
الأعرج الذي عقر ناقة العالم
ينتمي صاحبنا تيمور لينك في الواقع والحقيقة الى قبيلة البرلاس الأوزبكية، لكنه ادعى بأن والدته من نسل جنكيز خان المغولي ، ونجح في تجميع جيش جرار، اغلبه من المغول والتتار، واحتل معظم العالم المعروف في زمنه ، وأسس امبرطورية عملاقة من سوريا والعراق وآسيا الصغرى الى الصين مرورا بالهند.
كان صاحبنا تيمور لص اغنام في صغره، وقد سرق غنمة ذات يوم، فضربه الراعي بسهم اصاب قدمه، وصار يعرج، وتألف اسمه، فيما بعد، من (تيمور) وتعني بالأوزبكية “الحديد”، و”لينك” وتعني الأعرج. بالمناسبة هذا الإسم يطلقه الأعداء عليه .
يعني ذلك، ان تيمور لينك عمل على القاعدة العربية العامية (ثلثين الولد لخاله)، وتعني ان الفتى يتأثر بأخواله اكثر مما يتأثر بأعمامه، فأسس سلالة تيمورية استمرت تحكم مناطق شاسعة من العالم حتى عام 1506.
حكم تيمور لينك العالم بالقتل والذبح من عام 1370 حتى عام 1405 حيث توفي من البرد ومضاعفاته، وهو يوغل في احتلال السهوب الصينية ، لكنه قبل ان يموت كان قد فتح الطريق لبناء عالم جديد بتحالفات جديدة وامبرطوريات جديدة، كان اولها فتح طريق التجارة الى الصين.
حين انتصر تيمور لينك على الأتراك ونجح في اسر سلطانهم بايزيد الأول، الذي مات كمدا خلال الأسر، خفف من ضعط العثمانيين على القسطنطينية، ومنحها عمرا جديدا حتى جاء محمد الفاتح بعد خمسين عاما تقريبا، ليحقق حلم العثمانيين الأول.
وحين انتصر تيمور لينك على القبيلة الذهبية التي كانت تحتل اسيا الصغرى وأجزاء من اوروبا، ادى ذلك الى تخفيف الضغط على روسيا، مما ادى الى صعود نجم روسيا القيصرية وتحولها الى امبرطورية فيما بعد.
بكل بساطة، فإن قاعدة عربية اخرى ، بالفصحى هذه المرة، لعبت دورها في تحريك العالم بعد تيمور لينك، وهي قاعدة: (مصائب قوم عند قوم فوائد)..ينتصر على هؤلاء ليمنح الفرصة الى اعدائهم لإلتقاط الأنفاس، او تكوين الإمبرطوريات.
لو حاولت هنا تطبيق قاعدة (مصائب قوم عند قوم فوائد) على مجريات الأحداث الحالية في العالم العربي ، لوجدنا ان كل ما جرى ويجري وسوف يجري يصب في مصلحة امريكا التي تنمو وتزدهر اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على مصائبنا وخيباتنا، تقابلها امبرطورية روسية تستعيد شبابها، وتتمدد على حساب خيباتنا ايضا.
المشكلة هنا ، انه لو مات اي رئيس امريكي او روسي، فهذا لا يعني انتهاء امبرطوريته او تفككها، كل ما في الأمر ان رئيسا جديدا سوف يقود القوم، بدون سلالة تيمورية ولا حيمورية … يعني اخيرا أن لا مناص لنا، فما كان الذئب ذئبا لو لم تكن الخراف خرافا.
هذا هو الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم في الشؤون العامة… وهو أن يحكمهم الأشرار.
ghishan@gmail.com
