بناء الإنسان ( القيادة فن وذوق ) / سهى عبد الهادي

بناء الإنسان ( القيادة فن وذوق )

في مقال بناء الإنسان ( مسودة مشروع وطني ) قمت بالتركيز على اهمية ترجمة ما نتعلمه ونؤمن به كأفراد ليظهر على صورة سلوكيات حية يمكن رؤيتها بوضوح في كل مكان نتواجد فيه ، في الشارع والبيت والمدرسة والجامعة والعمل ……الخ

بكل محبة وللتذكير فقط من باب وضع الاصبع على الجرح ليتيسر علاجه واملا في التغيير ، اخترت اليوم موضوع قيادة المركبات وآدابها لتسليط الضوء على بعض السلوكيات المعتادة والمعروفة للجميع والتي تحتاج الى إعادة بناء ومراجعة لما تعلمناه وما نقر جميعا بصحته ولكننا ما زلنا نتجاهله بقصد او بغير قصد عند التطبيق العملي في الشارع وقد تكون هذه السلوكيات طريفة للوهلة الأولى ومؤسفة عند التمعن فيها ….!

قيادة المركبات في الاردن اكيد فن وجميع السائقين محترفين فالذي يقود مركبة في الاردن يستطيع القيادة في اي بلد آخر بكل سهولة …..لماذا ؟

مقالات ذات صلة

** القيادة في الاردن تشبه الى حد كبير قيادة السيارات في مدينة الملاهي والتي تستدعي ان تكون حواسك كلها متيقظة في كل الإتجاهات تحسبا لأي صدمة قد تأتي من حيث لا تدري ، وهي تجسيد حي لمقولة ( حارة كل مين ايده اله ) وبالمصطلح الاردني ( طعة وقايمه ) فالكل يعمل ما يحلو له وما يخطر على باله من دوران في منتصف الشارع ، الى اصطفاف مزدوج ، الى تغيير مسرب في آخر لحظة حين يتذكر السائق وجهته التي يريدها ……الخ

** السائق في الاردن يتميز بالجرأة والشجاعة حد التهور ولا يهاب المفاجآت فهو يخرج من اي مسرب فرعي للشارع العام ملتفتا برأسه للناحية الأخرى دون النظر (بشكل متعمد او غير متعمد ) بإتجاه السيارات القادمة نحوه وهو هنا يعتمد ويعول على انتباه ورهبة السائق الآخر لدخوله ، ويطبق نفس التكتيك ايضا عند الدخول الى الدوار حيث يمكن هنا تعميم مبدأ من يرمش اولا عليه التوقف او تخفيف سرعته اما في حال تمتع السائق الآخر بعناد وجرأة اكبر من صاحبنا الشجاع لأحقية مروره عندها فقط يضطر للوقوف بإحتراف واضح

** للقيادة في الاردن لغة لا يفهمها الا اهلها فهي لغة غير منطوقة بل هي خليط من لغة قائمة على قراءة افكار السائق الآخر وتوقع خطوته المقبلة في السير ، والقليل من لغة العيون والإيماءات التي تساعد على تسهيل حركة المرور ، والكثير من رحمة الله التي تحول دون وقوع حوادث مخيفة

** لا يوجد في اغلب الشوارع خطوط ( حقيقية او متخيلة) لتحديد المسارب لذلك لا يجد السائق الاردني اي حرج من القياده في منتصف الشارع فاليمين لا يعجبه واليسار لا يريده ، والاهم من ذلك انه منهمك بمكالمه تلفونية على جواله تجعل من سيره بمسرب معين آخر اهتماماته

** اللون الاصفر على اشارة المرور الضوئية لا تعني التمهل والاستعداد للوقوف بل تعني هيا اسرع والا سوف يغضب من خلفك ، لذلك احرص عند توقفك على الا تنظر في المرآة تجنبا لرؤية ما لا يسرك من اشارات حانقة

** نصيحة : لا تسير خلف تكسي فارغ ولا تسير امام تكسي يحمل ركابا ، فالأول سوف يعرضك لخطر الوقوف المفاجئ في اي لحظة وفي اي مكان حتى لو كان وسط الشارع لإلتقاط زبون محتمل ، والثاني سوف يثير اضطرابك ويشتت انتباهك عن الطريق محاولا تجاوزك وتجاوز ازمة السير اذا وجدت بأي طريقة لإنجاز مهمته في ايصال راكبه بأسرع وقت ممكن

** التمييز بين الرجل والمرأة في موضوع القيادة واضح وجلي فالرجل لا يتوانى عن اظهار تذمره من قيادة المرأة ومن اعطاها رخصة القيادة فهي بنظره تعيق حركة السير واذا قلت له ان اغلب حوادث السير يرتكبها الرجال يرد عليك بأن النساء هن من يتسببن بحوادث السير حتى لو لم يرتكبنها

** خارج عمان الإشارة الضوئية الحمراء غير معترف بها ولا تعني بالضرورة التوقف فقد يشير لك من خلفك بأن تسير وعندما تشير له بأن الاشارة حمراء يشير لك بيديه بما معناه بأن تقدم ولا يهمك فالشارع فارغ وهنا تعلم ان قوانينا أخرى تحكم هذه المنطقة لم يعلموك اياها عند التدريب على القيادة

** العلاقة التي تحكم رقيب السير وسائق المركبة قائمة على الكر والفر وهي اقرب الى العلاقة بين القط والفأر ومشاكساتهم المستمرة ، القوانين موجودة دائما ولكن السائق لا يتردد في تجاوزها اذا احتاج لذلك خاصة عند غياب رقيب السير وإن كان وجودها لحمايته ، وهي القوانين نفسها التي تنام عنها دائرة السير طوال العام لتصحو فجأة على حملة شرسة من النشاط الملحوظ لرقباء السير في كل المناطق بشكل يستفز السائقين مما يجعل علاقة القط والفأر في توتر دائم

ذلك نقطة من بحر ولعلكم تزيدون عليها اضعافا ، ولا يسعني الا ان اقول لكم عقب كل مشوار ورحلة تقومون بها بمركباتكم ، الله يحفظكم والحمد لله على سلامتكم .

سهى عبد الهادي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى