30 مارس والحبل عالجرار / م . عبدالكريم ابو زنيمه

30 مارس والحبل عالجرار

مارس بالمفهوم الأردني تعني قطعة الارض الطويلة أي مستطيلة ،لكن عندما تأتي على لسان أحد المصريين فأنها تعني شهر آذار ،ومعظم الموارس التي بحوزة الأردنيين تم امتلاكها سابقا بوضع اليد أي بالقوة وكان يحدد هذا المارس او ذاك من عند الزقومة هذه لعند الرجم هذاك لعند التلة هذيك لما تصل للوادي،ولاحقاً تم تحديد هذه الموارس كما هو متعارف عليه الآن بالإحداثيات الهندسية وتفويضها على واضعي اليد.
بعد هزيمة او نكسة او نكبة عام 1967 فان الأراضي (الموارس) الواقعة حول نهر الاردن والتي تسمى (الزور) قد هجرها أصحابها ونزحوا إلى مناطق بعيدة عن مناطق الاشتباكات والعمليات العسكرية التي كانت تحدث بشكل دائم بين الجيش الاردني والمنظمات الفلسطينية من جهة والعدو الاسرائيلي من الجهة الأخرى ، وبلغة اصحابها فان هذه الموارس (راحت ) أي ضاعت كما ضاعت فلسطين !
بعد الهزيمة كان معظم الشعب العربي ينتظر خطاب جمال عبدالناصر على احر من الجمر ليستمع الى ما يقوله ذلك الزعيم حتى تكاد الشوارع العربية تخلو من المارة حين إذاعة الخطاب في الراديو ، في تلك الأيام كانت أجهزة الراديو وخاصة في الأرياف محدودة جداَ لذلك كان الرجال في القرى يجتمعون في بيت المختار الذي يمتلك جهاز راديو ليستمعوا الى الأحداث المهمة ، وفي شهر نيسان من عام 1968م القى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر خطاباً شهيراً حول بيان 30 مارس والمقصود به 30 آذار، وكرر في خطابه 30 مارس..30 مارس عدة مرات ،وكالعادة كان عدد كبير من الناس مجتمعين وكلهم آذان صاغية لكلمات عبدالناصر حتى نهض أحد الأشخاص (رحمه الله) من بين الصمت وبصوته الجهوري قائلاً “أو..ووووه..الزلمه قروشنا (دوشنا) وهو يبكي على ثلاثين مارس…أي أنا راح عليّ ستين مارس بالزور وما حكيت ولا كلمة “.
ذلك الرجل لو أنه عاش حتى شهد أيامنا لقلنا له : ليتها توقفت على (30..60)مارس ،فكل ما تبقى لنا (22)مارس موزعة بين المحيط الاطلسي غرباً والخليج العربي شرقاً كلها بور ولا تسقى ألا بالدم العربي ولا تنبت إلا التطرف والجهل والتخلف والفساد والفقر والجوع ، قطاريزها لا يحلمون الا بفيزة سفر الى بر الأمان والطمأنية والعيش الكريم في بلاد الغربة وبحثاً عن الكرامة الانسانية التي لم يصادفوها في موارسهم ، هذه الموارس التي استولى عليها نواطيرها بالسطو ووضع اليد لم تفوض عليهم بعد ، بل سيعاد تقسيمها كمرحلة ثانية – بعد أن انتهت المئوية الأولى من وعد بلفور المشؤوم – إن لم ينفض القطاريز غبار الذل والجبن والخوف ويقولوا للطغاة كفى… الأرض أرضنا ونحن أصحابها !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى