يَجلسْ مَسقِط النُوّاب
د. جودت سرسك
تابولا راسا Tabula Rasa أو #اللوح_الفارغ إحدى نظريات المعرفة التي تشير إلى أن الأفراد يولدون دون #محتوى #معرفي #عقلي سابق، فالعقل #النيابي في وطني صفحة بيضاء تخلو من السلوك الاجتماعي والعاطفي والذوقي قبل صندوق الاقتراع والمقاربات الأمنية والحزبية والعشائرية حيث تعتبر البيئة البرلمانية المحدّد التعليمي ومصدر التطبّع والخبرات.
إن العبارات الملهمة التي انبثقت عن قريحة أدبية وسياسية واجتماعية هي وليدة التطبع والبيئة النيابية، كنت أعتقد أن صندوق الاقتراع غير جدير بالحبر الذي لامس سبابتي، غير أني أيقنت أن مجلس النواب حاضنة للتندر والعفوية والوطنية والنكوص تستحق السعي لصندوق الاقتراع في حي الدبايبة وسط عشائر بني مرّة أخوة الوطن والمصير، الحيّ الذي عزف سمفونيته قبل الفرز وقبل جلسة اختيار الرئيس.
في مجلس النوّاب عبارات كالنخل شامخات وأخرى كنبْت المقابِر يدوسه الوجيهُ والوضيع.
أصبحنا نرقبُ المشهد مِثل (عراس القطاط،الكلّ بيصيح، مابتعرف مين المستلِذ ومين اللي مو مسْتريح).
(الخلُل في تكرير المياه)، عبارة قالها وزير المياه، فردّ عليه نائب خارج دائرة اللوح الفارغ فقال: الخلل في تكرير الوزراء.
كنّا نسمع (أن الدم لا يمكن أن يصير ماءً، إلا في حكومة أبو هاني الدم صار شاي).
زادت قناعتي أن مجلس الشعب يستحق الحبر الأزرق الذي لطّخ سبابتي حين بدأتْ حوارية مدرسة المشاغبين وراحت الألحان تعزف على آلات الدغمي والكورس الفني: نرجو الهدوء، اقعد يا أبو علي، لا أحد يزاود على الأردن، ونحن الأردن.
الأردن روى بدماء أبنائه الأطهار أرض وثرى فلسطين، الأردن شاء من شاء وأبى من أبى وقّع اتفاقية مع اسرائيل وأقرّت في هذا المجلس والأردن يحاول أن يُعظم هذه المكتسبات. نحن لا نرتهن لأحد في السرّ والعلَن لدينا مواقف ندفع أثمانها لليوم.
ما اعذب خطاب أبي هاني وهو يخبيء وجهَه بكمّامة سوداءَ خشْية أنْ يتسلّل الفيروس إلى نواياه وهو يدافع عن خطاب النوايا في اتفاقية الماء مقابل الكهرباء.
في مسرحية مجلس أبو هاني يلوح في خاطري مشهد الفتاة التي تلاحق المغني الرخيم وائل كفوري وهي تلهث قائلة حرام عليك يا وائل انقطع نفَسي، حرام عليك يا بِشِر انقطع نفَسنا.
وما زال الحبل والمتطلبات في تزايد والفنانون في تدافع حيث كثرت المسؤوليات تجاههم في حكومة أبو هاني، حمّو بيكا يا دولة الرئيس مشهور بالعطش وسرعة نشفان ريقه لذا اختار ماء العقبة.
عطش حمّو بيكا يعني سمعة سيئة لوطن التضحيات ولا نزاود عليكم، وإنما نحن شركاء في حبّ الوطن والفخر بآبائنا وبطولاتهم، فلا نريد أن نلطخ سمعة وطن بأكمله إن لم يرتو حمّو بيكا المصاب بالحمّى دوما.
أرخت عمّان جدائلها فوق الكتفين فاهتز المجد وقبّلها بين العينين
بارك يا مجد منازلها والأحبابا وازرع بالورد مداخلها باباً بابا.
كيف لعمّان أن تفرد جدائلها فوق الكتفين وهي بلا استحمام، وكيف لورودها أن تنبت في المنازل وأصحابها عطشى.
يخرج صوت مخضرم في مشهد مسرحي صارخ، ليعلن استعداده للتحالف مع الشيطان ليسقي وردَ عمّان.
يا قوم لا تتكلّموا إنّ الكلام محرّم ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النُوَّمُ.
إن اللغط الدائر في مجلس الشعب حول نقص الماء والبدائل المتاحة والتساؤل عن اللجوء إلى السودان والسعودية وسوريا، هو محض رطانة لا معنى لها سوى نغمات السمفونية والإيقاع وفضفضة وإبراز العضلات للقاعدة الانتخابية وخلاصة القول أننا لا نريد حلولاً وإن الحقيقة أنّ ( هُمِّ بِدهُم) والباقي هو جملة يونس شلبي لسعيد صالح: هو انجليزي دا يا مرسي؟
وقديماً قالت العرب: ألصُّ من شَظاظ وحديثاً سيقول اللوح الفارغ للمجلس:أخونُ من فُزاز وأعجزُ من نَوابْ.
