سواليف – رصد
تحت عنوان “قلق وزاري ومفاجأة غير متوقعة في الأردن: حكومة الملقي قد تؤذي الخزينة بموجة رفع الأسعار… والمقاطعة تتحول إلى فردية… وتدخل نطاق التدبير المنزلي بدون حراك سياسي في الشارع “
نشرت صحيفة القدس العربي مقالا للكاتب بسام البدارين حول التطورات الأخيرة على الساحة الاردنية بعد اتخاذ الحكومة مجموعة من القرارات الاقتصادية تمس دخول المواطنين من ذوي الطبقة المتوسطة والفقيرة ، وذلك من اجل سد العجز في موازنة الدولة .
وتناول الكاتب في مقاله ايضا حملات المقاطعة التي اعلن عنها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ردا على قرارات الحكومة
وتاليا نص المقال
تختصر وزيرة الاتصالات الأردنية مجد شويكه تلك المسافة الفاصلة ما بين التعاطي بمسؤولية مع متطلبات الواقع الرسمي والمالي والرقمي والإحساس الفعلي باحتياجات المواطن والضغوط والحاجة لصياغة معادلات لا تؤذي الفقراء والأقل دخلا.
الوزراء في الحكومة الذين يشرفون على بعض القطاعات وتحديدا التي تدر دخلا طولبوا بصفة فردية بتقديم مقترحاتهم بخصوص المساهمة في تخفيض العجز في الميزانية، هذا ما أشارت له رئيسة تحرير صحيفة «الغد» جمانة غنيمات.
لكن الوزيرة شويكه، وعلى هامش نقاش مع «القدس العربي»، أوضحت خلافا لأن الكثير من التعبيرات خصوصا الإلكترونية فهمتها بصورة خاطئة أو حرفت في تعليقاتها بأن البديل الضريبي الذي اقترحته بقطاع مرن جدا ومفتوح على خيارات السوق مثل الاتصالات برمج تماما على أساس الإحساس بمعاناة المواطنين وتجنبا لخيارات أصعب وأكثر قسوة.
شويكه تعهدت بمراقبة السوق وأقرت بأن واحدة من الإشكالات التي ينبغي أن تدرس بعناية دوما هي معادلة التوازن ما بين مصالح الناس البسطاء والتثقيف التنموي في مسألة الاتصالات والحرص على عدم حصول انعكاسات سلبية على واردات الخزينة مع بقاء القطاعات المستثمرة مرتاحة قدر الإمكان.
قد لا يبدو صيد كل هذه المعطيات دفعة واحدة مهمة سهلة سواء للوزيرة أو لزملائها في مجلس الوزراء فقرارات رفع الأسعار والضرائب التي صدرت عن حكومة الملقي مساء الأربعاء لا زالت وحتى مساء الجمعة صادمة تماما للناس.
بين أكثر من عشرة ملايين مستخدم للإنترنت وتقنية واتس أب والاتصالات الخليوية في الأردن يوجد جزء كبير تعتمد تعبئة بطاقة المحمول بـ «دينار واحد فقط».
هؤلاء توضح شويكه لم يكن من العدل التوصية برفع الضريبة عليهم بقيمة دينار إضافي، موضحة أن البدائل التي اقترحت بخصوص رفع الضريبة على خدمة غير مرخصة هي المكالمات الصوتية ورفع الضريبة على خدمات الإنترنت وإضافة دينارين و60 قرشا على الخطوط الجديدة هي البدائل التي حاولت بنية حسنة للحكومة مراعاة اصحاب الدخول المنخفضة دون المساس بالجانب التنموي في ثقافة الإتصال.
هدف الوزيرة شويكه كان خدمة المواطن وبنية صادقة وليس العكس عندما تم اصطياد عبارات لها وحرفها عن دلالتها المقصودة موضحة بأنها لم تتقدم بأي شكوى ضد نشطاء في مجال المقاطعة.
لكن الإقرار باحتمالية حصول أثر سلبي على الخزينة قد يشكل محطة مباغتة في تفجير نقاش داخل الحكومة وليس خارجها حول تأثيرات عكسية لسياسة رفع الأسعار.
في السياق لافت جدا أن بعض أعضاء البرلمان بدأوا يعلنون الانضمام لحملات المقاطعة الشعبية نكاية بتسعيرة الحكومة الجديدة للاتصالات والمحروقات والمشروبات الغازية والسجائر.. النائب الخبير خليل عطية فعل ذلك علنا وعضو المجلس البرلماني المسيس وقائد تيار معا وضع على صفحته «الفيسبوكية» كلمة «تم» التي تستخدم اليوم للانضمام لحفلة المقاطعة.
لا تقلل الوزيرة من أهمية الاستماع لـ «القدس العربي» وهي تتحدث عن مقاطعة ضمنية وتلقائية وغير سياسية ستحصل بعد الموجة الخشنة في ارتفاع الأسعار وعلى أساس التدبير الفردي للدخل والنفقات وتعلق: نعم هذا موضوع في غاية الأهمية ولابد من دراسة تأثيره على السوق وحتى على الخزينة.
الحكومة قد تعتقل نشطاء المقاطعة وقد تحظر العناوين السياسية في هذا الإتجاه. لكنها لا تستطيع، وكما يقول الناشط السياسي والاجتماعي عبدالله عاصم غوشه، «الدخول لحظر المقاطعة في جيب المواطن ومنزله».
هنا حصريا تلمست «القدس العربي» ومن وزراء فاعلين في الحكومة مخاوفهم المرعبة حول انعكاسات سلبية محتملة على واردات الخزينة جراء سياسة رفع الأسعار لتعويض عجز الميزانية بدون تنمية سياسية حقيقية وفرص عمل وتشغيل.
ثمة وزراء قلقون جدا على واردات الخزينة جراء قطاعاتهم المتعلقة بالاستهلاك، بين هؤلاء وزراء الطاقة والصناعة والتجارة والاتصالات والمياه لكنهم لا يتحدثون علنا عن هذا الهاجس وإن كان النائب خالد رمضان قد وافق على هذا الاستنتاج بصورة علنية وكذلك الصحافي البارز المتخصص عماد الحمود.
يعني المشهد اليوم أن الحكومة قد تكون تسببت في الأذية لواردات الخزينة وهي ترفع الأسعار بذريعة تعزيز هذه الواردات خصوصا إذا تحولت المقاطعة فعلا من مستوى الهتاف السياسي إلى مستوى الاشتباك الفردي ومع كل مواطن داخل بيته.
تلك معادلة من غير المنطقي أن تكون الحكومة قد أسقطتها من حساباتها إلا إذا كان الرفع بحد ذاته هدفا ولأغراض لا تعلمها إلا القيادة ولا يتلمسها الرأي العام.
الشارع لم يتحرك في تظاهرات ومسيرات ضد رفع الأسعار، ذلك لا يدعو للاحتفال بل يخيف على أساس الاحتقان والمفاجأة التي تولد وتنمو هي تحول المقاطعة لسلوك شخصي وفردي ومنزلي واضطراري خصوصاً في قطاع الطبقة الوسطى.