الأردن يرصد ويحلل ويقرأ فوارق نسختي داعش في الأنبار و تدمر

سواليف
يقدم أردنيون خبراء لمؤسسات التقييم الأمني الأردنية ما يصفونه بـ «فوارق واضحة الملامح» بين تنظيم «الدولة» في العراق من حيث المنطلق والأداء والنسخة السورية التي يعتبرونها بمثابة «شركة أمنية» متسعة يستثمر فيها الجميع وعلى رأس المستثمرين النظام السوري نفسه.
يبدو ان التقييمات الأردنية المختصة في الغرف المغلقة كانت تتلمس هذا الفارق من البداية ومن اللحظة التي سأل فيها العاهل الأردني علناً قبل نحو عامين عن الأسباب التي تمنع قطاعات الجيش السوري النظامي من استهداف المناطق التي يقيم فيها تنظيم «الدولة»، «إمارته المتشددة» سواء في الرقة أو في أطراف تدمر والسويداء.
مؤخراً اهتم الأردنيون بكثافة بمراقبة تطورات الوضع العسكري في جنوب سوريا وتحديداً في محيط السويداء وجبل العرب المحاذي لمناطق البادية الشمالية في الأردن بالتوازي مع بادية تدمر المقابلة للأرض الأردنية حيث منطقة «رخوة» يسترخي فيها تنظيم «الدولة» بدون قصف جوي لا من قبل النظام السوري ولا حتى من قبل الطائرات الروسية التي تستهدف فقط فعاليات «الجيش الحر».
بعض الأمراء في دولة «داعش» بنسختها السورية أردنيون وهؤلاء وغيرهم لديهم حسب التيار السلفي الجهادي المناصر في الأردن لـ»جبهة النصرة»، «أوامر بالتصرف غير المركزي» من التنظيم الأم في الأنبار والموصل وحسب السلطات الأردنية لديهم «كتيبة شيشانية « أصولية متشددة جداً قد تكون المسؤولة عن الإعدام البشع للطيار الشهيد معاذ الكساسبة إضافة إلى أن لديهم الكثير من المال جراء النشاط التجاري خصوصاً في مجال النفط مع أطراف مؤثرة في النظام السوري تستثمر بالإرهاب.
في تقييمات لافتة لخبير في التأثير الإيراني والساحة السورية سمعتها «القدس العربي» على هامش مناسبة إجتماعية ولم تكن مخصصة للنشر مما يقتضي حجب الاسم الفارق واضح وكبير بين نسختين من تنظيم الدولة في سوريا والعراق.
في الأنبار نكهة التنظيم بعثية بامتياز من حيث التصرف الميداني والقدرة التخطيطية على إدارة معارك نظامية والحاضنة الاجتماعية والدوافع الناتجة عن الإقصاء الطائفي واتباع تكتيكات حربية في الدفاع والهجوم عبر الأطراف على القوات العراقية.
وفي الرقة وشقيقاتها السوريات المسألة تختلف حيث غلبة للشيشان والأجانب والغرباء وحيث «غرف أمنية» تدير مجموعات وخلايا التنظيم «الداعشي» لصالح أجهزة استخبارات متنوعة.
بالنسبة للخبير نفسه في الشؤون الجهادية ثمة دليل مادي لا يمكن إغفاله لتأكيد حيثية الفوارق فالسجل الميداني منذ ظهر تنظيم داعش في الأرض السورية لعملياته الحقيقية يؤكد أن التنظيم استهدف في أكثر من 85% من عملياته إما «جبهة النصرة» أو بقية فصائل المعارضة السورية ولم يستهدف النظام أو يستهدفه النظام إلا نادراً.
مثل هذا التقييم لا يختلف عن المؤشرات الحيوية التي تؤمن بها الغرف المغلقة الرسمية الأردنية، ومناسبة الاهتمام بهذا المحور أردنياً على الأقل هو الإرتياب بالتحشيدات العسكرية السورية النظامية في مناطق جديدة باسم الاستعداد للاشتباك مع «داعش» وتحديداً شمال السويداء وشرقها وقبل يومين في بادية تدمر.
الأمريكيون في الماضي القريب وعبر الائتلاف الدولي كانوا يمتنعون عن تقديم إحداثيات حقيقية لقوات ومعسكرات «داعش» في الرقة وجوارها خصوصاً للطائرات العربية..تلك حقيقة يقول مصدر مطلع جداً لـ «القدس العربي».
الحقيقة الأخرى ان عواصم عربية من بينها أبوظبي وعمان اكتشفت ذلك ميدانياً وما حصل بعد الخلاف «الإحداثياتي» ملموس وواضح حيث توقف تزويد الأردن بالذخيرة المناسبة لإستمرار القصف ثأراً للشهيد الكساسبة وحيث تراجع بصمت حماس الطائرات الإماراتية وبعدها السعودية للمشاركة.
اليوم تكتشف الغرف الأمنية العربية على الأقل بأن التراخي الأمريكي في ضرب «داعش» بنسختها السورية نتج عنه تزايد في عوائد الاستثمار السوري للواقع.
حتى تلك اللحظة لم يكن الأمريكون يمانعون ذلك إلى ان حضر الروس فظهرت لديهم ملامح الاستثمار المماثل مما أدى لإنتاج التهمة الأمريكية المعروفة ضد روسيا في سوريا على اساس «يضربون الجميع في المعارضة المسلحة باستثناء داعش».
هنا تحديداً وبعد انكشاف جميع خيوط الاستثمار في النسخة السورية من تنظيم داعش بدأت عملية «دفن الأدلة» كما يصفها تقرير إستراتيجي أمني خاص اطلعت عليه «القدس العربي» حيث توقف الأمريكيون عن «رخاوتهم» ووجهوا مؤخراً رسائل مهمة تقول لحلفائهم العرب بأنهم مستعدون للاشتباك أوالتركيز قليلاً على محاربة «داعش» في سوريا.
آخر هذه الرسائل كانت عملية قصف صواريخ أمريكية من حدود الأردن وصلت لمناطق هامشية في أطراف تدمر التي يستعد اليوم الجيش النظامي السوري لدخولها كما تؤشر التقارير في رصد النمو المتزايد بظاهرة «دفن الأدلة».
طبعا وبكل الأحوال الأردن أول من يرحب بمثل تلك المستجدات لأنه يرى النسخة السورية من «داعش» هي الأخطر على إطاره وسياقه الأمني ليس فقط بحكم القرب الجغرافي وبالتالي إمكانية الإختراق ولكن ايضاً – وهذا الأهم أردنياً على الأقل- بحكم احتمالات «انتحال الشخصية « والتحرك ضد مصالح الأردن من خلايا سورية المنشأ والأصل والأهداف ترتدي زي «داعش».

بسام البدارين – القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى