يوميات شمعون أبو عوده و عدنان بيريز / عبد الفتاح طوقان

يوميات شمعون أبو عوده و عدنان بيريز
عبد الفتاح طوقان

عن اللقاء السري مع الملك الحسين في عمان ١٩٩٣ في رغدان يقول شمعون بيريز في مذكراته الصادرة عام ٢٠١٧:”إنه شعر وكأنه يلتقي مع صديق قديم أشاركه حلما مشتركا حول المستقبل”، وفي يوميات عدنان أبوعوده نجد انها يوميات من شاهد عيان شارك الملك الحسين تفاصيل وكواليس مستقبل الأردن.

كلاهما أيضا كان سياسيا وشخصية عامّة أيقونية في البلاد التي وفدوا اليها، شمعون من بولندا التي ولد فيها عام ١٩٢٣حيث اسرته ثرية تعمل في مجال الاخشاب وعدنان ابو عوده من نابلس المولود فيها عام ١٩٣٣حيث عمل والده في مصنع للصابون في نابلس بفلسطين، وكلاهما عملا في أجهزة المخابرات، شمعون في الموساد عشر سنوات اشتهر بأنه جند اهم جاسوس مصري آنذاك و هو الشهوان لخدمة إسرائيل وعدنان ضابط في المخابرات الأردنية خمس سنوات ، جند من هم اهم من الشهوان في الصحافة و السياسة و قدم العديد و صنعهم من كبار الكتاب الصحافة الأردنية و في الضفة الغربية و منظمة التحرير ووزراء في الحكومات الأردنية و غيرهم،اذن كلاهما كان لهما رؤية في الاختيارات والأسباب.

عدنان أبو عوده من اهم الشخصيات الفلسطينية التي لعبت دورا في الأردن كما هو شمعون بيريز من اهم الشخصيات البولندية التي لعبت دورا في إسرائيل. وكثير من العامة يعتقدون ان دورهما متشابه وما قاما به ادي الي نتيجة واحده، وهو ما تحدث عنه مقتضبا في يوم التوقيع على كتابه حيث قال عدنان أبو عوده:” كانوا ينظرون لي انني خائن” للقضية الفلسطينية، خصوصا بعد طرحة تقسيم القدس الي ثلاث مناطق تابعة لتلاث جهات من منطلق التدويل، وأن كنت غير منحازا لتلك الفكرة بمجملها.

مقالات ذات صلة

كلاهما مروا في نفس الظروف، لذا يختلط الامر ويصح ان يطلق عليهما حسب وجهة نظر البعض “شمعون أبو عوده وعدنان بيريز”، حيث أصدر شمعون في ابريل ١٩٦٦ أمرا بعدوان عسكري شامل ضد لبنان سمي عناقيد الغضب في محاولة للقضاء على المقاومة قصفت فيها لبنان، وعدنان أبو عوده شارك في حكومة عسكرية تصدرت لقتال المقاومة فيما سمي “حرب أيلول ” عام ١٩٧٠،و أن كانت التجاوزات الفلسطينية في الأردن آنذاك غير مقبولة و فاقت الحدود المحتملة وواجبات الضيافة و أصول التعامل مع المضيف، و لكنها جرت الي عملية مواجهه و تصفية للمقاومة.

و اذا كان شمعون بيريز اشغل اول منصب وزاري له في 1959 نائبا لوزير الدفاع بن غوريون، الذي يعتبر في نظر الإسرائيليين رئيس وزراء عنيدا و صلبا فيما يتعلق بحقوق الإسرائيليين و يعمل لأجل إسرائيل ، و الذي كان على دراية واسعة للأبعاد القومية للمشكلة الفلسطينية، رغم ذلك، فضل “بن غوريون ” حتى اخر يوم في حياته ان يعرضها على انها “مشكلة لاجئين”، لأنه فهم وادرك جيدا ان حل مشكلة اللاجئين اسهل من حل مشكلة الشعب الذي يريد العودة الى وطنه ودياره، فأن عدنان أبو عودة مر بنفس المرحلة حيث اول مشاركاته الوزارية كانت في حكومة وصفي التل العنيد و الصلب و الذي قال عنه في احد المحاضرات في جمعية الشرطة الأردنية في ٨ كانون اول ٢٠١٤: ” وصفي التل ، هذا الرجل كان وطنيا، مثلما كان يعمل من اجل فلسطين والقضية الفلسطينية.” واكد ان الراحل وصفي هو الأكثر قراءة للحركة الصهيونية ومراميها وأهدافها في إفراغ فلسطين من سكانها، وكان همه كيف يحمي الاردن. بيريز وأبو عوده تعاملا مع القضية الفلسطينية باعتبارها مشكلة لاجئين.

و كلاهما، شمعون و عدنان يطالبان بحل المشكلة علي الأرض الأردنية حيث أظهرت وثائق ويكي ليكس :
” وصف أبو عودة انتخاب الفلسطيني للشرق أردني بـ “رشوة ضرورية” يقدمها الفلسطيني حتى يستطيع تدبير أموره. من جهته، قال رجائي الدجاني إن ارتفاع نسبة “الليكوديين” الشرق أردنيين، الذين يأملون بأن يؤدي حق العودة إلى “هجرة” الفلسطينيين، متهما الفريق محمد الذهبي – مدير المخابرات السابق – بدعم هذا التيار ورئاسة ما يسميه الدجاني “الليكود الأردني”.

وأضاف رجائي الدجاني ضابط المخابرات السابق ووزير الداخلية أن الملك امر بتشكيل لجنة برئاسته وعضوية طاهر المصري من أجل بدء تجنيس الفلسطينيين ولكن محمد الذهبي ضرب الأوامر بعرض الحائط ورفض تشكيل اللجنة او الحديث في الموضوع”. (عن الرأي برس، سبتمبر ٩، ٢٠١١ – ويكي ليكس/ مطالبات بفرض حقوق متساوية للفلسطينيين في الأردن).

مذكرات شمعون بيريز ويوميات عدنان أبو عوده تقدم رؤية وتيار مشترك في الشرق الاوسط حول الهوية و حق العودة و كيفية حل الصراع الفلسطيني مع جهات مختلفة متوافقة و متداخلة ساهم بها اثنان من خلال عملهما السياسي و العسكري ، وتؤرخ لما صنعوه بين السطور، وكلاهما اختلف حوله و عنه و لكن في النهاية حمل كل منهما عصاره فكره خدمة للوطن الذي انتقل اليه، و يستشف من سيرتهما و يومياتهم السياسية انهما سارا في طريقا معوجا بين السخط و الغضب الشعبي و السطوة و الجاه الحكومية، ويعتقد البعض من الساسة أن كلاهما في حاجة الي من يزيل عن تلك الكتابات رائحة عداوتهم للكيان الفلسطيني المتفاوتة.

الفرق بين شمعون وعدنان، انهم في إسرائيل يبنون ويخلقون ما ليس موجودا ولا حقا لهم ما ليس موجودا حتى الان… والأردن في بعض من الطبقة السياسية الحاكمة لا تؤمن بحاجتها الى التغيير، تري وتروج من خلال الحكومات الضعيفة أن الوضع الراهن ملائم، وهم مكتفون بذلك.

ولكن كما قال ” بن غوريون: مكتوب من قبل التاريخ ان المعمرون والبناؤون هم الغالبون “.

صارع شمعون بيريز المرض وكان قد أدخل إلى قسم العناية المركزة في مستشفى تل هشومير شرقي تل أبيب منتصف سبتمبر/أيلول ٢٠١٦، بعد إصابته بجلطة دماغية، دخل على إثرها في غيبوبة ثم توفي في الوقت يصارع عدنان أبو عوده بشجاعة عهدت فيه وفي اراءه، امد الله في عمره، المرض السياسي فارضا نفسه بقوة على الساحة من جديد، بعد اصابته بحالة “الخروج من الخدمة” وتهمة إطالة اللسان، ومثوله أمام محكمة أمن الدولة ثم تبرئته.

شمعون بيريز حاول ان يقدم صك برآه في مذكراته دافعا عنه تهم الاجرام وأبو عوده يحاول من جديد فك طلاسم ان اسيء فهمه من المجتمع والساسة ويثبت انه المفكر الحاضر الغائب والرقم الصعب في المعادلة الفلسطينية الاردنية.

ملاحظة بين السطور: وعد بلفور تحقق وتقرر و اليوميات تطبع في قطر !!!.
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى