وعلامة نصبه “السكتة”..

مقال الخميس 7-1-2015
النص الأصلي
وعلامة نصبه “السكتة”..
جلست ذات نهار أمام بيتها ، في حفنتها كمشة “بزر دويرة الشمس” وتراقب بهدوء فرق “التزفيت” وهم يعبدون الشارع القريب ، كانت مثل الحكم الرابع تطلب من العمال والمهندسين ان يحسنوا الخلطة ويسدوا الفراغات وأن يعتنوا بالأطراف، كما كانت تنهى أولاد الجيران من “العربشة” على المداحل الثقيلة التي تحاول تسوية الشارع ذهاباً وإيابا أو الاقتراب من البراميل المغلية …وفي نفس الوقت لم تبدِ أي تنبيه لابنها الصغير وهو يقترب من بقعة سائلة من “الزفتة” في منتصف الشارع..وبقيت “تفصّم البزر” وتراقب الولد بصمت وهو يحوم حول البقعة إلى أن نطّ في وسط الجورة…فغطست ساقاه حتى الركبة بالزفتة الطازجة وصبغت ملابسه وأسنانه وقرعته اللامعة..عندها انتفضت الأم ورمت القشور من يدها وهرولت تجاه الصبي وصفعته على رأسه وظهره ومؤخرته على ما قام به ..فنال العقاب مرتين مرة بسقوطه في “السائل الأسود” ومرة من صفع أمه الرؤوم التي لم تحذره بل سهّلت سقوطه وتورطّه بصمتها…
المشهد أعلاه يشبه تماماً…دور الحكومة في تجارة البيع الآجل أو ما يعرف في “التعزيم” التي حدثت في البتراء ووادي موسى مؤخراً..فقد بقيت تراقب المشهد بصمت لشهور طويلة الى أن غرق الناس في “وحل الأزمة” فاقتربت منهم لتعاقبهم مرتين؛ مرة بخسارتهم الفادحة ومرة بالقوة والقنابل المسيلة للدموع ، علماً أننا أطلقنا أكثر من تحذير منذ سنة تقريباً أن عاصفة اقتصادية جديدة سوف تضرب الجنوب تشبه مقلب “البورصات” الذي حدث قبل سنوات قليلة وكانت أيضاَ على مرأى ومسمع الحكومات السابقة دون ان يلتفت للتحذير أحد او يتدخل أحد..
البيع الآجل للسيارات والعقارات..باختصار يقوم على مبدأ “تلبيس الطواقي” شراء السيارات والعقارات بنسبة تزيد عن سعر السوق ب40% او أكثر في شيك بنكي مؤجل لثلاثة أو أربعة شهور …ومن ثم بيع هذه السيارات والعقارات نقداً بأقل من سعرها ب20% في السوق…هذه الخسارة لن تظهر مرة واحدة في لعبة “التلبيس” وإنما بعد ان تتراكم الخسائر وينكشف الطابق، ولا يبقى طواقي كافية للرؤوس الحاسرة ،عندها يكون قد وقع ضحية الفقر و”الطمع”أحيانا، مئات وربما ألاف من الناس البسطاء…
الحكومة بقيت تراقب “مشهد التخبيص” بصمت منذ شهور ، وهي ترى وتسمع وتقرأ الفوضى الموجودة في البيع الآجل ،لكنها لم تتدخل ولم تحاول أن تستخدم “درهم الوقاية” لحماية المواطنين ، الى ان هرب تجار “التعزيم” وتواروا عن الانظار فتفاقمت الخسائر وارتفع صوت الناس وزاد احتجاجهم..فتدخلت عندها الحكومة بقوة لتسيطر على الوضع رغم انه كان بإمكانها ان تنهاهم عن السقوط في بركة “النصب الأسود” منذ البداية..

لا حلول الآن..سوى تنظيف ما علق بالمواطنين من خسائر واسترجاع ما يمكن استرجاعه و”العوض بوجه الكريم” ، فلا هي النصبة الأولى ولا الأخيرة التي يأكلها شعبنا الكريم….فمكاننا دائماً في الجملة الوطنية مفعول به ،منصوب عليه، وعلامة نصبه “السكتة”…

وغطيني يا كرمة العلي..ما فيش فايدة

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. اذا اردت ان تعرف ما يحصل في البتراء .. افهم قبل ذلك ما حدث في اموال البورصات
    واذا اردت ان تعرف ما يحصل في البتراء تابع ما سيستجد في قانون تملك الاجنبي في البتراء وما سيؤول اليه الامر من بصم بالعشرة
    ومع ذلك استاذنا .. لن ابرّئ من تورط بذلك من المواطنين حتى لو كان بذريعة الحاجة او الطمع او فرق السعر … فمن لُدغ مرة لا يثق بالحبل الملفوف ولو كان على شكل ربطة عنق
    عمليات تفقير ممنهجة .. ولكن علينا ان نكون اكثر صحوة .. فالفساد والفاسد والفسدة لن يألوا جهدا في سبيل ” مص ” مخ عظامنا
    حافظوا على ما بقي لديكم وبين أيديكم … فهو فقط ما بقي في الوطن

  2. سيدي العزيز برأيي انك لم توفق في مقالك هذا فهو هجوم على الحكومة لمجرد الهجوم. ما ذنب الحكومة عندما يصبح المواطن طماعا وجشعا ويلهث وراء المال السهل !! هل من واجبها ان تذهب الى المواطنين فردا فردا وتؤنبهم حتى لا يخالطوا اصحاب السوء ؟!! ثم بالنسبة لموضوع الفقر، فثق سيدي العزيز ان من خسر مليون دينار في هكذا قضية فهو ليس بفقير !! برأيي ان الموضوع لا تتحمل وزره الحكومة بل المواطن الطماع نفسه !!

  3. لست متعاطفا معهم ابدا … وايام البورصة شفتهم وهم يتهافتوا وكل اللي كانوا يتهافتوا كانت عندهم بيوتهم وسياراتهم وشوية مدخرات … وشفت كثييييررر منهم وهو حاسس انه الشغلة فيها نصب وكذب وخداع ومع هيك كان حابب يستمر ويظل يوخذ مصاري وهو عارف انها مصاري اللي رح ييجوا من بعده، ومع ذلك ما عنده مشكلة لانه حاطط بباله يسحب مصاريه قبل ما ينكشف الطابق !!! عموما كثييير منهم اخفق باكتشاف هاي اللحظة الحرجة … اذا على مستوى شغل البورصة الحقيقي في ختيار حكى لابنه: “انت انتجت بكسة بندورة او قدمت مساعدة لبني ادم بقعدتك ورا الكمبيوتر؟” رد الولد: “لا يابا” فقل له ابوه معناته فلوسك حرااام … هاظ هو الاردني النشمي الصح مؤمن بقيم التعب وبذل المجهود

  4. تشبيه المواطنين باولاد و الحكومة امهم تشبيه غير موفق المواطنين راشدين و بالغين و يتحملوا جزء كبير من المشكلة و الحكومة كذلك و لكن مش كلشي من الحكومة

  5. اللي من ايدو الله يزيدو … مش بحاجة تدافع عن المغفلين أو الطماعين

  6. لانه احنا شعب ذابحنا الطمع صار هيك والحكومه ما بتتدخل الا عند وجود شكوى

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى