3 سيناريوهات اسرائيلية للشرق الاوسط عام 2030

3 سيناريوهات اسرائيلية للشرق الاوسط عام 2030
وليد عبد الحي
استكمالا للسيناريو الاول الذي عرضناه في مقال سابق(قبل يومين) استنادا للدراسة الاسرائيلية حول مستقبل الشرق الاوسط عام 2030 ، نعرض هنا السيناريوهات الثلاثة الاخرى كما وردت في الدراسة:
السيناريو الثاني:
يقوم هذا السيناريو على اساس ان واشنطن ستقلص بشكل ” طفيف ” وجودها العسكري في المنطقة مع استمرار الاحتفاظ بقوات كبيرة في الخليج ، وبدرجة أقل في العراق وسوريا. في موازاة ذلك ، تشجع الولايات المتحدة الجهات الإقليمية الفاعلة على حل تحدياتها الأمنية بنفسها وليس اعتمادا على الوجود الامريكي، ، الأمر الذي سيدفع دول المنطقة الى زيادة شراء الأسلحة من الولايات المتحدة.
وتتمثل الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط حتى عام 2030 في:
أ‌- منع ظهور فراغ قوى كبرى تملأه روسيا أو الصين
ب‌- التأكد من أن المشكلات الإقليمية لا “تنتشر ” الى مناطق اخرى.
ت‌- استمرار الضغط على دول المنطقة لإظهار التقدم نحو التحول الديمقراطي .
يترافق مع هذا أن التعافي الاقتصادي العالمي سيتباطأ بسبب النكسات في إنهاء الأزمة الصحية لـ COVID-19. ويبدأ فقط في التعافي ببطء في أوائل عام 2023 ، ومن المتوقع أن تظل أسعار الطاقة أقل من مستويات عام 2019 في المستقبل المنظور، مما سيقود الى استمرار تراجع عائدات الطاقة لدول الخليج الامر الذي سيجعلها تقلص دعمها الاقتصادي للدول العربية الأفقر ، ولا سيما مصر التي سيتم فيها إلغاء العديد من المشاريع الطموحة للرئيس السيسي ، كما سيتآكل ارتباط مصر بالأعضاء الآخرين في الرباعية العربية (السعودية والإمارات والبحرين). وسيتركز الاضطراب الناتج عن تراجع عائدات النفط في مصر والعراق والجزائر.
لمواجهة هذا الوضع ستتدخل الصين وروسيا لزيادة دعمهما لمصر بطرق مختلفة مثل : توفير لقاحات COVID-19 مجانًا أو بشروط مواتية ، والحلول محل الإمارات العربية المتحدة بصفتها الممول الأساسي لمشاريع البنية التحتية ، وستعمل روسيا والصين على مساعدة الرئيس السيسي على تعزيز قدراته في مجال القمع الرقمي، كما ستتعاون روسيا ، من خلال أجهزتها الأمنية والمتعاقدين العسكريين مع مصر في ليبيا، وستكمل بناء قواعد بحرية وجوية في السودان وتزيد تدريجياً من أسطولها الدائم في البحر الأحمر. أما الدور الصيني امنيا فسيظهر عبر اتفاقية مع المشير خليفة حفتر لتشغيل ميناء بنغازي.
وسترد واشنطن على هذه التوجهات من خلال:
أ‌- تقليص التعاون الأمني وتجميد المساعدات العسكرية لمصر، لكنها ستتجنب حدوث قطيعة حادة في العلاقات مع مصر نظرًا لأهميتها الاستراتيجية.
ب‌- سيدفع النفوذ الروسي والصيني المتزايد في مصر الى تنسيق محدود بين اسرائيل وكل من موسكو وبكين في بعض المجالات مثل القضايا الرئيسية للأمن القومي في غزة والبحر الأحمر.
تؤدي الضائقة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط إلى اضطرابات عامة وقمع عنيف لأصوات المعارضة في جميع أنحاء المنطقة ، حيث ستعمل هذه الدول على تخفيضات في الميزانيات في وقت ستفشل فيه في ضبط تزايد عدد السكان. كما ستواجه القاهرة ندرة مائية متصاعدة ، ونتيجة لذلك يحدث نقص في الغذاء في مصر ، كما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في البلدان المجاورة، وستنتشر الجماعات الإسلامية الراديكالية في جميع أنحاء المنطقة ، مستغلة الصراعات التي طال أمدها في ليبيا واليمن وسوريا والعراق. ويتحول لبنان إلى حرب أهلية متجددة تفاقمها التدخلات الخارجية ، وحينها سينشغل حزب الله مؤقتاً عن إسرائيل لكنه سيحتفظ بقدراته الصاروخية كقوة ردع لاسرائيل.
ويفترض السيناريو أن ايران ستجمد نشاطها النووي في ظل تصاعد التوتر على اسس مذهبية في المنطقة،
وستمارس امريكا ضغوطا على اسرائيل لتقديم تنازلات في مجال التسوية مع الفلسطينيين ، لكن المواجهات المتقطعة بين حماس واسرائيل ستستمر دون حدوث تغيرات كبيرة، وتفترض الدراسة ان اسرائيل ستعود للسيطرة على غزة ثم ستسلمها للسلطة الفلسطينية لكن حماس ستعود من جديد لوضعها خلال شهور.
ويشير السيناريو الى استمرار تراجع التأييد لإسرائيل في الوسط الديمقراطي وبعض الجمهوريين ، وسيكون سبب هذا التراجع هو لدفع اسرائيل لتقليص علاقاتها مع كل من روسيا والصين وهو ما سيؤثر على القدرات الاسرائيلية لا سيما في عملياتها في سوريا.
هذا السيناريو يكشف عن ان التنافس بين القوى الكبرى سيخلق عددا من المشاكل الامنية لاسرائيل.
السيناريو الثالث:
يفترض هذا اسيناريو ما يلي:
أ‌- التخلص من الكورونا
ب‌- استمرار تقليص الولايات المتحدة التزاماتها الخارجية بخاصة في الشرق الاوسط
ت‌- استمرار السعر المنخفض للبترول.
ث‌- تغير النظام في ايران بنظام علماني ، مما سيجعل الولايات المتحدة تواصل سياسة التخلي التدريجي عن الشرق الاوسط ،
لكن النظام العلماني الجديد في ايران سينخرط في نفس الطموحات الايرانية القديمة، وهو ما يعيد النزعة القومية العربية للظهور، وسيتم التقارب السعودي المصري السوري لمواجهة سياسات النظام الايراني الجديد، وستشارك تركيا في هذه المواجهة من خلال تحويل المياه من نهر اراس(Aras) مما يضعف توفر الماء في محافظات ايران الشرقية ، وسترد ايران بالعودة لسياسات مساندة النزعة الانفصالية للاكراد في المنطقة.
وستزيد روسيا من نفوذها في ايران(مع النظام الجديد) بخاصة لبناء كارتل للغاز يضمها مع ايران وقطر وتركمانستان، وهو ما يخلق توترا مع كل من الصين(بسبب ارتفاع اسعار الغاز) ومع تركيا بسبب التوجه الروسي لنقل الغاز بعيدا عن تركيا.
ويفترض هذا السيناريو نشوب حرب بين كتلة تضم مصر والسودان واريتريا ضد اثيوبيا ،ولكن بعد عدة شهور تتمكن روسيا والصين والاتحاد الافريقي من الوصول لوقف الحرب، وقد تكون هذه الحرب في الفترة بين 2021 و 2025، وفي الفترة بعد 2025 ستتزايد النزاعات المذهبية في العراق وستمتد الى بقية الدول الخليجية وتزداد الهجمات على المرافق البترولية بخاصة.
ويفترض السيناريو أن تتمكن مصر من انتاج القنبلة الذرية بتمويل سعودي عام 2027 بينما ايران ستمتلك القنبلة النووية عام 2028(ستشتريها من كوريا الشمالية) وفي عام 2029 ستتعاون باكستان النووية مع تركيا.
اما في البعد الدولي للشرق الاوسط فيفترض هذا السيناريو أن التنافس الصيني الروسي في المنطقة هو الابرز في الشرق الاوسط مع عام 2030
السيناريو الرابع:
يبدا هذا السيناريو من افتراض استمرار ازمات المنطقة مما يجعل الدول الكبرى اقل عناية بالشرق الاوسط ، وهو ما يتيح للقوى الاسلامية الاكثر تطرفا للظهور مرة اخرى ، وستحدث كوارث بيئية بخاصة في مصر ستدفع الرئيس السيسي لترك السلطة مما سيفتح مجالا لاضطرابات واسعة في مصر، وستجد مصر نفسها مضطرة مرة اخرى للتقارب مع دول الخليج وبشكل اكبر مع اسرائيل، وهو ما يمنح اسرائيل فرصة لضرب حزب الله والمنشآت النووية الايرانية بخاصة في ثلاث مواقع حساسة في كل من ناتنز وأصفهان وفورداو، لكن الرد على الهجوم سيقود الى دمار كبير في البنية التحتية الاسرائيلية.
ويضع السيناريو احتمال نشوب حرب اهلية في العراق من جديد وتدخل ايران في مجرياتها.
كما يضع السيناريو احتمال تغير النظام في الاردن وتولي قوى اسلامية الحكم مما سيقود الى قيام اسرائيل ببناء جدار او سياج على حدودها الشرقية، ومع تطور الحركة الاسلامية ستقوم اسرائيل بحل السلطة الفلسطينية.
يقوم هذا السيناريو في مضمونه الجوهري على فرضية حدوث غياب التنافس بين القوى الدولية في الشرق الاوسط الذي يمنح اسرائيل فرصا لتكييف المنطقة لصالحها في ظل الاضطرابات في المنطقة.
القواسم المشتركة في السيناريوهات الاربعة: تقوم رؤية هذه الدراسة على اسس مركزية هي:
أولا: ان انخراط الولايات المتحدة في المنطقة او تراجعها عن هذا الانخراط سيقودان الى نفس النتيجة وهي عدم استقرار المنطقة.
ثانيا: ان اتساع الانخراط الروسي الصيني في المنطقة سيقود تدريجيا الى احتمال التنافس الروسي الصيني.
ثالثا: إن استمرار التقارب العربي الاسرائيلي ليس مضمونا تواصله.
رابعا: تغير النظام في ايران قد لا يضمن التخلي عن الطموح النووي
خامسا: منع اي دولة شرق اوسطية من امتلاك السلاح النووي امر جذري وحاسم في الاستراتيجية الاسرائيلية
سادسا:المزيد من التدهور الاقتصادي في المنطقة يعطي اسرائيل المزيد من الفرص لاختراقها وتشكيلها لهذه المنطقة.
وتشير الدراسة في خاتمتها الى ان تفاعل اسرائيل مع كل سيناريو من السيناريوهات الرابعة مرتبط بطبيعة التغيرات في البنية الاسرائيلية الداخلية، وهو امر لم تتناوله الدراسة.
ما جدوى هذه الدراسة:
أعتقد ان المخطط الاستراتيجي الاسرائيلي (وصانع القرار الاسرائيلي) سيعمل على ما يلي:
1- تحديد ما هي النقاط التي في” صالح اسرائيل ” في كل سيناريو من السيناريوهات ، ثم تشكيل لجنة من الخبراء في كل نقطة للبحث في آليات تعزيز هذه النقطة لزيادة احتمال حدوثها.
2- تحديد النقاط التي هي في ” غير صالح اسرائيل ” في كل سيناريو من السيناريوهات الاربعة ثم تشكيل لجنة من الخبراء للبحث في آليات إضعاف او منع احتمالات حدوث هذه النقاط…
هل سنفكر بنفس الطريقة ؟ الجواب لكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى