2023 الأكثر #دموية في تاريخ #الحركة_الإعلامية_الفلسطينية
#محمد_ياسين .. كاتب صحفي
لم يكن 2023 عاما عاديا في تاريخ الحركة الإعلامية الفلسطينية، بل كان الأكثر دموية والأشد عنفا وبطشا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذى تمادى في استهدافه المتعمد والممنهج للصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام، ضاربا بعرض الحائط القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية المؤكدة على حمايتهم في مناطق الصراع، وذلك في إطار سعيه المحموم لاخفاء صور ومشاهد جرائم الإبادة التي يرتكبها بحق المدنيين الآمنين في غزة عن أنظار العالم، محاولا تجنب استفزاز الرأي العام الدولي المناهض للعدوان على غزة، بما يمنحه المزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته بعيدا عن أي ضغوط دولية.
لقد دفع فرسان #الإعلام_الفلسطيني ومازالوا فاتورة باهظة في ظل استمرار العدوان الذي أودى بحياة 106 صحفيا وصحيفة، فضلا عن اعتقال آخرين وتدمير مقار العشرات من المؤسسات الإعلامية واضطرار العديد منها للتوقف عن العمل الإعلامي جراء الانقطاع المتواصل للكهرباء وشح إمدادات الوقود منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، علاوة على كثافة القصف الجوي والمدفعي لمختلف أنحاء قطاع غزة.
لقد تبخرت شعارات حقوق الإنسان والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية على وقع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدار ثلاثة شهور بحق المدنيين والطواقم الإعلامية والطبية والدفاع المدني، إذ بدت وبكل أسف كدليل إرشادي لجيش الاحتلال الذي تفنن في اختراقها ودوسها بجنزير دباباته، مستثمرا عجز المجتمع الدولي وتواطؤ القوى الدولية الظالمة عبر إراقة المزيد من دماء الأطفال والنساء.
وتعكس لغة الأرقام وحشية الاحتلال ومدى إجرامه، إذ تجاوز عدد الصحفيين الذين قضوا شهداء منذ بداية العدوان على قطاع غزة 106 صحفيا وصحيفة، وهو ما يفوق عدد الصحفيين الذين قتلوا برصاص وصواريخ الاحتلال منذ عام 2000 وحتى تاريخ اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة بشهر مايو 2022 والبالغ عددهم 50 صحفيا، مع الاشارة إلى ان عدد الضحايا مرشح للزيادة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الغاشم.
ولم يقتصر الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين على غزة، بل امتد ليطالهم ووسائل الاعلام في الضفة الغربية التي شهدت اعتقال صحفيين وإغلاق واقتحام مؤسسات إعلامية، وذلك في محاولة يائسة لكتم الصوت الفلسطيني وحجب الصورة الفلسطينية والحيلولة دون وصول الرواية الوطنية الفاضحة لجرائم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي.
إن استبسال فرسان الإعلام الفلسطيني في تغطية وقائع العدوان الإسرائيلي الشرس المتواصل على قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي رغم المخاطر الجمة المحدقة بهم وقسوة الظروف المعيشية يعكس إرادة فولاذية وإنتماء وطني عميق مكنهم من قهر رواية الاحتلال الكاذبة والتصدى لدعايته وحربه النفسية الضارية للنيل من إرادة وصمود المجتمع الفلسطيني.
لا وقت للبكاء والعويل على أجندة الصحفيين الفلسطينيين الذين طال ذويهم وبيوتهم بطش الاحتلال وغدره، بل تراهم يلاحقون جرائم الاحتلال المتوالية لفضحها ونقل آهات الضحايا لعلها تحرك ضمير العالم، متطلعين لتوثيق فجر النصر والتحرير الذي يرونه قريبا وإن رآه غيرهم بعيدا.
لقد بات من العار أن يردد المجتمع الدولي شعاراته حول حقوق الإنسان وحرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير وحق المعرفة وتداول المعلومات، فكل ذلك بات مجرد شيك بلا رصيد.
وختاما، ستبقى التغطية مستمرة والرواية الفلسطينية ملأ سمع العالم وبصره، ولن تسقط الراية التي استلمتها الزميلة شيرين أبو عاقلة من الزميل ياسر مرتجى وسلمتها للزميل سعيد الطويل وسلمها لقافلة طويلة من فرسان الإعلام الفلسطيني، وخير شاهد على ذلك أن مقولة بالدم نكتب لفلسطين لم تعد مجرد شعار بل باتت واقعا ملموسا.