
الوجه الآخر
احمد المثاني
هل ثمة وجه آخر : للإنسان ، للأشياء ??
هل يمكننا أن نتجاوز ما هو مخفي ، أو خارج زاوية الرؤية ، لنتمكن من فهم صحيح ، فنرى بعين البصيرة و الإدراك الذكي غير ما هو ظاهر و سطحيّ .
للحقيقة أحيانا كثيرة وجه غائب ، ندركه بعد الندامة و الأسف ، فكم من حكم أو رأي قطعنا به أو دافعنا عن صحته .. و إذ به يظهر على غير ما رأينا و حكمنا .. نحكم على بعض الأشخاص أحكاماً قاسية ، فنقول فلان مجرم أو عدواني . و حين تتكشف لنا الأمور يتبين أنه الضحية و ليس الجلاد .. و أن فلاناً القاسي و الشديد .. تأخذه الدمعة و الرعشة .. ففيه جانب الضّعف الذي يجعلك تُشفق عليه ، و لو من نفسه .. فكم من إنسان حكمنا عليه بالوصمة .. و هو ضحيّة .. ضحيّة المجتمع ، من فقر أو حرمان ..
في الإنسان الذي نصفه بالشرير جانب خير و بذرة صلاح ، لو وجدت من يرعاها لكبرت . كيف ? إن الله تعالى قبل باب التوبة فلماذا نحن نحكم بالحرمان و الطرد من جنة الله ، كما لو كنا مسؤولين عن حساب الخلق .. هل رأيتم الشخص الذي دخل يسرق فوجد المصحف فقبله !! الكثيرون لم ينظروا للوجه الآخر .. هذا الإنسان معترف بجلال المصحف ، و لكنه في لحظة ضعف انساني أو بدافع حاجة أو حرمان أقدم على السرقة . فهل نخرجه من دائرة الصلاح و التوبة و نحكم عليه بالطرد من رحمة الله .!
كم من صديق ظلمناه بالتّعجل أو بالانفعال ،و حكمنا على ظاهر سلوك معين ، دون أن نلتمس لأخينا و لو عذراً ..
للسلوك الإنساني دافع مرئي و أحيانا دوافع غير مرئية .. نحن نفسر كذلك السلوكات كما نرى ظاهرها ،، فقد لا يكون الشخص بخيلاً ، بقدر ما هو محتاج و مقتصد . و قد لا يكون الشخص متعالياً ، فلربما أنه مريض أو يمرّ بعلاقة صعبة مع أهل بيته .. نحن لا نرى الجانب الآخر .. فللقمر جانب مضيء نراه ، و جانب معتم لا نراه .. و كذلك نرى ما هو عائم من جبل الجليد .. و لا نرى ما هو مغمور ..
و هكذا ، يجب أن نرى بقلوبنا و إحساسنا .. مثلما نرى بعيوننا .. و لنوطّن أنفسنا على أخذ الناس بحُسن الظنّ .. و أن لا نتسرّع بإطلاق الأحكام المطلقة ، لمجرد سلوك أو موقف صغير .
فلنتأمل. . و نفكّر بأفقٍ أوسع .. و لنرحم .. و لنصفح ..
– أحمد المثاني –
