.ارجوحة العيد

[review]أرجوحة العيد لهذا العام كانت مختلفة ، أرجوحة سقفية لا قوائم لها ، منصوبة في حديقة الموت، تحت الأرض، تحت "تسوية" الألم ، تحت البشاعة بنصف ميل، حيث لم يفكّر العشب بالتكاثر هناك ، ولم يفكّر الفراش بالاقتياد مكتوف الجناحين ، حيث لم تتدحرج كرة ، أو تتسلّق حولازانة ، حيث لم تمرّ الريح ، ولم تخترقها أصابع نخلة..

عفنٌ مرّ ، أعقاب سجائر ، هياكل لعصافير محلّقة ، جلد نمر مجفف ، وسلاسل غليظة ، تلك هي حديقة الموت السفلية ، حيث يذوب الحق كما يذوب الملح في الحلق، وتطفو غرغرة الموت على واضح الصوت ،هناك تزوّر الأرانب فصيلتها ، وطبيعة جلدها ، وتستأسد على من سواها ، هناك يتأرجح مخترعو "لاءات" العرب ، وزارعو قمح الكرامة ومصنّعو قنابل الرفض .. هناك طلع غاز الموت النيء وسيّل الأوجاع العربية..
أرجوحة هذا العيد كانت مختلفة:فالزمان قد فرّغ من محتوياته "الوقتية" ،والمكان وقد تقلّص الى بعد واحد ، سلّم حديدي، ظلال سوداء لأجسادٍ داكنة ،وجوه مقنّعة لأسباب غير مقنعة ،جيولوجي شهير ليقيس أعماق الحقد وطبقاته وقت الزلزلة، حبل يشبه علامة الاستفهام ،يشبه "لا" العرب ، و قائد لم يرمش ولم يرسم علامة تعجّب واحدة. منتظراً عجينة الموت حتى تختمر…

مرّت لحظة أولى ملفوفة بخرقة الغلّ، ولحظة أخرى منزوعة الشرعية توّقف بعدهما الزمن ،وفجأة فتحت بوابة الاغتيال ، تأرجح المعطف الأسود ، وتأرجح التاريخ مكشوف الوجه، وارتعش الماء في زوايا العين، بينما صرير الحبل لا زال يمر بالمخيّلة كصوت أفعى عجوز ،تأرجح المعطف الأسود راسماً على الحائط ظلاً عملاقاً يبتلع باقي الظلال،مرتفعاً حتى في الموت على رؤوس الآخرين..
ذاب صاحب المعطف وامتزجت رائحة الدفء برائحة الروح ،وأنزل كنخلة شهيدة لم يتعبها الوقوف أو مبارزة الريح..وتلوّن بلون خبزه الذي عشق "تراب العراق"..
لم تكن النهاية .. فلا زلنا ننتظر حكم الإعدام على "الفرات" بتهمة الجريان..!!!!!

من ارشيف الكاتب

مقالات ذات صلة

7-1-2007
أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى