#ولادة #حزب_حاكم في #الدولة_الأردنية
موسى العدوان
بمناسبة الإعلان عن ولادة حزب جديد من رحم الدولة هو ” حزب الميثاق الوطني ” الذي يضم أعضاء من #وزراء وأعيان ونواب عاملين في سلك الدولة ومتقاعدين، تذكرت قصة الأحزاب في بريطانيا أمّ الديمقراطية الرائدة، وكيف مارست أحزابها الحكم منذ ما يزير على قرنين. جاء ذلك في كتاب الأستاذ الدكتور محمد الحموري في كتابه ” المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح سياسي حقيقي “، اقتبس منه ما يلي :
” وبالنظر إلى أن الفصل بين السلطة والمُلك، قد تكامل في بريطانيا خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، فقد كان وضع #الملك ( #جورج_الثالث ) في الممارسة غريبا بين #ملوك_أوروبا الذين يمارسون السلطان المطلق. ونصحته بطانته أن يموّل مرشحين في الانتخابات البرلمانية اللاحقة، مؤكدين له أن من سيمولهم، سيحصلون على أغلب مقاعد البرلمان، وعندها سوف يعيدون له سلطاته التي افتقدها.
وأخذ الملك بنصيحة البطانة، وأنفق أمواله لتمويل الحملات الانتخابية لمن رشحهم، لكنه بفضل قيام الحزبين بتوعية الناس بخطة الملك وبطانته للعودة للسلطان المطلق، فإن الشعب الإنجليزي أفشل الخطة، ولم ينجح أحد من مرشحي الملك. وأُسقط بيد الملك الذي خسر سلطانه وماله، فأصابه نوع من نوبات الجنون الذي أصبح يراوده بين حين وآخر.
وشعرت #بطانة_الملك باضمحلال نفوذها، الأمر الذي دفعها إلى الاتفاق مع الملك، على القيام باتصالات سرّية باسمه مع أعضاء البرلمان، لاستمالتهم والتأثير عليهم. وعندما اكتشف الحزبان ذلك، أصدر البرلمان عام 1783، قانونا ينص على أن كل من يحاول التأثير على أعضاء البرلمان، بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك الملك، يُعتبر مرتكبا لجريمة من الدرجة الأولي ويستحق عقابها.
وهكذا استقرت في عهد جورج الثالث الذي مات عام 1820، جميع العناصر الأساسية للملكية الدستورية والنظام البرلماني. فقد استقرت قاعدة الشعب مصدر السلطة، وقاعدة الفصل بين السلطة والمُلك، وقاعدة تلازم السلطة والمسؤولية.
ومن حيث آلية عمل هذا النظام، فقد استقر مبدأ تداول السلطة على أساس #نظام_حزبي، تتناوب فيه #الأحزاب على الحكم، بحيث يشكل الحكومة حزب الأغلبية، ويراقب أداءه حزب الأقلية كحزب معارضة، وأصبح وجود النظام الحزبي متطلبا سابقا لتأليف أي حكومة. وشكلت القواعد المذكورة وآلية العمل توازنا دقيقا في بنيان الملكية الدستورية في النظام البرلماني، وعلى نحو يؤدي اختلال أي منها إلى افتقاد هذا النظام “. انتهى الاقتباس.
- * *
التعليق :
بعد أن تمت الموافقة على التعديلات الدستورية الأخيرة، من قبل مجلس الأمة الأردني بشقيه، وتحول الحكم لدينا من نيابي ملكي إلى ملكي رئاسي، يستحوذ على جميع السلطات دون شريك، فكيف يمكن أن يمارس الحزب الحاكم الجديد والأحزاب المشابهة، عملها في غياب القواعد الديمقراطية، والتي تنص على أن الشعب مصدر السلطة، والفصل بين السلطة والمُلك، وتلازم السلطة والمسؤولية ؟
ألا يؤدي هذا التعديل الدستوري، وتشكيل حزب أعضاؤه من السلطة الحاكمة، يأتمر بأوامرها ويوجه من قبلها، إلى اختلال في بُنية الحكم، في دولة اجتازت مئويتها الأولى بقوة وأمان ؟
التاريخ : 22 / 1 / 2022