ولكل جنبٍ مصرع

ولكل جنبٍ مصرع

أ.د. #خليل_الرفوع
إلي أخي أبي محمد : أ.د. #مصلح_الطراونة

أخط هذه الكلمات وقد بلغ #الحزن منك مداه، وشطرَك الفقد أشطرا، وفي يد الأسى تصدعتْ كبدك بفقد خليلك وخالصتك.
في وداع من نحب يا صديقي تكون اللحظات سلاسل من علقم حنظلي مر مذاقتُه ، فكيف في وداع ابن قد ملأ فؤادك طفولة وفتوة ورجولة، ويكأنه أصبح فارغا يوم طواه فجع محمد، قد عرفتُه ذاتَ زمان بهيج طفلا ملأك بشرا وفرحا وملأتَه حبا وحنانا.هم يا صديقي كذلك يملؤوننا نفحا وأملا وطيبا ولا يغادرون أحشاءنا وأمانينا أبدا.
ما كنت أحسبني أعزيك بالكلمات بعد أن عزيتك ببحة صوت صفي ذات غروب إلا بعد أن قرأتْ عواطفي ما نثرتَ من وجع في فقد حبة قلبك أمير الراحلين وقد أورق غصنه واخضرّ عوده، واستودعتَ الله روحه وبدنه وأحلامه إذ تواخاه حمام الموت وعجل إليه وأودى قبل أوانه، وما المنايا إلا رُصّدًا للفتى، ليكون جارا لرب عظيم شاء غير مشيئتك وأراد غيرَ إرادتك، إنه هو العليم الحكيم، ولن ينقطع منه الرجاء بالمغفرة والرحمة والدعاء .
أبا محمد للذاكرة سبل طبعت على الكدر ونحن نريدها صفوا خالصا ، قد يشيخ بعضها وتنكسر الظهور بفقد أم أو أب أو ابن أو زوج لكن الدعاء والصبر الجميل خير ما يبثه العبد المؤمن للمعبود، وكلٌّ مبتلى على قدر إيمانه، وأعلم أن الحزن شيّب ذؤابتك والدمع بين جفنيك عصي طيّع، والولع قد أثقل أنفاسك، والتذكر يرخي سدوله على صدرك ليمحصَ أبوتك وليبتليك بعد أن خرج محمد قبلك وقبلنا من سجن الدنيا وكدرها، بيد أن الأسى سيبقى ما بقي الدهر فحكم المنية في البرية جارٍ، لكن ثمة حياة وبِشر في حبات فؤادك أقصد ولدك وأهلك أجمعين ولا ييأس من روح الله مؤمن صبور.
أخي أبا محمد لرثاء الأبناء في الأدب العربي شعرا ونثرا أبواب واسعة لعل رثاءك كان بابا مؤصدا من قبلُ فشرعته بكلماتك المحزونة بما فيها من وجع وصور وبوح ليكون إضافة جميلة كمصطبرك الجميل، وتعلم أن هناك من أصيب بمصيبة ضياع وطن أو فقد أهل أو أسرة كاملة أو عدد من الأبناء لكن لا ملجأ من الله إلا إليه، وإذا المنية أقبلت لا تدفع .
وأتذكر قصيدة أبي ذؤيب بعيد فقد أربعة من أبنائه دفعة واحدة؛ ففيها للمكلوم حسن عزاء، وأختم بحسن القول وأبلغه(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)
رحمةُ الله وصلواته على قرة قلبك محمد وآنسَه بدمعك ودعائك وجمعكم به في مستقر رحمته وظل عرشه، فهو الآن من الباقيات الصالحات بعد أن كان من زينة الحياة الدنيا وبهجتها، والله المستعان على كرب كل مبتلًى وجعل البلاء مصطبرا والشدة رحمة والغروب صبحا .

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى