ولا عشرة على الشجرة / جروان المعاني

ولا عشرة على الشجرة

دوما نسمع الحكماء يقولون (عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة) ثم تطورت الحكمة وانطبقت على كل ما يدعو للقناعة، واليوم يمكننا القول (خياره في اليد ولا عشرة على الشجرة) والخيار عموما يحتاج للدفء كي ينمو وهو يتمدد افقياً لآنه من النباتات القرعية وتعمل الأوراق على حماية الثمرة من اشعة الشمس المباشرة .
جئت بهذه الحكمة غير العظيمة في محاولة لإقناع اصحاب العلاقة في كل ما يتعلق بإضراب المعلمين وحقوقهم، أو بممرات الباص السريع جدا، وحتى استجواب الكونغرس الامريكي فيما يتعلق بنفوق عشرة كلاب بوليسية بظروف غير انسانية في الاردن، ولك ان تعدد ما تشاء عزيزي القارئ من الامور المطلوب منا الوصول بها الى قناعة توافق عليها حكومتنا الرشيدة.
تمشي الايام وتتعسر الاحوال الاقتصادية للناس، وتزداد النقاشات حدة بين الحكومة والمعلمين ويكاد المجتمع ينقسم على نفسه في ظل اعلام ممنهج يدعو الى الضغط على المعلم ليعود الى صفوف التدريس، فتارة يتم باسلوب التهويش وتارة اخرى يستخدم اسلوب المراوغة، وكذلك الباص السريع جدا الذي جعل عمان ابطأ مدينة على الارض والسير في طرقاتها ممل جدا، حيث لا حل يلوح في الافق للخلاص، ولعلنا لا نذهب بعيدا اذا شبهنا الحالة بحبات الخيار التسعة الباقية على الشجرة والتي ان لم تقطف في الوقت المناسب ستنمو وتصبح غير صالحة للأكل الا اذا تم تخليلها، بعكس قضية الكلاب البوليسية العشرة التي سيتم توفير بيئة مناسبة لها بناء على رغبة امريكا .!
ان الحديث عن الخيارات المتاحة دوما يصطدم بالإمكانات الضئيلة الممكنة فضرورة زيادة عدد السجون في البلد يتساوى مع ضرورة زيادة عدد المدارس، وضرورة ايجاد حل سريع للاختناق المروري بعمان يتساوى الى حد ما مع ضرورة مجابهة قرار نتنياهو بضم غور الاردن لدولة الاحتلال، وخياراتنا هنا ايضا تصطدم بقلة الامكانات حيث يكاد الدين العام يأكل الموازنة وما يتبقى بالكاد يغطي النفقات الجارية من رواتب دون احتساب رواتب النواب الجديدة وهو خيار من النوع السهل هضمة .!
قد يعتقد البعض ان اقحام موضوع الخيار هنا جاء من باب السخرية وهو امر بعيد عن الصحة، فتلك الخيارة التي في اليد يمكن استخدامها على عدة اوجه وهي حمالة تأويلات يمكن من خلالها اغلاق فم كل من يطالب بإيجاد منفذ لتلبية مطالب المعلمين من غير ان نضطر لاستخدام الخيارات التسعة الباقية كشكل من اشكال العقوبة الشبيهة بفكرة الخازوق العثماني..!
قال الحكيم ايضا (من قلة الادب تباهيك المتكرر بنعمة تملكها، امام من يفتقدها) فالدولة التي تتباها بالأمن والامان في حين شوارعها تحصد الارواح ومعلموها وموظفيها بشكل عام يفتقدون الامان الوظيفي وتبحث في كل الوسائل لحل ازماتها من جيوب الفقراء هي حكومة فقدت بوصلتها مع علمنا الاكيد ان موضوع الكلاب البوليسية قضية انسانية لكنها ابدا لا تتساوى بالأهمية مع قضية الفقر والجوع الذي يطارد الناس.
وعليه فاني اختم بقول حكيم ان (العب بالمقصقص حتى يجي الطيار ) مقولة لا مكان لها هنا فقد ارعب الصياد الطيور التسعة اللواتي على الشجرة والخيارات التسعة صار من الضروري استخدامها ولو أدى الامر الى إعلان الاحكام العرفية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى