يا ولدي لا تكن مثلي
لماذا أُهجرُ كلَّ الأمكنةِ و #الذكريات
لأنَّ أملاً ضئيلاً قد غادر #الكلمات
لأني كنتُ أُؤنس #النفس بمشاهدةِ أسراب الحمام الحائرات
تُحَلِقُ قبل #الغياب مُكتسيةً بحُمرةِ الشمس…
كأنها حقول وردٍ.. نَسَجَتها ملايينٌ من الفراشات
إلى أن هبت العاصفة…
و كل الحقول.. خطفتها الرياح العاتيات
إلى أين أُهاجر؟
أُهاجرُ يا ولدي إلى عُتمَةٍ دائمة
حيث لا أحدَ لأنتظرهُ…
عُتمةٌ فيها لن أخافَ إحتلال الغروب لكلِّ المسآحات
فيها مُتَّسَعٌ للبكاءِ على خذلانِ النفسِ و لإعتياد الوجع
و فيها يَسهلُ نسيان الأمنيات
في العُتمةِ لن أكونَ خللاً عارضاً…
خللاً ينتهي إن أحدَهم أعادَ ضبط إعدادات الحياة
في عالمٍ آخرٍ يا ولدي
لن أشعرَ بالفرح فأنا لن أراك
و أيضاً لن أدخل في دوامةِ الحزن و الإنتظار… إنتظارك
لن أحتاجَ تَذّكُرِ التاريخ الهجريِ…
و لن أحصي بغيابك ما مرّ من سآعات
هناكَ لن أكونَ مُتقَلِب المزاج…
فلا فرق في عُتمَةِ القلب يا ولدي
ما بين الأوجهِ الباسمات… و ما بين الأوجهِ الباكيات
في العتمةِ لن أرسم وجهكَ
لن أُحدِّدَهُ بخطٍ خرافيٍ بين مجموعةٍ من النجمات
وحينَ أُهاجرُ لن يَنقلبَ المزاجُ إذا إحترقَ نصّ القصيدة…
و لن يعاتبني أحدٌ لأخطاءِ النحوِ…
أو حتى لسوءِ إختياري للمفردات
… لن يَتبقى مني أثرٌ… سيغيبُ حتى الكلام
و لن ألتقي بغريبةٍ في الزحام
سأكون خفيفَ الظلِّ..عابراً معدومَ الأمنيات
يا ولدي ستونَ يوماً ستكفي للوداع
و ستكفي لإتمام القصيدةِ القادمة
ستكفي لكتابةِ قصصِ السابقينَ…
تخليدِها كأعظمِ الأحجيات….
ستونَ يوماً… من بعدها يا ولدي لا تَتَذكَرَني لأُنسى
فلن يَذكرَني أحدٌ سواك
و لن يبكي أحدٌ عليَّ في المقبرة
…. و لن أبكي عليَّ أنا
فدمعي سيكونُ مُلكاً … لسربٍ عَطِشٍ من الحشرات
أوصيكَ يا ولدي… كي لا تَضِلَّ من بعدي
بأنّ لا تتبعَ نفس مسارِ خُطاي
… فمن يَتَبِعَهُ سيمسي فكرةً عابرة
بقايا كلماتٍ ساكنة…. مُلقاةٍ بوسطِ الرُفاة
فإمضي يا ولدي
إمضي دونَ وقوفٍ… و مثلي لا تكن
… فسوف تمضي الحياة
ربمآ يا ولدي سأهاجِرُ كي يَتبّقى من النورِ ما يكفي
لتكتبَ في سَهوةٍ من الظلّ بعض الذكريات….
و يآ ولدي.. لا تُمني النفسَ بشيءٍ
كي لا يَخذُلكَ الأمل في سائِر الأمنيات واللحظآت
وأمّا لاجتناب الفراق فإبقى وحيداً
فلا يُبكيكَ مشهدٌ للفراقِ… ولا وجعٌ في الشتات
و أخيراً … فإختر من الطرقِ أقصَرها
أي إبدأ من النهايات
من حيث تنتهي كل البدايات