5 مُدن تعيش في المستقبل الآن!

سواليف
عندما نتحدث عن المستقبل، فنحن هنا نقصد مستقبل هذا الحاضر الذي نعيشه، فمثلًا وصلت بعض المدن في حضارات وأزمنة سابقة إلى مستويات متقدمة -بمقاييس زمنها- ومكانة رفيعة في التنظيم، والإدارة والبناء، وحتى كونها مراكز حيوية لتصدير العلم، والفن إلى باقي العالم؛ مدن مثل: بغداد ودمشق والإسكندرية والقاهرة وغيرهم، ضربوا أمثالًا للأهمية والتقدم في عصور فائتة، عرفناها جميعًا بالعصور الذهبية، أما اليوم وبعدما اختلفت موازين القوى، وتباينت معايير العلم صارت بلاد أخرى ومواقع أخرى تتبوأ تلك المكانة في العالم الحديث.

صارت العديد من المدن في العالم الغربي هي المحاور الأساسية لتصدير العلم، والتقدم، والحضارة إلى باقي العالم، ومن بين جميع الدول الغربية التي عملت بقوة على جعل مدنها تكتسب تلك الصفات والتسميات المهمة؛ جاءت بعض المدن التي انتهجت في إدارتها وعمارتها نهجًا حديثًا، وباستقراء مستقبلي واعٍ لتغيرات العالم صارت تلك المدن ممن عبروا من الحاضر الذي نعيشه إلى المستقبل القريب الذي يراه العالم النسق المثالي للعيش في المستقبل، في: التفوق التكنولوجي، والإداري، والحضاري على حد سواء.

1- أوسلو.. الطرق والبيئة
عاصمة دولة النرويج التي تبلغ مساحتها 454 كيلومترًا، ويأتي اسمها في قوائم أكثر المدن رفاهية في العالم، قد عملت على تطوير بنيتها التحتية لسنوات طويلة في مطلع الألفينات، تحديدًا في مجال الطرق والمواصلات، في مطلع العالم الحالي أزالت سلطات المدينة كل مواقف السيارات العامة في وسط المدينة، وعملت على تنظيم الشوارع بالكامل لتتواكب مع نظام ركوب الدراجات، وتخصيص مناطق وأحياء كاملة للمشاة، وتقليص استخدام المركبات في الطرق الداخلية، وبحلول العام 2019 سوف تمنع المدينة وجود المركبات في مركزها بشكل تام.

أوسلو عاصمة النرويج – التشجيع على ركوب الدراجات من أجل البيئة

أما بالنسبة للتحديات البيئية التي تواجهها النرويج بشكل عام؛ فقد تبّنت سلطات العاصمة المشروعات طويلة المدى، وبحسب تصريحات المسؤولين فإن أوسلو احتضنت ما يزيد عن 50 مشروعًا تجريبيًّا لتغيير نمط العمارة والبناء في المدينة ليكون «صديقًا للبيئة» للوصول إلى معدل أقل بنسبة 50% في إنتاج ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد أهم العناصر الرئيسية في الإضرار بالبيئة، كما تخطط أوسلو للدخول في مشروع «المدينة الذكية» الذي يهدف إلى زيادة عدد المركبات الكهربائية، والدراجات للتقليل من انبعاثات المحروقات البترولية من بين العديد من التقنيات المستهدفة لخلق استراتيجية مستقبلية للعاصمة النرويجية.

2- دبي.. الشرطي الآلي من الخيال إلى الواقع
ربما كان قرب دبي من عالمنا العربي هو واحد من الأسباب التي تجعلنا نلمس التقدم الكبير الذي تعيشه المدينة، التي لم تكن إلا بضع طرق معدودة ومبانٍ إدارية في ثمانينيات القرن العشرين، تلك الطفرة التقدمية التي حدثت في دبي كانت نتاج عمل متواصل، لذلك كانت وما زالت دبي واحدة من أكثر الوجهات التي يراقبها العالم أجمع باهتمام، ليس فقط لوجود أحد أشهر وأطول مباني العالم فيها (برج خليفة) ولا لانضباط سير المركبات وتأمين الطرق بها فقط، ولكن هناك المزيد.

تقنيات دبي المتقدمة ومنها الشرطي الآلي

تتبنى دبي من خلال رؤيتها القادمة مشروعات مهمة ومبتكرة أوردها موقع «فيوتشريزم» كاملة، بجوار التخطيط لتشييد أول جبل من صناعة بشرية، وتبني مشروع السيارات ذاتية القيادة، ومركبات التوصيل الطائرة «الدرونز»، أعلنت دبي عن تبنيها لمشروع إنشاء مبانٍ معمارية عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D Printing، بجوار المشروع الأكثر إثارة للدهشة، وهو أول جهاز شرطي آلي بالكامل، وفي عام 2017 كان أول روبوت شرطي يعمل لصالح شرطة دبي بالفعل مع التخطيط للوصول إلى تمكين 25% من قوات الشرطة في دبي لرجال شرطة آليين، وهو ما داعب خيال العالم بعدما كانت فكرة الشرطي الآلي هي فقط مجرد فيلم خيال علمي.

3- سنغافورة.. عامان من القيادة الذاتية
رغم أن الكثير من متابعي التطورات الاقتصادية والتكنولوجية قد يخبرونك عن ظهر قلب أن «سنغافورة» هي المدينة الأولى -أو البلد للدقة- على مستوى العالم في التقدم التكنولوجي والإدارة المنضبطة، ومستوى المعيشة، فبعدما تحولت المدينة الآسيوية من مستعمرة بريطانية إلى بلد مستقل عام 1963، ومنذ ذلك الوقت والعمل لم يتوقف فيها على الإطلاق، بداية من انفصالها عن ماليزيا عام 1965، إلى الاهتمام بالسياحة والأنشط المتعلقة بها، والتي كانت نواة بناء هذا البلد الصغير الذي لا تتعدى مساحته 720 كيلومترًا مربعًا.

السيارات ذاتية القيادة في سنغافورة

في تقرير نشره موقع «فوربس» جاء تصنيف سنغافورة الثانية في ترتيب أكثر المدن ذكاءً بعد كوبنهاجن عاصمة الدنمارك، بناءً على مؤشر تقرير easypark العالمي السنوي لتصنيف المدن الذكية -أي التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة اعتمادًا مباشرًا- ومن أبرز الأمور التي تميز سنغافورة هو كونها واحدة من أوائل المدن التي تبنت مشروعًا للتوصيل عبر المركبات ذاتية القيادة، ففي عام 2016. أطلقت سلطات سنغافورة بالشراكة مع nuTonomy الأمريكية المختصة بالتكنولوجيا، خدمة تزويد المدينة بشبكة سيارات ذاتية القيادة يمكن استئجارها عبر أحد تطبيقات الهاتف، مع وجود سائق احتياطي لتفادي أي مشاكل في الخدمة التي لم تظهر أي أعراض سلبية حتى يومنا هذا.

4- موسكو.. الأخ الأكبر يراقب نفسه!
واحدة من أكبر العواصم في العالم، بمساحة ما يقرب من 2500 كيلومتر مربع، وربما لم تكن موسكو حتى وقت قريب مدينة متقدمة، أو تكنولوجية بأي حال من الأحوال؛ ولكن التطور الذي شهدته في السنوات القليلة الماضية جعل العالم يلتفت إليها التفاتًا ملحوظًا، في أحد تقارير مجلة «فوربس» الأمريكية المعنية بالاقتصاد وتطوير الأعمال بشكل كبير، ذكرت أن موسكو وضعت قدمًا في عالم «أسلوب الحياة الحضري»، وانتشر في العاصمة الكثير من التيسيرات التكنولوجية مثل مُدخلات الإنترنت اللاسلكي، ومراكز شحن الأجهزة المفتوحة، كما أن عدد محطات الصراف الآلي للعملات المُشفرة (Crypto-currency) قد زاد ازديادًا ملحوظًا مما يعني نسبة أعلى للتأقلم مع مقتضيات التكنولوجيا الحديثة.

كما أن موسكو اليوم تتميز بواحدة من أقوى شبكات مراقبة الطرق، وسير العمل في العالم، فالمدينة البالغ مساحتها 2500 كيلومتر مربع تغطيها شبكة تتكون من 146 ألف كاميرا ذكية لمراقبة المرور، والانضباط في شوارع العاصمة، والتي تؤكد من خلالها أيضًا إذا ما كانت الشوارع قد نُظفت، وجمعت القمامة منها بالكامل أم لا، ومراقبة التزام العامة بإشارات المرور، وإذا ما كانت حتى لوحات الإعلانات الترويجية لائقة، ومطابقة للمعايير.

كاميرات المراقبة تتابع عمليات نظافة وتجميل المدينة في موسكو

وتنوي موسكو مستقبلًا تطوير قدرات تلك الشبكة الكبرى، واستبدالها بكاميرات أكثر ذكاءً، تعمل على تحليل الصور ورفع نسبة الدقة في التقاط حوادث تخطي السرعات المسموح بها، والتأكد من الحوادث الفردية التي تساهم في تلوث المدينة، وما إلى ذلك مما جعل المدينة العريقة واحدة من أسرع المدن تطورًا ولحاقًا بركب التقدم التكنولوجي.

5- ريكيافيك.. كيف تريد أن تعيش؟
ربما ليست من أكثر المدن شهرة، وربما لا يتداول اسمها بكثرة في منصات الإعلام والصحافة المختلفة، «ريكيافيك» هي عاصمة دولة آيسلندا في شمال أوروبا، تبلغ مساحتها 275 كيلومترًا مربعًا، وتحتوي على أهم مراكز الدولة الحيوية، وكانت واحدة من أولى المدن في العالم التي تتبنى مشروع «المدينة الذكية»، في مطلع العام 2016 عملت سلطات المدينة على أكثر من 200 مشروع تقني متقدم، وأطلقت مبادرة وطنية لسكان المدينة تطلب منهم أن يشاركوا الدولة أفكارًا تساهم في تطور المدينة كيفما يحبون أن يعيشون فيها.

شبكة التوصيل عبر المركبات الطائرة في ريكيافيك

وبالفعل جُمِع ما يزيد على 70 ألف فكرة من المواطنين وطلبة المدارس والجامعات، ونُقحت لإضافتها إلى خطة التطوير في العاصمة، وبخلاف التنظيم الإداري، وانضباط سير الطرقات والحياة العامة، تحتوي «ريكيافيك» على واحد من أكثر أنظمة خدمات التوصيل دقة وسرعة، وليس التوصيل التقليدي هو المقصود، ولكن تحتوى العاصمة الأيسلندية على أول نظام أتوماتيكي بالكامل للتوصيل عبر المركبات الطائرة «الدرونز» في كل أنحاء المدينة، وهو المشروع الذي تشاركت فيه مع السلطات الأيسلندية وشركة «Flytrex» الإسرائيلية المتخصصة في التوصيل عبر أنظمة الطيران دون طيار، منذ عام 2017.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى