المنجزات من خلال التحفيز والمكافأة.

وحفاظا على سمعتنا الطبية ومنجزاتنا، فإننا نرفض كل سلوك او نهج  مغرض، يحاول النيل من تلك السمعة  والمنجزات، او  يسيء لها.
نعم يقع الخطأ الطبي، فطبع البشر الخطأ والنسيان، نعم نقف عند الخطأ الطبي لنعالجه كي لا يتكرر ونحاسب المقصر ، ولكن يجب ان لا نقف عند ذلك الخطأ ونعظمه، وننسى كل المنحزات ونستصغرها.
وفي ذات الوقت  نرفض التكاسل او التساهل او التقصير، الذي قد يؤدي إلى الأذى او الموت لأي انسان ، كما نطالب بضرورة الإستعجال بإقرار او تعديل  لأي قانون يحمي حقوق المرضى وحياتهم، ويغلظ العقوبات عل كل معتدي ومتجاوز ، وفي ذات الوقت يجرم ويمنع التعدي على المؤسسات الطبية وكوادرها  وبشكل عاجل.

ونثق بقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، درع الوطن وحماته، وعنوان قوته ومنعته، الساهرين على حفظ أمنه على الحدود والسدود، وعلى جوانب الطرقات وفي كل مكان، لتقديم العون والمساعدة وإنفاذ القانون، وألف نعم وبكل التأكيد لدعمها وتطويرها وتحديثها، لتكون على الدوام كعهدنا بها.
والف كلا.. والف لا، ولا ولن نقبل بأي حال من الأحوال او تحت اي ضرف او مسمى، الإعتداء على اي موقع أو ممتلكات عسكرية او أمنية ، او على اي فرد من أفراد الجيش والأمن، وما جرى سابقا او تكرر لاحقا هو دعوة شر، ومنطلق فتنة ساقها او إنساق بها ولها حاقد لئيم، او إنطلت على جاهل عقيم ، فما كانت دعوة الإصلاح، إلا سبيلا  ومنهجا صالحا يحقق القناعات اولا، ليتحقق الإصلاح تاليا، ومطلب الإصلاح مسمى لتحقيق البناء والنماء والتنمية بكل مسمياتها.

وأسال وأكرر… كيف يكون السبيل للإصلاح بخرق القانون والتعدي على الحقوق ومخالفة النظام ؟

أعود الى مظاهر الثقة وممارساتها، فيقال.. منح  النواب الثقة للحكومة، أي إطمأنوا لنهجها وقدرتها على تحقيق برامجها ورعايتها للشأن العام.

كما يقال  صوت اعضاء  البرلمان على طرح الثقة بالحكومة، أي ضد سياساتها ونهجها ، بغية إجبارها على الاستقالة.

منذ نحو مئة عام مضت من عمر الدولة الأردنية، وها هي تدخل المئوية الثانية، تشكلت نحو 103حكومات ، منذ عهد الامارة وحتى اللحظه، ولم يسجل في التاريخ السياسي الأردني، أن البرلمان ححب الثقة عن حكومة سوى مرة واحدة، وهي الحكومة السادسة، برئاسة الرئيس سمير طالب الرفاعي  والتي تشكلت بتاريخ 27/ 3/ 1963، بعد استقالة الرئيس وصفي التل رحمه الله.
في 1963/4/2 عقد مجلس النواب جلسة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرفاعي ،وقد واجهت تلك الحكومة ، معارضة نيابية شرسة  من قبل نواب المعارضة، وبعد أن تعاقب النواب على إلقاء كلماتهم ومناقشاتهم لبيان الحكومة، ما بين مؤيد للحكومة ومعارض لها ، وتميـَّـزت كلمات المعارضين بالحدَّة ،  وعندما وصل عدد النواب المتحدثين الذين أعلنوا حجب ثقتهم عن الحكومة الى (24) نائبا معارضا من أصل ستين نائبا، هم مجموع أعضاء المجلس النيابي، تولدت لدى الرفاعي قناعة بأن غالبية نيابية تتجه نحو حجب الثقة عن حكومته ، فأستأذن من رئيس المجلس طالبا الكلام ، وبدأ كلمته بشكر جميع النواب الذين تحدثوا في الجلسة وخصَّ المعارضين بشكر خاص على صراحتهم ، ثمَّ أعلن أنه امتثالا للدستور وأحتراما لرأي غالبية أعضاء المجلس الذين حجبوا الثقة عن حكومته سيتقدم باستقالته الى ملك البلاد ، إيثارا منه وحتى لا يتم التنسيب للملك بحل المجلس النيابي.

وبعد قبول استقالة حكومة الرئيس سمير الرفاعي كلف الملك الحسين بن طلال رحمه الله،   الشريف حسين بن ناصر بتشكيل حكومة جديدة.

وفي 1963/4/12وبعد ان  تشكـَّـلت حكومة الشريف حسين بن ناصر، كان أول قرار لها في أجتماعها  الأول، الذي عقدته في نفس يوم تشكيلها، التنسيب بحل المجلس النيابي ، وتمَّ حله فعلا ولم يكن قد مضى على انتخابة  سوى أربعة أشهر 24و يوما فقط ،بحجة ان النواب لم يكونوا يمثلون إرادة ناخبيهم،وبعد حل البرلمان ورفع الحصانة عنهم، تم سجن عدد منهم ممن حجبوا الثقة عن حكومة الرفاعي.

أما بقية الحكومات سابقا ولاحقا فحصلت إما على ” ثقة” ” او ” ثقة ونص”، وتبين لاحقا أن اغلب تلك الحكومات لا تستحق تلك الثقة.

مثلا ثلاث حكومات متعاقبة وعلى التوالي وبرئاسة نفس الرئيس المهندس علي ابو الراغب، بدأت حكومته الاولى عام 2000،وحصلت على ثقة 74 نائبا، بينما حجبها 6 نواب.
فيما حصلت حكومة أبو الراغب الثالثة على ثقة 84 نائبا ، بينما حجبها 23 آخرون وامتنع نائب واحد عن التصويت.
في عهد هذه الحكومة تم ما يسمى الخصخصة، او بيعت المقدرات والثروات الوطنية بثمن بخس!
فمن يحاسب من على تلك الثقة، او تلك الخطوة الغير محمودة والمسماة بالخصخصة؟
واما حكومة د. هاني الملقي الثانية، والتي أدت  اليمين الدستورية في 28 سيبتمبر 2016،واستمرت في عملها حتى 14 يونيو 2018، وحصلت على ثقة  بـ(84) صوتاً وحجب الثقة عنها (40) نائباً وامتنع عن التصويت (4) نواب، من أصل (128) نائباً حضروا الجلسة .
في عهد هذه الحكومة تم رفع اسعار الخبز.. وأسأل ترى هل يعلم صانع القرار أن في الإردن  من يستدين الخبز… إسالوا بعض المخابز في بعض المناطق الشعبية.. واكتفي!

اما حكومة  الدكتور عمر الرزاز ، والتي أدت  اليمين الدستورية في 14 حزيران / يونيو 2018،  فقد فازت بثقة  79 نائبا، فيما حجب الثقة 42 نائبا وامتنع عن التصويت نائبان، وغياب ستة نواب.

في عهد هذه الحكومة كانت جائحة كورونا، وفي بدايتها تم التعامل معها بكل احترافية واقتدار، لكن بعد اشهر من السيطرة والحزم، بدأ التفلت شعبيا والتساهل والتراخي رسميا، مما أدى الى زيادة اعداد الاصابات والوفيات، كما حط على ادراج هذه الحكومة  تقرير ديوان المحاسبة الاخير، وما حمله من مخالفات ادارية ومالية وجرائم الاعتداء على المال العام، وفي عهدها أيضا  تم وأد الكفاءات والخبرات، بعد إقرارها لنظام معدل، يتم من خلاله انهاء خدمات كل من بلغ حد معين من الخدمة.

رحلت هذه الحكومة كإستحقاق دستوري بعد ان تم حل مجلس النواب، ولم يتم محاسبتها على  تقصيرها بشأن تفشي الوباء.

قبل الختام.. إن الإسهاب في تكرار منح الثقة للحكومات، أورث عند العامة شعورا من الإحباط واليأس،لتكرار نفس النهج في التشكيل او التعديل ، ولإعادة تدوير أغلب الوجوه التي تتولى الشأن العام، فمن الوزارة الى الاعيان او الى رئاسة او عضوية بعض الشركات المساهمة والعودة الى الوزارة، – وكأنه ما ولدت النساء في الأردن غيرهم- “إسم الله عليهم”، حتى قيل في وصف هذه الحالة ” كل شيء لهم مفصل وجاهز”.
وعلى ارض الواقع فلا حلول تذكر لأهم المشكلات وخاصة الإقتصادية منها، وارتفاع في نسب الدين العام، وعجز متكرر في الموازنة، وارتفاع في نسب البطالة، ناهيك عن شبح فيروس كورونا، الذي بات يهدد كل القطاعات .
تأثر الثقة واهتزازها ،مؤشر يحب التنبه إليه، ويقتضي من صناع القرار السعي الحثيث لإستعادة ما إنتقص منها بسبب الكثير من المخالفات والممارسات.
كما يتوجب  أيضا على صانعي القرار  إعادة الثقة بين العامة من جهة وبين المؤسسات العامة من جهة أخرى ، على قاعدة الإحترام المتبادل وعلى اساس إداء الواجبات وتلقي الحقوق، ولتعود لتلك المؤسسات هيبتها وشوكتها.
ولأجل ذلك لا بد من إعادة النظر وبشكل عاجل بقانون العقوبات وضرورة  التعديل عليه بالتشديد في جرائم الإعتداء على الدين ورموزه، وجرائم الاعتداء على الأرواح والأعراض والإرهاب والإخلال بالوظيفة العامة والمال العام.
والاستعجال بتعديل قوانين الانتخاب والاحزاب والاجتماعات العامة، وبمشاركة كل الهيئات والاحزاب والشخصيات والمختصين والمهتمين بالشأن السياسي العام.
فأكثر الدول التي سبقتنا في هذه التجارب ليست بأفضل منا، لا إعتقادا ولا تاريخا ولا ثقافة، ولكن هناك من يسعى  وبشكل حثيث، ان نبقى في ذيل القائمة لغايات وحسابات أخرى ولفوائد تعود عليهم، من باب شغل شغيلك لا يشتغل فيك!

ختاما.. حكومة د. بشر الخصاونة التي تم تشكيلها بتاريخ 12 اكتوبر 2020،  وحصلت على ثقة  88 نائبا  بينما حجب الثقة عنها 38 نائبا، وامتنع نائب واحد عن التصويت، وغاب اثنان، من اصل 127 نائبا حضروا الجلسة.

في عهد هذه الحكومة، تم اقالة وزيري الداخلية والعدل لمخالفتهما اوامر الدفاع، وتم التعديل الاول عليها بعد أقل من اربعة اشهر على تكليفها، وبعد اقل من يوم من التعديل استقال وزير العمل، وبعد يومين وقعت حادثة التقصير في مستشفى السلط الجديد والتي توفي على أثرها وبشكل فوري 6 مرضى جراء نفاذ الأوكسجين، ثم توفي بعد ذلك 3 مرضى آخرين، وعلى أثر ذلك اقيل وزير الصحة، وبعدها عادت مظاهر التظاهر من جديد .

وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة، قال في تصريحين تم نشرهما على قناة المملكة مساء الأربعاء 14/3.. قال في الاول… الوضع الوبائي مقلق… وقدرة النظام الصحي أصبحت على المحك.
اما التصريح الثاني..
فقوله..الحضر الشامل غير وارد بالمدى المنظور، إلا إذا استجد شيء على الوضع الوبائي يدعو لإعادة النظر .
في مساء نفس  يوم الاربعاء 14/ آذار، أعلن رسميا عن تسجيل 56 وفاة، وتسجيل  9535 إصابة بفيروس كورونا، وارتفع عدد الحالات النشطة الى اكثر من “90 الف” حالة نشطة، وارتفعت نسبة الإشغال في بعض المستشفيات لتصل الى 60٪ والى 100٪ في البعض الآخر.
السؤال… هل هذا وضع مستجد.. أم أنه لم يستجد بعد، ومتى يستجد، وما هي تلك العلامات او المؤشرات لإستجداده؟
هذه الحكومة قالت في وقت سابق أنها تسعى لإستعادة الثقة، التي تأثرت بفعل الكثير من المنغصات، كما قالت أنها تشعر بالخجل جراء التقصير الذي نتج عن حادثة مستشفى السلط الجديد.
السؤال الأخير… حفظا لما تبقى من آثار للثقة، متى ستستقيل هذه الحكومة!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى