شرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً قالت فيه إن السلطات الصحية لم تعد قادرة على إحصاء #ضحايا #الحرب بسبب تدمير #المستشفيات، ما يعني أن الكثيرين يموتون بدون أن يعرف أحد بهم.
وفي التقرير الذي أعدته مارغريتا ستانكاتي وعبير أيوب جاء أن وزارة الصحة الفلسطينية في #غزة لم تعد قادرة على تسجيل الموتى، فالمستشفيات وخدمات الطوارئ والاتصالات لا تعمل إلا بالقدر اليسير. كما أن إخراج الجثث من البنايات المنهارة يعتبر مهمة ضخمة وليست أولوية في وقت تستمر فيه الحرب.
وتركت حرب السبعة أشهر أثرها على سكان غزة، حيث تقول السلطات الصحية إن أكثر من 34,000 شخص قتلوا، وشرد أكثر من 1.5 مليون نسمة من سكان غزة، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. وتم قبول أرقام الفلسطينيين، التي شكك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن بداية الحرب، حيث يستخدمها خبراء الأمم المتحدة والمسؤولون الأمريكيون وبعض المسؤولين الإسرائيليين. لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إن الأرقام لم تعد دقيقة بدرجة كبيرة نظراً لوجود مصاعب في جمع البيانات، وعدم قدرة المستشفيات وغرف الطوارئ على العمل. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية مدحت عباس: “في البداية كان لدينا نظام وكانت هناك مستشفيات”، و”كانت فرق الدفاع المدني قادرة على إخراج الناس الذين علقوا تحت الأنقاض، ثم انهار كل النظام”.
باتت تعتمد الوزارة في تقدير أعداد الضحايا على شهادات العائلات، لقطات الفيديو فيما بعد الهجمات والتقارير الإعلامية، كما يقول عباس. ولن تعرف الحصيلة الحقيقية للضحايا إلا بعد فترة طويلة، حيث هناك آلاف من الأشخاص الذين دفنوا تحت الأنقاض، ودفنوا في مقابر بدون شواهد، حسب السلطات الصحية وشهود العيان والأمم المتحدة.
وتقول الصحيفة إن عملية يتم التخطيط لها ضد مدينة رفح، حيث لجأ إليها أكثر من مليون شخص، قد تدفع أعداد الضحايا إلى مستويات عليا. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، في غزة والضفة الغربية، ريك بيبركورن: “نعتقد، وللأسف، إنها موثوقة، ولن أفاجأ في النهاية أن يكون هناك سوء تقدير”، في تعليق على إحصاء الضحايا في القطاع.
وشكّك رئيسُ الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو بأرقام وزارة الصحة بذريعة أنها تحت “حماس”، ولهذا فهي ليست مصدراً موثوقاً للبيانات.
وفي وقت شكّك معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى [معهد بحث يميني] بالطريقة التي يتم فيها تصنيف الأرقام بين الرجال والنساء والأطفال بعدد أقل للرجال، يرى الجيش الإسرائيلي أن التقديرات الفلسطينية للحصيلة الإجمالية للقتلى صحيحة بقدر كبير. ويزعم الجيش أنه قتل ما بين 11,000 – 13,000 من مقاتلي “حماس”. كما يزعم أنه قُتل مدنيان مقابل كل مقاتل، ما يعني أن الرقم قريب من أرقام وزارة الصحة. وتقول “حماس” إن ما بين 6,000 – 8,000 من مقاتليها قتلوا، وترى الولايات المتحدة والمصريون أن الرقم الحقيقي للمقاتلين الذين سقطوا في المواجهات هو بين تقديرات “حماس” والإسرائيليين. ووصل عدد القتلى الفلسطينيين في آذار/مارس إلى 30,000 شخص، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال إن العدد قد يكون أعلى. وقال الأدميرال دانيال هغاري: “لا أرفض ولا أشكك برقم 30,000″، لكنه رفض تقديرات الصحة الفلسطينية بأن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن أحداً من الطرفين ليس لديه فكرة عن العدد الحقيقي للقتلى. وتقول الصحيفة إن مستوى الدمار الذي أحدثته إسرائيل أدى لشجب دولي، وأثار تظاهرات الجامعات الأمريكية، وعقّد من فرص إعادة انتخاب بايدن في تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي الأيام الأولى للحرب أعدّت وزارة الصحة قوائمها بشأن الضحايا بناءً على بيانات توفرها المستشفيات وتشاركها بها إلكترونياً، لكن حجم الدمار الذي حدث لاحقاً جعل من هذه المهمة صعبة. ولم يتبق سوى 11 مستشفى، من بين 36 مستشفى في القطاع تعمل ولكن بقدر قليل. وهناك 6 مستشفيات ميدانية، وعدد أقل من سيارات الإسعاف لكي تصل في الوقت المناسب إلى الضحايا. والنتيجة هي أن عدداً قليلاً من القتلى سينقلون إلى المستشفيات، حيث يتم الإبلاغ عنهم عبر القنوات الرسمية.
وفي بداية نيسان/أبريل، بدأت وزارة الصحة نظام إبلاغ إلكتروني، واستبياناً تستخدمه عائلات الضحايا لكي تقدم المعلومات عنهم. وبعد ذلك يتم فحص المعلومات والتأكد منها بما هو معروف عن ضحايا الحرب. إلا أن الضحايا في غزة لا يتم الإبلاغ عنهم، فقد قال مصطفى حمدان (38 عاماً) من مدينة غزة أن خمسة من أفراد عائلته قتلوا ولم يبلغ ولا عن أيّ واحد منهم. وقال: “أعرف عن استبيان وزارة الصحة، لكن ليس لدي تغطية إنترنت حتى أضيف أفراد عائلتي”. ويعمل حمدان في الدفاع المدني، وكانت مهمته منذ بداية الحرب هي انتشال الناس من تحت الأنقاض بعد الغارات الجوية. وفي كانون الأول/ ديسمبر، شارك في مهمة لإنقاذ ضحايا غارة جوية، وعندما وصل اكتشف أن البيت هو بيت عائلته. واندلعت النيران في البيت، ولم تكن هناك مياه لإطفائها، وقتل والده وشقيقاه وزوجة أحد أشقائه.
ولا تتوفر لا المعدات الثقيلة لتنظيف الأنقاض، ولا حتى الوقود لتشغيلها. وعادة ما يستخدم عمال الإنقاذ أيديهم، أو المعدات البسيطة مثل المعاول والمجارف لإخراج الناس، وعندما لا تكون هناك فرصة لإخراج الأحياء يتركون، كما يقول حمدان.
وأضاف أنه أخرج، مع زملائه، جثثاً لم يستطيعوا التعرف عليها، و”قررنا دفنهم بعد أخذ صور لوجوههم من أجل التعرف عليهم بعد الحرب”.
وقدّرَ خبراءُ في الاستشعار عن بعد في جامعتي نيويورك وجامعة ولاية أوريغان أن نسبة 57% من مباني غزة تضرّرت، أو دمرت بالكامل. وكان مستوى الدمار أكبر في شمال غزة، حيث تقول الأمم المتحدة إن عمليات تنظيف الأنقاض التي تراكمت ستمتد على سنوات وعشرات الملايين من الدولارات. وهناك 10,000 شخص تقول وزارة الصحة إنها لم تستطع التعرّف عليهم، ومن بين الذين تم التعرف عليهم 40% من الرجال، و 20% نساء و 32% أطفال، أما البقية فهم كبار في العمر رجالاً ونساء.