وَلَكْ هو أنا إلي تاريخ..؟! / #كامل_النصيرات
ما زال صوت (أبو فريز) –يرحمه الله- يرنّ في أُذني؛ عندما قال له أحدهم: يلعن تاريخك..فأجابه تلك الإجابة والتي ما زلنا نتداولها كلّما تذكرناه: وَلَكْ هو أنا إلي تاريخ..؟!.
هنا لبّ المشكلة مع التاريخ..تاريخنا كلّه ؛ وعندما أقول كلّه فأنا أقصد كلّه؛ ليس عليه اتفاق..وهذا لا يعني أن الكثيرين يعتبرون ما قرأوه هو حقائق ومسلمات..ويعتبرون ما ترويه المسلسلات الدرامية هو خلاصة التاريخ..
تاريخنا العربي يُكتب حسب الهوى السياسي.. حسب متطلبات المرحلة… حسب معتقداتي.. حسب مساهمتي في طمس أشياء و إظهار أشياء..حسب من يدفع لي أكثر..حسب الانتصار والهزيمة..حسب حبّي وكرهي من الشخصيات..حسب خوفي وجرأتي..حسب توظيفي للنص التاريخي لتمرير أو تبرير لحظة راهنة..حسب حماسي وإحباطي..حسب نضجي ومراهقتي..حسب وحسب وحسب..!
لليوم..ما زال العرب أغراراً في كتابة التاريخ..ما زالوا يعانون مشكلة حقيقية في الوقوف أمام المرآة ومواجهة أنفسهم : لماذا حدث هذا وكيف حدث؟ لماذا كل هذه العنتريات والدونكيشوتية في مراحل كانوا بلا عنترة وبلا دونكيشوت..؟ لماذا انقسمنا وتشظينا إلى مليون ملّة وكل ملّة تحكي تاريخاً مغايراً عن التاريخ الحقيقي..؟!.
نحن ضائعون بين شوارع تاريخنا..مختبئون في أزقته..نائمون في غرفه المغلقة..نركض بلا وعي إلى عصورنا التي عصرتنا وقدّمتنا في نهاية المطاف بلا ملامح واضحة ..بلا صورة ثابتة..! تعاملنا مع التاريخ باعتباره مكياجاً لعجوز تريد أن تراهق حين أحببنا الحياة..وتعاملنا معه باعتباره سيفاً وحصاناً وصحراء حين طلبنا الموت ..!
نحن لا نغربل التاريخ يا سادة..نحن أصلاً لا ننظر خلفنا في كلّ خطوة نخطوها ؛ لذا كلّ طعناتنا جاءتنا من الخلف بل من ألف خلف..!
يجب أن يخرج جيل منّا يفكّ عقدة التاريخ لدينا..كي لا نظل نقول قولة (أبو فريز) : وَلَكْ هو أنا إلي تاريخ..؟!.