الأردن تحت تأثيرات الحرب

#الأردن تحت #تأثيرات_الحرب#ماهر_أبوطير

ما يزال الأردن تحت التأثيرات غير المباشرة لحرب الإبادة في غزة، واذا كانت هذه التأثيرات بدرجات متفاوتة ومن شخص إلى آخر، إلا أنها ما تزال ملموسة بشكل دقيق.

الحرب تدخل شهرها الخامس، وكل الدعوات السياسية والإعلامية تتحدث عن خطورة أن يألف الناس الحرب، بحيث تتحول المذابح إلى مجرد خبر عادي، بل ويهرب البعض بأعينهم عن المشهد جراء الألم والمرارة، إلا أن تأثيرات الحرب ما تزال بارزة كما أشرت، برغم محاولات التشاغل بقضايا ثانية، أو إشاحة الوجه لدى البعض عما يحدث.

في كل الاحوال ليس المطلوب أن يألف الناس الحرب بالمقابل، وكأن شيئا لا يحدث داخل فلسطين، لكن إدامة الأردن على الصعيد الداخلي أمر مهم، ونحن لا نتحدث هنا عن مظاهر الفرح مثلا، أو التظاهر بكون الأمر يقع في قارة ثانية، بل نتحدث عما هو اعمق بكثير.
هذا يعني أن تخفيف حالة الانجماد المعنوية بحاجة الى وسائل عميقة، تبدد حالة الذعر الكامن خصوصا، مع ما يجري من توسع للحرب بدرجة تتوسط بين الحرب داخل فلسطين ذاتها، وبين كونها حربا اقليمية بدرجة غير مرتفعة بشكل كامل، وهذا الذعر ادى الى رد فعل نراه في احجام كثيرين عن الانفاق، او الدخول في مشاريع صغيرة، او حتى الاستمرار في الانفاق الاستهلاكي، وغير ذلك، فالكل ينتظر ولا احد لديه يقين عما سيحدث غدا، وغياب اليقين يؤدي الى هذه الحالة من الصبر والترقب، بما يعنيه ذلك من ارتداد اقتصادي هائل تلمسه كل القطاعات داخل الأردن، ويرتد بشكل مباشر على خزينة الحكومة وتحصيلاتها من الضريبة وضريبة الدخل وغير ذلك من اموال تتدفق اليها بشكل يومي.

مقالات ذات صلة

لا أحد يريد إضعاف الأردن، ولا نحره، لكن المشهد ذاته يبدو معقدا، لأن الناس هنا يصحون كل يوم على اخبار سيئة جدا، داخل غزة والضفة الغربية، والعمليات الاميركية ضد العراق وسورية واليمن، والعمليات الاسرائيلية ضد جنوب لبنان.
ويلمس الناس ان وتيرة المواجهات ذاتها ترتفع حدتها ولا تتراجع اصلا، فيما كل الضخ الإعلامي داخل الأردن وعبر الحدود ايضا، تتحدث عن سيناريوهات توسع الحرب بشكل اقليمي، وما يعنيه ذلك على امن واستقرار المنطقة، حيث الأردن وسط هذه المنطقة ومحاط بحزام من الحرائق، كما هو قدره دائما، لكن حرائق هذه المرة تبدو مختلفة عن سابقاتها.
الهجوم الذي وقع قرب الحدود الأردنية السورية، كان له أثر حاد، من حيث تبادل الناس لمعلومات او فرضيات حول ما قد تفعله ايران مباشرة، او عبر جماعاتها في هذه المنطقة، وهذا يعني مع مهددات الوضع في الضفة الغربية، توتير للداخل الأردني بشكل اعلى، وهو توتير بحاجة الى معالجة عميقة لا تقف عند حدود التطمينات المعنوية التي نسمعها.
لا يألف احد هنا المذبحة التي نراها باعتبارها مجرد حالة يومية، بل ان ارتدادها يتواصل، دون ان يكون بين ايدينا خطة محددة لإعادة تفعيل الداخل الاردني، خصوصا، في ظل تجفيف المال، وغياب القدرة على اطلاق مبادرات عميقة، لا تفترض اصلا التبرؤ من غزة، او التنصل من همومها، لكنها ايضا وفي مسرب مواز تديم الاردن، وتحميه، لان واجبنا جميعا ان نحافظ عليه، ومما يقال هنا صراحة إن الأردن الأكثر تأثرا بين الدول العربية بما يجري داخل قطاع غزة، ولاعتبارات يفهمها الكل، ولا يتنكر لها احد.

دون ان تتوقف الحرب كليا، ستبقى تأثيرات الحرب ممتدة الى هنا، ويشار اليوم بوضوح الى ان الداخل الاردني على الرغم من تحركه جزئيا مقارنة ببدايات الحرب، الا ان الحالة العامة ما تزال كما هي، واذا سألت اي اردني عن السبب الذي يجعله يشعر بالقلق الجديد بشأن الغد، فجوابه سيكون سهلا، حيث سيقول لك لا احد منا يضمن ماذا سيحدث غدا؟.


في لقاء مغلق مع مسؤول رفيع المستوى قال لثلة من الصحفيين قبل اسابيع ان عام 2024 عام سيكون صعبا لاعتبارات كثيرة، وهكذا تقديرات من مطلعين لا تبدو مجرد مبالغة.

الغد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى